العدد 5696
الأحد 19 مايو 2024
شهادات أم مهارات!
الأحد 19 مايو 2024

منظومة التعليم في العالم عموما تتفق جميعها على أهمية وضرورة الحصول على التعليم الجامعي بعد الانتهاء من المرحلة الثانوية، وتحث على عدم الاكتفاء فقط بالحصول على شهادة البكالوريوس، لكن من المهم والضروري السعي للحصول على شهادة الماجستير بعدها كحد أدنى، وهذا النهج تفاعل معه سوق العمل وأصبح يحدد ذلك المسار ضمن الحد الأدنى من شروطه ومتطلباته. وأصبح المؤهل التعليمي هو أحد أهم محددات الراتب والمزايا في سوق عمل شديد التنافس ولا يرحم، لكن هناك نهج جديد ومهم للغاية ولا يمكن الإقلال من تأثيره تقوده منذ ما يقارب 10 سنوات شركات التقنية الحديثة الكبرى مثل آبل وغوغل وأمازون وميتا، نهج مفاده أن المهارات أصبحت أهم من الشهادات الدراسية، وبالتالي أصبحت هذه الشركات تنظر لما لدى المتقدمين للوظائف من مهارات مكتسبة بشكل موثق ومتخصص وبالتالي تقدم لهم العرض المالي اللائق.
هذا النهج المهم الذي تقدمه شركات عملاقة ومؤثرة للغاية أوجدت سوقا لتقديم المهارات بشكل مهني ومحترف ومتقن تقدمه مؤسسات متخصصة عن طريق خبراء متمرسين، وفتح مجالا لمنافسة الكليات والجامعات التي كانت تحتكر التخصصات العلمية التي يحتاجها سوق العمل، ما أجبرها على تخفيض أسعارها وتقديم عروض مغرية للمتقدمين فيها، وذلك بعد أن استشعرت خطورة تهديد منافسة التركيز على المهارات. المنافسة مسألة صحية وتعود دوما لمصلحة المستهلك، فهي تفتح أمامه الخيارات وتجعل الأسعار والتكاليف أكثر عقلانية بالنسبة له. الشهادات لا يمكن الاستغناء عنها ولا يمكن الاستخفاف من شأن المهارات وتأكيد أهمية السعي للحصول عليها لما فيها من إضافة نوعية وقيمة مضافة للمتقدم.
التقنية الحديثة الكبرى طورت أساليب وطرق التعليم والتعلم، ومكنت أعدادا جديدة من راغبي الحصول على العلم، وهي أيضا مكنت العديد من الناس من الحصول على مهارات محددة، والمذهل أننا في أول الطريق من قدرات الذكاء الاصطناعي وإمكانياته وهو وعد بتذليل المزيد من الصعاب للوصول إلى العلوم والمعرفة. المستقبل مليء بالإثارة، لكن المؤكد أن الجهل يبقى اختيارا، فلا عذر اليوم يبعد أحدا عن العلم.
كاتب وإعلامي سعودي

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .