أنا من عشاق الخط العربي، رغم أن خطي يحتاج إلى مفاتيح أبواب سرية لفهمه، وبصورة عامة نادرا ما نستخدم القلم في حياتنا الآن، فقد تسيد “الكيبورد” كل صغيرة وكبيرة وانتزع القلم ورماه في بركان من اللهب، ولم يعد يستخدم إلا في التوقيع الشخصي.
في صحيفة “البلاد” لدينا خطاطان، الزميل علي جمعة، والزميل كميل عاشور، ودائما أتحدث معهما عن أصول هذا الفن والعلم الذي يجب نقله إلى الأجيال المتعاقبة، وفي لقائي معه في العام 2017 ذكر الزميل علي جمعة أن هذا الفن الأصيل مظلوم في مملكتنا الغالية، علميا وعمليا وإعلاميا، وأود أن يتم تدريسه بشكل منهجي في المدارس حفاظا عليه من الاندثار، فبعض الدول سبقتنا في ذلك بفتح معاهد ومراكز خاصة لتعليمه.
كان الخط العربي مادة تدخل في المناهج التربوية الدراسية في الماضي إن لم تخن الذاكرة، ولها درجات تحسب ضمن معدلات النجاح والرسوب، وكنا نجد في كل “فريج” خطاطا يكتب الرسائل للمحبين والعشاق، وعلى قمصان الفرق الرياضية، وحتى على الجدران، على اعتبار أن الخط ليس فنا سهلا، إنما له تقنياته الصناعية والعلمية وأي طالب يحتاج إلى تعليم وتدريب ليتقنه، أما اليوم فنجد أن فن الخط يكاد ينقطع عن حياتنا، ونجد الفنانين الشباب على اختلاف مشاربهم ومدارسهم بعيدين تماما عن هذا الفن، بالإضافة إلى أن الرواد الباقين على قيد الحياة من رعيل الفنانين الكبار ابتعدوا، والبعض اكتفى بتقديم دورات وورش تدريبية لطلبة المدارس في البرامج الصيفية والمراكز، وهي خطوة جيدة، لكنها ليست كافية لإعادة هيبة الخط العربي بعالمه الفني الجمالي الكامل، فالجهود مبعثرة ورحم الله الخطاط الكبير عبدالإله العرب الذي قال لي في أحد المعارض التشكيلية في لقاء عابر قبل سنوات.. لدي إحساس أن هذا الفن سيغدو يتيما مستقبلا.
* كاتب بحريني