+A
A-

موظف مدان يطعن في “دستورية” عدم صرف معاشه التقاعدي

حكمت المحكمة الدستورية في طعن موظف سابق بوزارة الداخلية، والمدان بقضية جنائية في واقعة تلقي رشوة والتزوير في محررات رسمية، إذ كان يطالب المحكمة بإلزام وزارة الداخلية وصندوق التقاعد العسكري بصرف معاش تقاعدي له ولأبنائه الأربعة القُصَّر باعتباره الولي الطبيعي لهم، بعدما تم إنهاء خدماته، حتى يتمكن هو وأسرته من العيش الكريم؛ وذلك بعدم قبول طعنه، نظرا لثبوت ترك المدعي للدعوى أمام محكمة الاستئناف بطلب تقدم به وكيله الذي طلب التنازل عن طلباته الموضوعية وكذلك شطب الدعوى، حيث كان قد طعن على نص مادة بقانون تنظيم معاشات ومكافآت التقاعد لضباط وأفراد قوة دفاع البحرين والأمن العام مدعيا أنها تتعارض ومبدأ العدالة والمساواة بين الموظفين في القطاعين العام والخاص.

وأشارت المحكمة في حيثيات حكمها إلى أنه بتاريخ 20 مايو 2019، ورد إلى الأمانة العامة للمحكمة الدستورية ملف الدعوى، بعد أن قضت فيها المحكمة الاستئنافية العليا المدنية الثالثة بحكمها الصادر بتاريخ 30 أبريل 2019، بوقف نظر الدعوى، وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية، للفصل في دستورية نص المادة (43) فقرة (1) بند (ب) من المرسوم بقانون رقم (11) لسنة 1979، بإصدار قانون تنظيم معاشات ومكافآت التقاعد لضباط وأفراد قوة دفاع البحرين والأمن العام.

وقدم وكيل المستأنف في الدعوى الموضوعية مذكرة طلب في ختامها الحكم بعدم دستورية نص المادة سالفة البيان، وقدم ممثل جهاز قضايا الدولة مذكرة طلب فيها رفض الدعوى.

وقالت المحكمة إن وقائع الدعوى تتحصل في أن المدعي - بالدعوى الموضوعية - عن نفسه وبصفته الولي الطبيعي على أولاده الأربعة القصر قد أقام الدعوى أمام المحكمة الكبرى المدنية، مختصما المدعى عليهما وزارة الداخلية وصندوق التقاعد العسكري، طالبا الحكم: بإلزام المدعى عليهما بصرف راتبه التقاعدي من تاريخ إنهاء خدماته لدى المدعى عليها الأولى الحاصل بتاريخ 28/4/2014، حتى يتمكن هو وأسرته من العيش الكريم كما لأمثاله من أبناء وزارة الداخلية، مع إلزامهما المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.

وبجلسة 31/12/2018 أصدرت المحكمة الكبرى المدنية حكمها برفض الدعوى، وألزمت المدعي بالمصاريف، لكنه لم يرتضي ذلك الحكم فطعن عليه أمام محكمة الاستئناف العليا المدنية مرددا طلباته السابقة، وبجلسة 30/4/2019، وعملا بنص المادة (18) فقرة (ب) من المرسوم بقانون رقم (27) لسنة 2002، بإنشاء المحكمة الدستورية، أصدرت محكمة الاستئناف العليا حكمها بقبول الاستئناف شكلا وقبل الفصل في الموضوع بوقف نظر الدعوى وبإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية للفصل و دستورية نص المادة (43) فقرة (1) بند (ب) من المرسوم بقانون رقم (11) لسنة 1979، بإصدار قانون تنظيم معاشات ومكافآت التقاعد لضباط وأفراد قوة دفاع البحرين والأمن العام.

وجاء بأسباب حكم محكمة الاستئناف أن المستأنف قضي بإدانته بحكم نهائي وبات عن جريمتي الرشوة والتزوير بمحرر رسمي، وكان نص المادة سالفة البيان يتعارض مع مبادئ العدالة والتضامن الاجتماعي والشرعية والمساواة والحق في العمل المنصوص عليها في المواد: (4)، (5/ج)، (13)، (18)، (20)، (31)، (119) من الدستور، تأسيسا على حرمان المستأنف من معاشه التقاعدي أو المكافأة عن سنوات خدمته السابقة، وباعتبار أن المعاش التقاعدي يقوم في أساسه على اقتطاع جزء من أجر العامل أو الموظف أو الفرد ذخرا لقادم أيامه وصرفه له عند الشيخوخة أو المرض أو البطالة، فضلا عن أن ذلك النص يهدر مبدأ المساواة المنصوص عليه في المادة (18) من الدستور بين الضباط وأفراد قوة دفاع البحرين والأمن العام وغيرهم من العاملين والموظفين سواء الخاضعين لأحكام قانون العمل أو قانون الخدمة المدنية.

وحيث إن محكمة الاستئناف العليا المدنية طلبت في حكمها الفصل في دستورية نص المادة (43) فقرة (1) بند (ب) من المرسوم بقانون رقم (11) لسنة 1979، بإصدار قانون تنظيم معاشات ومكافآت التقاعد لضباط وأفراد قوة دفاع البحرين والأمن العام، إلا أن صحتها هو نص المادة (50) فقرة (1) بند (ب) بمقتضى المرسوم بقانون رقم (20) لسنة 1991، بتعديل بعض أحكام القانون سالف الذكر.

وأضافت أنه لما كان قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن المصلحة الشخصية المباشرة - وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية - مناطها أن يقوم ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة والدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الحكم في المسألة الدستورية ذا أثر في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها.

وتابعت: إن الدعوى الماثلة قد اتصلت بالمحكمة الدستورية بطريق الإحالة القضائية للفصل مدى دستورية المادة (50) فقرة (1) بند (ب) سالفة البيان، والثابت من الأوراق أن وكيل المستأنف (المدعي) تقدم بطلب بتاريخ 11/6/2019، أمام محكمة الموضوع - بسند وكالة يجيز له التنازل عن الدعوى - مقررا التنازل عن طلباته الموضوعية كما طلب شطب الاستئناف، وعليه قررت ذات المحكمة تحديد جلسة لنظر الاستئناف، وبجلسة 4/7/2019، طلب وكيل المستأنف إثبات ترك الخصومة، ولم يمانع ممثل المستأنف ضدهما في ذلك، وبالفعل حكمت المحكمة بإثبات ترك المستأنف لاستئنافه وألزمت المستأنف بالمصروفات.

وبجلسة 23/10/2019، أمام المحكمة الدستورية لم يحضر المدعي أو وكيله، وحضر ممثل عن جهاز قضايا الدولة وأفاد بأن المدعي قد ترك الخصومة أمام محكمة الموضوع، وحيث أنه لما كان ما تقدم وكان الثابت للمحكمة أنه ليس ثمة موضوع يمكن إنزال القضاء الصادر في الدعوى الدستورية عليه بصدور الحكم من محكمة الاستئناف العليا بإثبات ترك المدعي للدعوى الموضوعية، وهو أمر وثيق الصلة بالمصلحة وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية، الأمر الذي تنتفي معه المصلحة الشخصية والمباشرة للمدعي في الدعوى الماثلة ويتعين الحكم بعدم قبول الدعوى، فلهذه الأسباب حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى.