العدد 5617
الجمعة 01 مارس 2024
banner
تشبيك العمل الخيري والتطوعي
الجمعة 01 مارس 2024

يجري العمل على قدم وساق في كلّ بلادنا العربية والإسلامية استعدادا للشهر الفضيل، شهر رمضان الكريم، ومعه تنشط جمعيات العمل التطوعي والخيري ويتضاعف الحس الإنساني نحو عمل الخير؛ فيجود المتطوعون بجهودهم النبيلة كما يجود المتبرعون بمالهم؛ إذ يجد رجال الأعمال والتجار في الجمعيات الخيرية ضالتهم المنشودة لتكون وسيطا أمينا بينهم وبين الفئات المستحقة لتلك التبرعات والصدقات.
ولا شكّ أنّ المنظّمات الخيريّة والجمعيات التطوعيّة العديدة في مملكة البحرين، وغيرها من البلاد، تخدم غرضًا وقضية وجمهورًا مختلفًا متحرّكا أي متنقلا من مكان إلى آخر، لذا نادى العديد من المتبرّعين والضالعين في ممارسات العمل الخيري والتطوعي منذ سنوات إلى التنسيق بين هذه الجمعيات سواء في شكل اتحاد أو تنسيقيّة أو غير ذلك، إلى أن تسرّب مصطلح "التشبيك" إلى المجال الاجتماعي ليدعم هذا المقترح ويأخذ في هذا السياق معنى التنسيق والعمل المشترك بين منظمات العمل الخيري والتطوعي من خلال برامج داعمة للعمل الأهلي تشمل الدعم المؤسسي، وتخطيط المشروعات التنموية وتنفيذها والتخطيط المالي والاستدامة المالية وغير ذلك. ويساعد التشبيك بين جمعيات العمل التطوعي والخيري على بناء علاقات تعاون وحوار بين بعضها البعض من جهة، وبينها والجهات المعنية بالدولة من جهة أخرى، إضافة إلى توجيه الجهود والأموال وكل الإمكانيات إلى برامج تنموية استراتيجية طويلة الأمد ذات أهداف واضحة؛ فبعض البرامج التطوعية أو الأعمال الخيرية قد تعجز عن تنفيذها منظّمة واحدة لقصور في إمكاناتها أو خبراتها، لذا لابدّ أن تستعين بشريكاتها في العمل الخيري وتستفيد منها لأنّ الغاية تحقيق هذا المشروع التنموي أو ذاك وليس أن يكون باسم هذه الجمعية أو تلك.
ولا تألو وزارة التنمية الاجتماعية جهدا في توفير الظروف والأطر الملائمة لعمل هذه الجمعيات وتشبيك العلاقة بينها؛ إذْ أطلقت منذ سنوات مركز تطوير العمل التطوعي، وفي 2020 أطلقت المنصة الوطنية للتطوع في إطار مكافحة فيروس كورونا آنذاك.. وتظلّ هذه الجهود المحمودة بحاجة إلى مزيد من الدعم والتطوير، كما تظل الحاجة ماسة إلى تنسيق الجهود بين المنظمات الخيرية ذاتها بشكل مباشر ولا سيما تلك التي تتعامل مع الحالات الاجتماعية سواء من الأسر أو الطلبة أو العمال ضعاف الدخل أو كبار المواطنين وغيرها من الفئات الهشّة المحتاجة للدعم الاجتماعي.
والواقع أنّ هناك تعاونا كبيرا بين الجمعيات التطوعية والمنظمات الأهلية في مملكة البحرين، وقد لوحظ ذلك في مناسبات عديدة كالمشاركة في تنظيم الفعاليات الوطنية الكبرى والحملات التوعوية والإرشادية والمهرجانات وغير ذلك.. لكنّ الدعوة اليوم ملحة لمزيد من تطوير هذا التنسيق أو ربّما عقد مؤتمر وطني للعمل التطوعي يبحث آليات التعاون وفرصه الممكنة بين هذه الجمعيات ولاسيما في مجال تبادل المعلومات.
والواقع أنّ هناك من يعترض على مقترح تبادل المعلومات الخاصّة عن الحالات الاجتماعية، وهذا الموقف محلّ تقدير؛ إذْ إنّ الحفاظ على سرية المعلومات الشخصية والحفاظ على كرامة المستفيد فوق كل اعتبار، لكنّ حدّا أدنى من التنسيق لتبادل هذه المعلومات يظل مطلوبا، كما أنّ وجود هيكل ينسق بين هذه الجمعيات بشكل عصري مرقمن يمكن أن يجنّب العمل الخيري العديد من المزالق ويوفّر فرصا أخرى لتطويره من أجل تنمية وطنية شاملة.
كاتب تونسي ومدير تحرير مجلة البحرين الخيرية

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية