العدد 6120
الخميس 17 يوليو 2025
banner
الشائعات في زمن الأزمات: السلاح الخفي الذي يهدّدنا.. فكيف نواجهه؟
الخميس 03 يوليو 2025

في ظلّ الأحداث الإقليمية المتسارعة التي تشهدها منطقتنا، تتصاعد وتيرة الصراعات، وتتعالى في المقابل نداءات السلام، ويعيش الأفراد حالةً من القلق وعدم اليقين نتيجة هذه الأزمات؛ فتنكشف مواقفهم المتباينة: بعضهم يُظهر وعيًا مجتمعيًّا ويسعى للحفاظ على تماسك المجتمع، بينما يساهم آخرون في تأجيج الفوضى من خلال نشر الإشاعات الكاذبة والأخبار غير الموثوقة. وفي خضمّ هذه التوترات، يصبح العقل الإنساني أكثر عرضةً للانفعالات، خصوصًا حين يغيب المصدر الرسمي للمعلومة أو يتراجع دور التوعية المجتمعية، وعليه: تبرز الحاجة الملحّة إلى ترشيد استيعاب الأخبار وتعزيز روح القيم والمسؤولية الفردية؛ فهما الوسيلتان الأمثل لمواجهة الأزمات والحدّ من آثارها السلبية.

ومع اشتداد وطأة الأزمات، تتفاقم الشائعات والأخبار الكاذبة، فتصبح كالنار في الهشيم، تنتشر بسرعة هائلة لتصل إلى ملايين الناس في غضون ثوانٍ معدودة، متحوّلةً إلى سلاح غير تقليدي يهدّد السلم المجتمعي، لا سيما في هذا العصر الحديث الذي أصبحت فيه وسائل التواصل الاجتماعي ساحة خصبة لبثّ الأخبار المضللة؛ حيث تستغل فئات معينة سواء من المنحطين سفلة المجتمع، أو أصحاب الأجندات الخاصة هذه الأزمات لتضليل الرأي العام، إما عبر نشر معلومات زائفة عن تطورات الأحداث، أو عبر إثارة الهلع بين الناس، والأخطر من ذلك أن بعض هؤلاء يحظى بمتابعة واسعة، لا سيما بين الشباب، ليصبح مصدرًا مشبوهًا للمعلومات وقدوة مضلّلة.

وفي ظل التأثيرات النفسية الصعبة (الخوف، القلق) والحاجة الملحة للمعلومات أثناء الأزمات، يصبح الأفراد – خاصة الشباب – أكثر عرضة لتصديق هذه الشائعات الضارة، التي تفاقم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والنفسية سوءًا، وتُعَطِّل جهود احتواء الأزمة بشكل كبير. وهنا تكمن الخطورة الحقيقة: إذ تتحول الشائعة من مجرد كلمات إلى سلاح تدميري يُهدد تماسك المجتمع وتُعيق جهود الجهات الرسمية المبذولة لاحتواء الأزمة وتهدئة النفوس.

لذلك، فإن مسؤولية إدارة أي أزمة تقع أولًا على عاتق الجهات الرسمية، التي يجب أن تؤدي دورها في تخفيف آثار الأزمات عبر آليات متعددة منها: توفير المعلومات الدقيقة والشفافة في الوقت المناسب، وتنفيذ خطط الطوارئ الفعالة، وحماية الأمن الوطني والاقتصادي والاجتماعي، فضلاً عن مواجهة مروّجي الفتنة والإشاعات بحزم لا صارم وفقًا لأحكام القانون.

ولقد اتخذت حكومتنا الموقرة خطوات جبارة في هذا المجال؛ حيث أطلقت وزارة الداخلية "المنصة الوطنية للحماية المدنية"، وهي منصة متكاملة تهدف إلى تعزيز الأمن والسلامة في المملكة، وتتيح هذه المنصة للمواطنين والمقيمين الوصول السهل إلى المعلومات المتعلقة بسلامتهم، كما تساهم في رفع مستوى الوعي الأمني في المجتمع عبر تقنيات حديثة، لتكون بذلك خطًا دفاعيًا متينًا ضد تداعيات الأزمات ومروجي الأخبار المغلوطة، ومصدرًا موثوقًا يُعتمد عليه في أوقات الشدة.

إن التحديات التي تفرضها الأزمات تتطلب منا جميعًا، أفرادًا ومؤسسات، أن نرتقي بوعينا ومسؤوليتنا؛ فالمعلومة الصحيحة هي درعنا الحقيقي في مواجهة الخطر، وواجبنا أن نكون طرفًا في الحل، لا سببًا للمشكلة.

هذا الموضوع من مدونات القراء
ترحب "البلاد" بمساهماتكم البناءة، بما في ذلك المقالات والتقارير وغيرها من المواد الصحفية للمشاركة تواصل معنا على: [email protected]
صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية