+A
A-

تجار: رسوم الأنشطة “القشة التي ستقصم ظهر البعير”

ضج تجار وأصحاب مؤسسات صغيرة ومتوسطة من رسوم الأنشطة الجديدة التي أعلنت عنها وزارة الصناعة والتجارة والسياحة أمس الأول، إذ اعتبروها “القشة التي ستقصم ظهر البعير”.

وقالوا لـ “البلاد” إن “الحمل زاد عن حده، وما عادوا قادرين على الاستمرار، فرسوم هيئة سوق العمل من جهة، ثم الصحة، فرفع أسعار الكهرباء والماء، مرورا بالقيمة المضافة، والآن رسوم الأنشطة، كلها مجتمعة ستقضي على تجارتهم وتدفعهم للخروج من السوق”.

وتساءلوا عن التوقيت هل هو مناسب أم لا في ظل الركود الاقتصادي وتعثر الأسواق وضعف القوة الشرائية.

واستغربوا من تناقض القرارات والتوجهات بين الضرائب والرسوم من جهة، وبين برامج دعم صغار التجار ورواد الأعمال من جهة أخرى.

وأعلنت وزارة الصناعة والتجارة والسياحة أمس الأول عن الرسوم الجديدة الخاصة بالأنشطة، وقالت إنها ستدخل حيز التنفيذ اعتبارا من 22 سبتمبر 2017.

وستدفع الرسوم سنوياً مع تجديد القيد من خلال نظام “سجلات”، فيما سيبقى رسم القيد والبالغ 50 دينارا على حاله.

وقسّم القانون السجلات ورسومها بحسب نوع النشاط، إذ تبدأ من 25 دينارا في الأعمال الصغيرة وتصل إلى 1000 دينار بالنسبة للأنشطة الصناعة والإنشائية والعقارية.

فيما يبلغ رسم تجديد السجل بالنسبة للأنشطة التجارية 300 دينار و200 دينار للأنشطة الداعمة للصناعة، و100 دينار للأنشطة الداعمة للإنشاء والعقار والأنشطة الخدمية واللوجستية، و50 دينارا للزراعية والحيوانات والصيد.

وقال رئيس جمعية البحرين لتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة أحمد السلوم إن “الرسوم الجديدة تشمل 75 % من الأنشطة التي تمارسها المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والتي حددها القرار ما بين 25 دينارا و100 دينار على عكس الماضي حيث كانت صفرا”.

وذكّر السلوم بقرار صدر عن وزير الصناعة والتجارة والسياحة في الأول من يناير 2016 فصل فيه قيمة القيد عن قيمة النشاط في كل سجل، والذي لم يع أحد وقتها ماذا يعني، الآن اتضحت الصورة، فالقرار يشير إلى أن تجديد السجل (50 دينارا) باقية كما هي، في حين يضاف عليها المبالغ المحددة في كل نشاط.

وبين أن قطاع الصغيرة والمتوسطة الأقل من بين القطاعات الأخرى في حجم الرسوم حيث تراوحت بين 25 دينارا و100 دينار.

واعتبر القرار سيضر بالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي تعاني أصلا من تردي الأحوال، حيث سيرفع ذلك من كلفة الإنتاج وبالتالي من الأسعار (...) هناك ركود وانخفاض بالقوة الشرائية.

وتوقع السلوم أن تصاب الأسواق بركود إضافي، حيث ستنتظر المؤسسات على مختلف أنشطتها إلى ماذا سيحل بالسوق، ما يعني غياب لرأس المال وللبضاعة والسلع في آن واحد.

ودعا أصحاب الأعمال إلى ضرورة إعادة جدولة سجلاتهم وشطب كل النشاطات التي لا يحتاجونها حتى لا يتكبدوا رسوما وأموالا إضافية.

وأكد السلوم أن جمعيته ومجموعة من التجمعات التجارية ذات العلاقة تسعى للتوصل إلى اتفاق يقضي بإعادة النظر بالقرار وبالأسعار أو تأجيله على أقل تقدير.

وقال خبير اقتصادي فضل عدم ذكر اسمه إن الحافز الأساسي من فرض هذه الرسوم هو زيادة إيرادات الدولة في القطاع غير النفطي لسد عجز الميزانية، وهي تضاف على العديد من الإجراءات التي تم اتخاذها بهذا الخصوص كضريبة القيمة المضافة مثلا.

وأوضح أن الخيارات أمام عجز الميزانية محدودة، كما أن هذه الإجراءات ستكون إيراداتها قليلة وقد لا تفيد العجز أو المديونية.

وبين أن الموضوع ينظر إليه من زاويتين الأولى من منظور الاقتصاد الجزئي، وهنا طبعا فيه مضرة على أصحاب المؤسسات والتجار، وكان الأجدر بفرض رسوم بعد عملية الإنتاج.

أما إذا أخذناه من منظور الاقتصاد الكلي فهناك أولوية للمحافظة على التوازنات الكلية بالاقتصاد والتي من أهم عناصرها توازن الميزانية والحساب الجاري واستقرار الأسعار والتوازن كذلك في معدل البطالة ونسبة النمو.

