+A
A-

“الكبرى الجنائية”: الإعدام للمدان بقتل الشرطي وجدي صالح قرب “كونتري مول”

أدانت المحكمة الكبرى الجنائية الرابعة أمس، متهمًا من أصل 32، بقتل الشرطي وجدي صالح وإصابة آخرين شرطة ومدنيين في تفجيرين وقعا بالقرب من مجمع “كونتري مول” على شارع البديع بمنطقة أبوصيبع، وبإجماع الآراء؛ وذلك بإعدامه عما نسب إليه من اتهامات، مع الأمر بإسقاط الجنسية البحرينية عنه.

كما عاقبت المحكمة 13 متهمًا بالسجن المؤبد، وبسجن 8 مدانين لمدة 15 عامًا، كما قضت بسجن شابَين لمدة 5 سنوات، وحبست اثنين آخرَين لمدة 3 سنوات؛ نظرًا لصغر سنهما.

فيما برأت المحكمة 6 متهمين مما أسند إليهم بجميع الاتهامات، وبررت ذلك بعدم القبض على أي منهم بموقع الجريمة وبعدم كفاية الأدلة ضدهم. وأسقطت المحكمة الجنسية عن 24 مدانًا آخرين بالإضافة للمحكوم بالإعدام، كما ألزمت 22 متهمًا بالتضامن فيما بينهم، بدفع مبلغ وقدره 690 دينارًا قيمة التلفيات بدورية الشرطة المتضررة بالواقعة، وكذا بإلزامهم متضامنين بدفع مبلغ وقدره 2094 دينارا و200 فلس قيمة تلفيات سيارتين مملوكتين لأفراد مدنيين كانوا من المارين على الشارع لحظة حصول التفجيرين، فضلًا عن الأمر بمصادرة المضبوطات.

 

أسباب البراءة

وأوضحت المحكمة في حيثيات حكمها أنه عما نسب للمتهمين الستة المبرئين من جميع بنود الاتهام الواردة بأمر الإحالة، فإنها وهي بصدد تقدير أسانيد الاتهام التي قدمتها النيابة العامة تدليلًا على ارتكاب المتهمين للواقعة والمتمثل في أقوال شهود الإثبات، لا ترقى إلى اطمئنانها وثقتها، ولا ترقى إلى مرتبة الدليل المعتبر في الإدانة؛ لما أحاطها من شكوك وريب وما أصابها من اضطراب يجعلها بمنأى عن ارتياح وجدان المحكمة آية ذلك:

1. أن أيًّا من المتهمين سالفي الذكر لم يضبط بمسرح الواقعة متلبسًا بارتكابه الواقعة، سواءً تلبس حقيقي أو حكمي، كما أنه لم يضبط أي منهم حائزًا أو محرزًا أدوات أو آلات أو به علامات أو آثار تفيد مساهمته في هذه الجريمة.

2. أن أيًّا من المتهمين الذين تم سؤالهم بتحقيقات النيابة العامة وأمام هذه المحكمة والذين اعترفوا بالواقعة في حق أنفسهم وحق متهمين آخرين لم يذكروا أسماء هؤلاء المتهمين أو مشاركتهم معهم في الواقعة أو مساهمتهم فيها أو الانضمام إلى هذه الجماعة الإرهابية.

وأكدت المحكمة أنه وبهذه الأسباب فقد خلت الأوراق من أي دليل يقيني على ارتكاب أي من المتهمين فعلًا يدل على أنهم تدخلوا في ارتكاب الواقعة، بأن أتوا عمدًا عملًا من الأعمال المكونة لها يعد بدءًا في التنفيذ أو أنهم أتوا عملًا على مسرح الجريمة وقت ارتكابها يعد وفقًا لتوزيع الأعمال والأدوار دورًا رئيسًا وذلك مع توافر نية المساهمة أو التداخل.

ولما كان من المقرر أن الأحكام الجنائية يجب أن تبنى على الجزم واليقين من الواقع الذي يفرضه الدليل المعتبر، ومن ثم فلا يصح أن تبنى المحكمة عقيدتها على عقيدة حصلها الضابط من تحريه، لا عقيدة استقلت المحكمة بتحصيلها بنفسها، ولاسيما أن التحريات لا تعدو أن تكون رأي صاحبها وتخضع لاحتمالات الصحة والبطلان والصدق والكذب، خصوصا أن مجريها جهل مصدرها، ومن ثم فالمحكمة لا تطمئن إليها وتطرحها، مما تنتهي معه المحكمة إلى القضاء ببراءتهم مما نسب إليه عملًا بالمادة (255) من قانون الإجراءات الجنائية.

 

ظروف التخفيف والتشديد

وقررت المحكمة أن أعضاءها أجمعوا على إيقاع عقوبة الإعدام بحق المتهم الثالث؛ وذلك جزاءً لما اقترفه من جرائم ثابتة في حقه، ومن ثم فقد صدر الحكم عليه بهذه العقوبة بإجماع الآراء.

وأشارت إلى أنه ونظرًا لظروف الدعوى وملابساتها وحداثة سن 11 متهمًا، فلما كانت الظروف المشددة المنصوص عليها في المادة (3) من القانون رقم (58) لسنة 2006 بشأن حماية المجتمع من الأعمال الإرهابية والمعدل بالمرسوم بقانون رقم (20) لسنة 2013، وكان العذر المخفف المنصوص عليه بالمادة (70) من قانون العقوبات متوافر في حقهم، وكانت تلك الأعذار والظروف المتعارضة متفاوتة في أثرها، وكان للمحكمة أن تغلّب أقواها تحقيقًا للعدالة، ومن ثم فإنها قررت تغليب الظروف المشددة وتأخذهم بقسط من الرأفة عملًا بحقها المخول لها بمقتضى المواد (70، 71، 77) من قانون العقوبات.

لكنها بشأن 12 متهمًا آخرين، أفادت بأنه ونظرًا لظروف الدعوى وملابساتها وحداثة سن المتهمين المشار إليهم، فإنها تأخذهم بقسط من الرأفة عملًا بالمادة (72) من قانون العقوبات.

 

وقائع القضية

وأوضحت المحكمة حسبما جاء في حكمها أن واقعة الدعوى تتحصل في قيام المتهمين من الأول وحتى الرابع، فيما بينهم بإنشاء وإدارة جماعة إرهابية بهدف القيام بأعمال إرهابية وإحداث تفجيرات واستهداف أفراد الشرطة وقتلهم، وتمكنوا من ضمّ المتهمين من 5 وحتى 22 و28 و29 و30 إلى هذه الجماعة، والعمل لتحقيق أهدافها.

ولفتت إلى أن المتهمين الأربعة الأوائل اتفقوا على القيام بواقعة تفجير، لاستهداف رجال الأمن وقتلهم، وأعدّ المتهم 3 لهذا الغرض عبوتين متفجرتين وقاموا بزرعهما بمقربة من بعضهما البعض عند الحواجز الأمنية بالقرب من مركز تجمع الدوريات الأمنية بمنطقه أبوصيبع.

واتفق الأربعة الأوائل مع المتهمين من 5 وحتى 22 و28 و29 و30 على قيام بعضهم بعملية المراقبة، وقيام الآخرين بالتجمهر لإثارة رجال الأمن واستدراجهم إلى مكان زرع العبوتين المتفجرتين، وبالفعل تجمعوا في مساءً يوم الواقعة عند مدخل منطقة كرانة بالقرب من مجمع “كونتري مول” وتم تزويد 6 متهمين وكذلك المتهم الحدث بهواتف نقالة للقيام بعمليه المراقبة.

وعلى إثر ذلك قام باقي المتهمين بالتجمهر حاملين زجاجات المولوتوف وما أعدوه من أدوات لهذا الغرض وقاموا بإغلاق الطريق وإثارة أعمال الشغب لاستدراج رجال الأمن، وتحقق ما سعوا إليه وقام أحد أفراد المراقبة بإبلاغ المتهم الأول بقدومهم والاقتراب من مكان زرع العبوات المتفجرة، فقام المتهمان الأول والثالث بتفجير العبوتين عن بعد، مما نتج عنه مقتل الشرطي وجدي صالح محسن من قوة شرطة حفظ النظام، وإصابة المجني عليهم الآخرين، فضلًا عن حدوث أضرار بعدد من السيارات.

 

اعترافات مدان

وفصّلت المحكمة اعترافات المتهم الأول، الذي قرر بتحقيقات النيابة العامة من أنه قبل حصول الواقعة بأيام عدة، وبناءً على اتفاق تم بينه وبين المتهم الرابع، تقابلوا مع المتهمين 2 و3 بإحدى المزارع، وحينها أخبرهم المتهم 3 بأنه سوف يتم تفجير عبوتين في “الديرة”، عن طريق جماعة “سرايا المختار” وأنه سوف يتسلم مبلغ من المال، وقبل انصرافهم قام بإعطاء المتهمين الأول والثاني مبلغ 50 دينارا كمقدم للقيام بهذه الواقعة.

وأضافت أنه وبعد أيام عدة، طلب المتهم الرابع من المتهم الأول مقابلته خلف “البراحة الجنوبية”، فتوجه إليه وكان كل من المتهمين 3 و4 و6 موجودين، واستقلوا سيارة المتهم 6، وتوجهوا إلى إحدى الغرف القديمة بمنطقه بندر كرانة القديم، وأحضروا حقيبتين سوداوين، كان بكل منها قنبلة متفجرة، وتم وضعهما في السيارة، ثم توجهوا إلى مزرعة أخرى بمنطقه كرانة وتركوهما فيها.

