انتشرت هذه الأيام عبر وسائل التواصل الاجتماعي والصُحف اليومية التهاني والتبريكات للأبناء الذين نجحوا في الانتقال من مرحلة دراسية لأخرى، وانتشرت الأفراح في مجتمعاتنا بشكل كبير وامتدت إلى البيوت وأماكن العمل ومؤسسات التعليم، والتعبير عن الفرح والسعادة أمر يستحقه كل من نجح من بعد معاناة شديدة استمرت لعام دراسي كامل من المثابرة والدراسة والمراجعة ومذاكرة الدروس بشكل يومي، هناك أسر كثيرة أغدقت في التعبير عن سعادتها بنجاح ابنائها فاشترت لهم الهدايا وإقامة الاحتفالات الاسرية سواء كان داخل البيوت أو في أماكن عامة.
في ذات الوقت هناك إحساس بالألم والندم شعر به الذين لم يهتموا بالدراسة وقضوا العام الدراسي في (الوناسة) والترويح عن النفس بدون ضبط للأولويات، وهناك أيضا أولياء أمور لم يكونوا سُعداء كباقي الآباء والأمهات لأن أبناءهم لم ينجحوا ولم يحصلوا على النتيجة المرجوة، البعض منهم قد يشعر بعقدة الذنب لأنه لم يفعل شيئا كما الآباء والأمهات الذين وضعوا أبنائهم في سلم الأولويات، وكانوا يشاركوا أبنائهم الاهتمام بالدراسة والوقوف على احتياجاتهم المادية وحتى النفسية والمعنوية التي تساعدهم في الاستيعاب الأكاديمي للدروس.
للأسف الكثير من الآباء والأمهات لا يدرون أن متابعة دروس أبنائهم تزيدهم شعور بالثقة في أنفسهم وبقدراتهم، وبالتالي يؤثر ذلك إيجاباً على صورة الأبناء الذاتية ويُعزّز من اعتزازهم بأنفسهم، ويحفزهم ابداعيا، بالتالي كل هذه الايجابيات تجعل الطالب يقبل على الدراسة بحب وشغف لإدراكه بأن نجاحه الشخصي هو سلم للصعود للأمام والمستقبل المشرق، كما هو نجاح لكل الأسرة الصغيرة والكبيرة معا، وان مذاق النجاح جميل وطيب يأتي للطالب بالهدايا القيّمة المحفزة من الوالدين ومن باقي الأسرة الكبيرة، ولهذا فإن فرحة النجاح لا تعادلها فرحة أبدا، هي فرحة مجتمع كامل وليس فرحة شخص واحد.
قديما قال الشاعر:
(نعم الإله على العباد كثيرة وأجلهن نجابة الأبناء).
بيت الشعر هذا تداولته الألسن منذ عقود طويلة من الزمان لأن معناه رائع وجميل، ويقصد الشاعر بـ(النجابة) حسن أخلاق الأبناء، وهي من النِعم التي ينبغي على الإنسان أن يشكر الله سبحانه وتعالى عليها، ويقول أحد الكتاب في تحليله لهذا البيت الشعري أن نجابة الأبناء لا تتنزل من السماء ولا شي نحصل عليه بالصدفة، هي إجتهادات وجملة تداخلات بين عوالم كثيرة، أهمها وأبرزها الدور التربوي الكبير الذي تقوم به الأسرة ممثلة في الوالد، والوالدة، والجد، والجدة بالإضافة إلى المدرسة، والمجتمع أيضا، وغيرها من مكونات البيئة المحيطة بالأبناء، ما يعني أن الأبناء يستمدون الأخلاق من التربية الأسرية في المقام الأول، فإذا غاب هذا الدور التربوي لا نجاح ولا نجابة ولا يحزنون، بل فشل ذريع يؤثر في المجتمع بشكل أو آخر، لكن في المقابل فإن زيادة أعداد الناجحين ترتقي بالمجتمع في كل جوانبه وتحفز النشء على الإقدام إلى التعليم والارتباط بالمدرسة.
كل التهاني والتبريكات للأسر البحرينية والمقيمة والطلبة الناجحين ولكل الذين اجتهدوا في دراستهم وحققوا مبتغاهم موفقين إن شاء الله في المراحل الدراسية المقبلة..اللهم آمين.
هذا الموضوع من مدونات القراء |
---|
ترحب "البلاد" بمساهماتكم البناءة، بما في ذلك المقالات والتقارير وغيرها من المواد الصحفية للمشاركة تواصل معنا على: [email protected] |