وتابع “لكن تبقى الميزانية العامة في رأس قائمة الأولويات، والجميع يعلم أن هناك اختلالا في الميزانية من جراء تراجع أسعار النفط، لذا هناك حاجة لتعزيز الإيرادات غير النفطية والتي تكون من خلال الرسوم والضرائب على السلع والخدمات”.

وزاد “هنا على صاحب القرار المفاضلة بين هذين المنظورين بحسب الأولوية، (...) الظروف الاقتصادية صعبة وعلى الجميع تحمّل جزء من المسؤولية”. واعترض عثمان عبدالفتاح وهو صاحب مؤسسة عقارات وإنشاءات على الرسوم الجديدة بشدة، واعتبرها القشة التي ستقصم ظهر البعير، حيث ستؤدي إلى خروج العديد من المؤسسات من السوق.

وأضاف “الحالة صعبة والظروف الاقتصادية ليست بالمستوى المطلوب، وفوقها يضاف علينا رسوم جديدة، (...) 1000 دينار الآن قياسا بالمجان سابقا!”.

وتابع عبدالفتاح “رسوم استرداد كلفة إنشاء البنية التحتية البالغة 12 دينارا عن كل متر مربع، والآن رسوم النشاط، والعام المقبل رسوم القيمة المضافة، ولا نعلم ماذا بعد، (...) كيف سنستمر، كيف سنتحمل هذه الأعباء؟”.

وأكد أن “شركته صغيرة وبالكاد قادرة على مجاراة السوق، معتبرا القرار انه نوع من التخبط وجاء في الوقت غير المناسب. وتساءل: هل ستسد هذه الرسوم عجز الميزانية؟”.

من جهته قال صاحب كراج لتصليح المركبات محمد مهدي إن “الرسوم الجديدة والتي ستصل إلى نحو 300 دينار بالنسبة لنشاطه ستضر بعمله الذي بالكاد يحقق بعض الفائدة بشكل مباشر وقد تقضي عليه نهائيا”. وأكد “أنه لا يعلم كيف سيتدبر أمره مستقبلا، (...) رفع رسوم العمل والصحة على العمالة مؤخرا قصم ظهورنا، تبعها كلفة الكهرباء التي صعدت بشكل كبير، والآن رسوم الأنشطة”. وأوضح أن “العمل بظروفه الطبيعية غير مجد، فكيف الآن مع هذه الرسوم، الأفضل التصفية والخروج من السوق والبحث عن وظيفة تؤمن راتبا شهريا ثابتا”. وأبدى مهدي استغرابه من القرارات التي تأتي متضاربة، فهنا نسمع بدعم المؤسسات الصغيرة وأصحاب المهن ورواد الأعمال، وبرامج تمكين وغيرها، في حين نرى رسوما وضرائب وكلفا إضافية، (...) بصراحة لا أستطيع قراءة الموقف!. من جهته قال رجل الأعمال محمود النامليتي في بيان إن الرسوم ستضاعف أعباء التجار في ظل الركود الاقتصادي وضعف القوة الشرائية ودخول الأسواق في حالة من الكساد.

ودعا إلى ضرورة قيام غرفة صناعة وتجارة البحرين بالدفاع عن مصالح التجار، فضلا عن قياس الأثر السلبي لهذه الرسوم على الأعمال.

وأكد النامليتي أن الرسوم الجديدة ستترتب بنهاية المطاف على المواطن أو المستهلك النهائي.

من جهتها اعترضت رئيسة جمعية سيدات الأعمال فريال ناس على الرسوم الجديدة واعتبرتها غير منصفة وستشكل عبئا إضافيا على التاجر البحريني. وأوضحت أنه من غير المنطقي أن تتوحد الرسوم على جميع المؤسسات سواء كانت كبيرة أو صغيرة، (...) سيتضرر التجار أصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بشكل كبير. وتساءلت: هل من المعقول أن تدفع مؤسسة رأسمالها مليون دينار نفس الرسوم التي تدفعها أخرى رأسمالها 20 ألفا؟

ودعت ناس إلى ضرورة إعادة النظر بالقرار أو أقلها بحجم هذه الرسوم، موضحة أنها تتفهم أن الدولة لديها عجز بالميزانية وتسعى لرفع الإيرادات غير النفطية لكن يجب أن يكون ذلك بحدود المعقول. وأشارت إلى أن هذه القرارات من شأنها إخراج العديد من المؤسسات من السوق، فضلا عن أنها ستلغي أي خطط نحو التوسع. ودعت ناس سيدات الأعمال اللواتي يملكن نحو 28 % من إجمالي السجلات التجارية في المملكة إلى إعادة هيكلة مؤسساتهن من خلال دمج بعض السجلات والأنشطة كحلول عملية للتقليل من المصاريف.

وفي ردها على سؤال حول إذا ما تمت مخاطبة الوزارة حول القرار، قالت ناس إن جمعيتها إلى الآن لم تبحث الموضوع مع الوزارة لكنها عادت لتشير إلى أن القرار قديم نسبيا لكنه طبق حديثا.

وأوضحت أن التكاليف الجديدة سيتحملها بنهاية المطاف المستهلك النهائي لأنها بكل تأكيد سترفع الأسعار تماشيا مع ارتفاع كلفة الإنتاج.