مضت 22 سنة على افتتاح جلالة الملك المعظم حفظه الله ورعاه مجلس النواب، في بادرة كان الهدف منها إطلاق مشروع إصلاحي يهدف لإشراك أبناء الوطن في العمل السياسي من رقابة وتشريع وإيصال صوت المواطنين عبر منبر رسمي حر. ففي بداية المجلس سنة 2002 وباعتباره مجلسا حديثا لا يملك الخبرة الكافية تسامح الشارع البحريني مع أدائه لنشاهد تغيرا واضحا سنة 2006 مع دخول وانخراط الجمعيات في المشروع الإصلاحي، هنا شاهدنا التحول في أداء ممثلي الشعب بأسلوب قوي في الطرح ودعم مواضيعهم بإحصائيات تهدف لرفعة الوطن والمواطن.
استمر هذا الحراك الديمقراطي الهادف إلى أن اصطدم بأحداث 2011 التي غيرت الموازين السياسية في مملكة البحرين، فشاهدنا فكرا شاذا من بعض الشخصيات التي لم تتردد في العبث بالسلم الأهلي، فتم اتخاذ الإجراءات الرسمية المناسبة والعادلة من قبل القضاء في مملكة البحرين، وتم إصدار إدانة بحقهم بالإثباتات والأدلة.
سنة 2014 كانت نهاية وجود الجمعيات السياسية، حيث إن المجلس شهد في 2018 تغييرا في تشكيلة أعضائه، حيث سيطر المستقلون على أغلب المقاعد، فقاموا بسحب البساط من تحت الجمعيات السياسية. غياب الجمعيات السياسية أثر على العمل، فالجمعيات تعني وجود أشخاص يقدمون العون والنصح والمشورة للنائب، هذه الأمور تساهم في تقوية دور النائب وتقوية المجلس أيضا.
سؤالي هنا هل وضعت الجمعيات أجندة للمشاركة مرة أخرى في العمل السياسي؟ أم أن عزوفها بالباطن مستمر؟
نشاهد في كل عرس ديمقراطي أعدادا كبيرة من المترشحين في جميع الدوائر، فلماذا لا تتبناهم الجمعيات وتقوم باختيار الأفضل وتشارك في صقلهم وإشراكهم في العمل بشكل أفضل، هذا هو دور الجمعيات السياسية في جميع دول العالم.
إن توجه الشارع البحريني في دعم المستقلين له معان كثيرة، أهمها استياء الشارع من أداء الجمعيات السياسية، فكان المفروض من الجمعيات السياسية دعم المستقلين وزج وجوه جديدة في الساحة والتواصل مع الشارع لمعرفة أسباب العزوف والعمل على الإصلاح، لكن قرار الابتعاد غير الرسمي عن المشهد أتاح المجال لوصول نواب لن ينساهم الشارع البحريني.
ما يتم طرحه في الشارع البحريني من أن مجلس النواب به ضعف بسبب عدم دخول الجمعيات السياسية فيه من الصحة، لكن يجب على من يتبنى هذا التوجه أن يقول كلمة الحق وهو أن الكثير من الجمعيات السياسية هي في الأساس جمعيات دينية هدف تأسيسها نشر الدعوة وجمع التبرعات لمساعدة الفقراء، وهي بعيدة كل البعد عن العمل السياسي، فليس من الضرورة أن يكون إمام المسجد وخطيب الجمعة نائبا في البرلمان، فهو ملم بالأمور الدينية وليس بالعمل السياسي.
كاتب بحريني