العدد 5684
الثلاثاء 07 مايو 2024
banner
احمد عبدالله الحسين
احمد عبدالله الحسين
نادر شاه خان.. نابليون الشرق
الأحد 07 مايو 2023

هكذا سماه المستشرقون لبلوغ أثره نابليون الشرق، وهذا حسب منظورهم رغم ما أنتاب هذه الشخصية من ملابسات واحداث طالت الكثير، ولاقى عرب سواحل الخليج العربي بجهتيه أذى وعدوان. الحديث عن نادر شاه الذي حكم بعد الدولة الصفويه له تفصيل يطول، ولمعرفة ذلك نذكر؛ كانت الثورات في الحكم داخل السلالة الصفوية، فيه تنافس وانغماس الحكام في الملذات، وفي زمن الحاكم الشاه حسين ابن سليمان شاه وحفيد عباس الثاني الذي انتهى حكمه عام 1722م، يُذكر انه ضغط خلال حكمه على بلاد الافغان لتحويلهم قسرا عن مذهبهم، وهذا أثار الافغان فزحفوا اليه بجيش قوي بقيادة مير محمد الافغاني فهزموا الشاه حسين وأعدموه إلا أن الافغان بعدها أُخرجوا من بلاد فارس استمرت سلطة الصفويون بعدها وهي على ضعف، الذي فيه انتقل الحكم الى عباس الثالث ابن طُهْمَاسب الثاني الملقب بالرضاع، لتوليه المنصب رضيعا بعد خلع والده، واستمر بالحكم بشكل صوري الى ان انتهت الدولة الصفويه التي حكمت لاكثر من قرنين.
على يد نادر شاه خان عام 1736م، وهو كان قائدا عسكريا بجيش الصفويين من قبيلة تركمانيه يُدعون الأفشاريين، ويعتبر نادر مؤسس الدولة الافشارية التي تُنسب الى اسم قبيلته التركمانية، وكان لها دور في مجريات التاريخ الإيراني، بل وأسهمت في وصول الصفويين إلى حكم فارس. 

نادر شاه بعدما حكم تمكن من إقصاء الطقوس الصفوية وأبرزها التكفير للخلفاء الراشدين وزوجات النبي. نادر شاه (1688-1747)م شكل مع قبيلته قوة رئيسية في جيوش الصفويين، بل ساهم في اخراج الأفغان الذين اجتاحوا ايران عام 1720م، وهو يُعتبر من عظماء من حكموا الفُرْس كما تصفه كُتب التاريخ، وحمل على عاتقه اعادة الحكم في بلاد فارس من حكم الافغان. نادر شاه جعل مدينة مشهد(طوس) في خراسان قاعدته لمقاومة الافغان، وإخراجهم من إيران فتم له ذلك عام 1730م حيث مدّ بعدها سيطرته على كافة البلاد الفارسية، ثم أعلن نفسه شاه سنة 1736م.

في عهد نادر شاه الذي امتد من 1736م الى 1747م اصبح لإيران هيبتها، وذلك بفضل جيشها التركماني القوي امتدت دولته من العراق غربا حيث انتزعها من العثمانيين الى بلاد الافغان شرقا، وكذلك اجزاء من بلاد ما وراء النهر واخترق بلاد السند (باكستان) متوغلا فيها ايضا، وفي شمال الهند تم له ذلك بمساعدة وتبعية من القسم التركي حيث تقطن قبائل البشتون التركيه. 

المؤرخون يذكرون أن نادر شاه في حقيقة أمره قبليا أميَّا لغته الأم هي التركية، وكان يرى نفسه فاتحا اسيويا على غرار تيمورلنك. 

شهد عهد نادر شاه قليلا من السلم، وكان ميالا الى القسوة والاستعباد داخل ايران وخارجها، وكان أول عمل قام به بعد السيطرة على ايران هو قيادة حملة ضد قندهار الافغانية عام 1736م رغم ان حاكمها قد اعترف بسيادة نادر. بعدها هاجم الهند المغولية عام 1738م إذ هزم الجيش الهندي في لاهور ثم دلهي، وأحدث مذابح فيهما وقبل رجوعه الى إيران دخل جيشه بخارى وخوارزم واحتلها. 

اتصفت علاقة نادر شاه بالعثمانيين بحالات المد والجزر في صيف عام 1743م حاصر مدينة الموصل، بعدها اتجه الى ضريح الامام علي في النجف لضمها الى سيطرته.  

والتاريخ حفظ استهداف نادر شاه مشيخات وامارات الخليج العربي حينما تحالف مع بريطانيا وهولندا عام 1731م لأخذ الدعم العسكري. كان بر فارس الذي نشأ بتوطن قديم للعرب فيه والذي حاول الشاه تفريسه بالقوة عبر نقل سكانه العرب بعيدا إلى بحر قزوين وإحلال الفرس مكانهم. لكن احلامه فشلت بصمود العرب الذي لهم انتشار في لنجة وما جاورها من مقاطعات مثل بندر عباس، وأبو موسى، وجاسك، وخمير، وقشم، أو بلدات مثل شيبكوه، وجارك، وغابند، وكنك، ومغوه،ودركهان، وبوجير، وبلوه، أو قرى صغيرة مثل تشاه مسلم، وتشاه عبدالرحمن، وبستانه، وسورو، وجنكل، ودوان، ودزكان، وكندران، وشناص، وبيسّه، وهرمند، ورستمي، وغيرها.

في العراق حاول التقارب مع علمائها بإرسال هدايا الى مراقد ابي حنيفة وعبدالقادر الكيلاني وتذهيب مرقد الامام علي، وكذلك دعى لعقد مؤتمر عام يجمع فيه ابرز العلماء السنة والشيعة من اجل الوحدة الاسلامية، والتقريب بين الطائفتين فحرر بنفسه قرار يقول فيه "إننا قررنا وجوب رفع السب وعدم تفضيل الصحابة بعضهم على البعض الاخر، وكل من يخالف هذه الوثيقة ويعيد السب فانه يستحق غضب الشاه".

حينما رجع نادر شاه من النجف لإيران وجد تحديات، فدفعته شدته للقضاء على كل من يناؤه حتى تخوف منه مقربيه وعائلته لشعورهم صعوبه التنبئ بأفعاله. بعدها استغل بعض القادة الفُرْس في حرسه الخاص، وبتحريض من متعصبي المذهب الفارسي نصبوا له كمينا وقتلوه في خيمته عام 1747م.
وهكذا مات نادر شاه مكروها ومُهابا حتى قالوا فيه شعرا شعبيا؛ 
مساءا كان رأسه مشغولا
بالسلب والنهب 
وفي الفجر كان بلا رأس
ورأسه بلا تاج 
بتصريف من تصاريف السماء
الزرقاء لم يبقى لا نادر 
ولا نادريّ

هذا الموضوع من مدونات القراء
ترحب "البلاد" بمساهماتكم البناءة، بما في ذلك المقالات والتقارير وغيرها من المواد الصحفية للمشاركة تواصل معنا على: [email protected]
صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .