نجحت قمة البحرين التي عقدت في المنامة في أن تجمع كل المطالب والتطلعات العربية المتعددة تجاه القضية الفلسطينية، وأن تحقق إجماعا عربيا لا يمكن الاستخفاف به وبأهميته أو التغاضي عنه. يبدو أن القمة بنتائجها شكلت قطعا للطريق على أغلب الأهداف الإسرائيلية من الحرب على غزة والشعب الفلسطيني، فالقمة عادت للتأكيد على مطلب حل الدولتين على أرض فلسطين، وهذه مسألة مهمة حتى لو رفضتها إسرائيل ولم تتجاوب معها، لأنها تعيد تأكيد الموقف العربي الطبيعي والأكيد وتزيد في إحراج إسرائيل أمام باقي دول العالم، وتترك مجالا وطريقا للحل في المستقبل إذا ما آن أوانه.
لا أحد يتوهم أن المطالب العربية قد تتحقق فورا وبين ليلة وضحاها، لكن المهم أن الدول العربية التي أكدت على حل الدولتين طالبت بقوات دولية تتواجد على الأرض الفلسطينية حتى تحقيق حل الدولتين، وقطعت الطريق على بعض الاتجاهات الدولية والإسرائيلية التي كانت تحلم بإدخال قوات عربية إلى غزة لكي تكون في مواجهة الشعب الفلسطيني، ومن شأن هذا التوجه إحداث شرخ بين الدول العربية والشعب الفلسطيني الذي ينتظر مساعدة الأشقاء من العرب لا مواجهتهم. كما أن أهمية موقف القمة يعود إلى التأكيد على وحدة الشعب الفلسطيني تحت راية منظمة التحرير الممثل الشرعي لهذا الشعب، ورفع الحصار وإيقاف إطلاق النار. كما أن القمة التي دعت إلى فتح كل المعابر، أكدت بطريقة أخرى أنها ضد مخططات التهجير خارج الأرض التاريخية، ومستمرة بالوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني ومساعدته في المستقبل. “المقال كاملا في الموقع الإلكتروني”.
كاتب وأستاذ جامعي من لبنان
صحيح أن كلمة الرئيس الفلسطيني محمود عباس التي انتقد فيها حركة حماس، وعملية اقتحام غلاف غزة، أطلقت مجددا سجال الخلافات الفلسطينية، لكنه في الوقت عينه لم يقفل الباب على المصالحة بل اعتبرها ضرورية ومطلوبة في المستقبل.
إن ترحيب حركة حماس بنتائج القمة لا يمكن الاستخفاف به، إذ إنه يدل على إمكانية المراهنة على توجهات واتجاهات إيجابية بين حماس من جهة والدول العربية من جهة أخرى، ويدل أيضا على تبدل وتحرك لحركة حماس من مكانها السابق المقفل على النقاش مع الآخرين.
إن حركة حماس التي رحبت بالقمة ونتائجها، مدعوة أكثر من أي وقت مضى إلى التقدم خطوات باتجاه باقي الأطراف العربية، لأنها أشعلت هذه الحرب بقرار فردي منها، فيما تلقت نتائج هذه الحرب كل أطراف الشعب الفلسطيني وشعوب المنطقة العربية ككل.
المطالب العربية التي رفعت في القمة ستأخذ وقتها بسبب الرفض والحماية الأميركية لإسرائيل، لكنها ستتحرك أفضل من السابق بفضل تمسك الدول العربية بموقفها وتبدل تعاطيها مع أميركا حيث أظهرت لها أكثر أنها قادرة على الحفاظ على مصالحها المشتركة.
قرارات القمة بسبب حكمتها ودقتها قد تتمكن من جمع كل البحار العربية مع التيارات الدولية المتحركة والمتغيرة في المستقبل، وهي إذا لم تحقق ذلك الآن وفورا، لكنها مهدت الطريق له بإمكانية قوية ومحتملة التحقق بانتظار مواقف باقي الأطراف، خصوصا الموقف الأميركي الذي لن يكون فعالا ومفيدا وواضحا وممكنا، إلا بعد الانتخابات الرئاسية المقبلة التي ستفضي إلى رئيس جديد وإدارة جديدة.
كاتب وأستاذ جامعي من لبنان