+A
A-

فيلم "Caged" كشف الجوانب الإنسانية وتفجيرها

يذهب "بيسفيد" إلى أنه يلزم لكي يتم للقصة السينمائية كيانها الدرامي أن يستقطب الجمهور أو بالأحرى اهتمامهم حول بطل يجد وراء هدف يرغب في الوصول إليه ويستحق منه ما يبذله من جهد، وهذا ما فعله المخرج والكاتب الأمريكي "ارون فيلمان" في فيلمه الجديد "سجين" الذي يعرض حاليا على شبكة نتفليكس، حيث قدم شخصية البطل دكتور هارلو "أدى جانجي" الذي اتهم بقتل زوجته ويسجن في سجن انفرادي لفترة طويلة ربط بين التكوين الجسمي والسلوكي، فأبدع في رسم تمزق الشخصية بين ما كانت، وما يمكن أن تكون، وبذلك يفقد التوازن بافتقاد العدل، وانتصار التعذيب النفسي الذي تمارسه الحارسة "ميلورا هاردن" على الحياة، ومن ثم تكفر شخصية البطل د هارلو بالتقاليد والأعراف والقيم والمبادئ، وتتعلق بمعجزة هي امتداد للمستحيل المترامي، حتى أنه أراد التوقيع على مذكرة اعتراف تفيد بأنه قاتل زوجته للخلاص من جحيم السجن الانفرادي.

ظاهريا تبدو قصة الفيلم عادية، شخص أسود يتهم بقتل زوجته زورا ويزج به في السجن بدوافع عنصرية وعدم اجتهاد المحكمة بما فيه الكفاية، ولكن لو تعمقنا بداخلها سنجد فيها الانضباط واللمعان الفكري والتعبير ذو الخاصية المنفردة، والصياغة في إطار وقالب فني سليم ومناسب، كما أن تأدية دور السجين تحتاج إلى موهبة خاصة وقد وفق المخرج "ارون فيلمان" في اختيار "أدى جانجي" وهو ممثل أمريكي من أصل كيني، الذي تميز بقوة الأداء والتعبير والتنقل ببراعة بين الكآبة واليأس والخوف، وفي جميع المشاهد التي تصل إلى الذروة ثم تقل في كثافتها، كما بدأ واضحا أن المخرج قد استخدم التشطير الداخلي للمشاهد بغية تحفيز الأثر العاطفي للمتفرج، فكل مشاهد الزنزانة متوسطة وقريبة ولقطات جانبية لتصوير البيئة المحيطة بالمشهد وكل هذه اللقطات يمكن أن تكون جزءا من مشهد واحد.

لقد عالج فيلم "سجين" أفكارا اجتماعية أو أفكارا سلوكية مع مواقف وعواطف ومع أوضاع إنسانية من الصعب إبرازها بوسائل أخرى، وهي تميل إلى إشغال المشاهد بموضوع الفيلم وكشف الجوانب الإنسانية وتفجيرها، لتسهم بذلك في مضاعفة التعقيد الدرامي عندما يشتد احتدام الصراع داخل الشخصيات.. شخصية د هارلو وفي الطرف الثاني شخصية الحارسة ومعها مدير السجن، كما كشف الفيلم خفايا النفوس التي تعمل في السجون وما يحتدم فيها من مشاعر وأحاسيس والمفاجآت المحتملة والضعف البشري والسيطرة والخضوع.