وقبل الواقعة بيوم واحد تقابلوا جميعًا مرة أخرى وتوجهوا إلى مكان إخفاء الحقيبتين، وقام كل من المتهمين 1 و3 بحملهما وتوجها مترجلين إلى الشارع العام، حيث قام المتهم 4 بعمل حفرتين بجوار الحواجز الأمنية التي يحتمي بها رجال الأمن ثم قام المتهمان 1 و3 بوضع القنبلتين ودفنهما بهما وانصرفوا عقب ذلك، ثم قام المتهم 3 بإعطائه جهاز تحكم عن بعد (ريموت)، وقرر له بأنه سوف يعطيه إشارة في حال وجود رجال الشرطة.

وأضافت أن المتهم الأول اعترف بأنه بعد صلاة المغرب من يوم الواقعة توجه برفقة المتهمين 2 و15 إلى “حوطة” قديمة خلف “البراحة الجنوبية” وقاموا بحمل عدد من زجاجات “المولوتوف” وقاموا بوضعها خلف بيوت بمقدمة منطقة كرانة، وفي الساعة 7:30 مساءً تجمع هو و10 متهمين وآخرين ملثمين، ثم قام كل من المتهمين 7 و18 باستلام هاتف نقال منه.

وتابعت، أن المتهم السابع تولى المراقبة من أعلى الجبل الكبير المطل على الشارع العام، وتولى الآخر المراقبة عند وادي السلام، ثم قاموا جميعًا بإغلاق مدخل كرانة بجذوع النخل والحجارة والطابوق، ثم قاموا بإلقاء زجاجات “المولوتوف” على إحدى الدوريات الأمنية الموجودة بالقرب من الشارع العام، ثم حضرت دوريات أخرى.

وعند حضور رجال الشرطة والوقوف خلف الحواجز الأمنية هبط المتهم الأول من الجبل وتوجه ناحيتهم وقام بالضغط على زر جهاز التحكم فوقع الانفجار على الفور، ثم قام المتهم الثالث بعدها بقليل بتفجير القنبلة الأخرى ثم هربوا جميعًا.

وأكد المتهم الأول أنه بعد يومين من الواقعة تواصل معه المتهم 4، والذي أبلغه عن وجود مبلغ 100 دينار في ظرف بالقرب من منزله، فتوجه لاستلامه، مبينًا أن المتهم الثالث هو من أسّس هذه الجماعة بغرض تنفيذ عمليه التفجير.

 

لائحة الاتهامات

وكانت النيابة العامة أحالت المتهمين الـ32 للمحاكمة على اعتبار أنهم خلال الفترة من العام 2013، وحتى 28 أغسطس 2015، ارتكبوا الآتي:

أولًا: المتهمون من 1 وحتى 4: أنشأوا وأداروا على خلاف أحكام القانون جماعةً، الغرض منها تعطيل أحكام الدستور والقوانين ومنع إحدى مؤسسات الدولة والسلطات العامة من ممارسه أعمالها وكان الإرهاب من الوسائل التي تستخدم في تحقيق وتنفيذ الأغراض.

ثانيًا: المتهمين من 5 وحتى 31: انضموا وآخرون مجهولون، وآخر حدث، إلى الجماعة الإرهابية موضوع التهمة السابقة، بأن قبلوا الانخراط في صفوفها والمشاركة في أنشطتها ومخططاتها وهم يعلمون بأغراضها الإرهابية.

ثالثًا: المتهمين من 1 وحتى 27:

1. قتلوا وآخرون مجهولون وآخر حدث الشرطي المجني عليه وجدي صالح محسن من قوة شرطة حفظ النظام عمدًا مع سبق الإصرار.

2. شرعوا وآخرون مجهولون وآخر حدث في قتل عدد من أفراد الشرطة وكذلك 3 أشخاص مدنيين، عمدًا مع سبق الإصرار، وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهم فيه هو مداركه المجني عليهم المشار إليهم بالعلاج.

3. أحدثوا وآخرون مجهولون وآخر حدث تفجيرين بقصد تنفيذ غرض إرهابي.

4. استعملوا وآخرون مجهولون وآخر حدث عمدًا المفرقعات استعمالًا من شأنه تعريض حياة الناس وأموال الغير للخطر.

5. أتلفوا وآخرون مجهولون وآخر حدث أملاكًا عامة مخصصة لمصلحه حكومية وأخرى مملوكة للغير.

6. حازوا وأحرزوا وآخرون مجهولون وآخر حدث بغير ترخيص عبوتين متفجرتين.

7. اشتركوا وآخرون مجهولون وآخر حدث في تجمهر بمكان عام مؤلف من أكثر من 5 أشخاص.

8. حازوا وأحرزوا وآخرون مجهولون وآخر حدث عبوات قابله للاشتعال “مولوتوف” بقصد تعريض حياة الناس وأموالهم للخطر.

رابعًا: المتهم 32: أخفى بنفسه 3 متهمين مع علمه بتورطهم في الجرائم المسند إليهم ارتكابها.