منذ إعلانها كدولة مستقلة في صيف عام 1965 بعد قيام ماليزيا بطردها من الاتحاد القائم بينهما، واضطر الزعيم التاريخي لسنغافورة أن يعلن ذلك الأمر باكيا لشعبه في لقاء تلفزيوني، منذ ذلك التاريخ وسنغافورة تواصل إبهار العالم في كل المجالات بشكل مدهش وصادم لا يتناسب مع حجمها الجغرافي الصغير وعدد سكانها البسيط وتاريخها القصير. ولكنها تفعل ذلك بإبهار فتحصل على أعلى درجات التقييم على مستوى دول العالم في مجال التعليم ونفس الإنجاز حققته في مجال القضاء. ولحقت مجالات أخرى لتتسابق على تحقيق أهم المراتب فحصل ميناؤها البحري على أهم ميناء بحري وصاحب أكبر حركة حاويات على مستوى العالم لسنوات غير قليلة ونفس الشيء تحقق بالنسبة لمطارها الجوي، واحتلت خطوط طيرانها المرتبة الأولى على مستوى العالم لسنوات قياسية وباتت مضرب الأمثال في النجاح والتميز.

ومنظومة التجارة وسهولة الإجراءات فيها جعلتها في المراتب الأولى بين الدول في الجذب الاستثماري ونفس الشيء يقال فيما يتعلق بالأمن والسياحة والتطوير الخدماتي والعمراني. واهتمت بالبيئة الخضراء وتكثيف الرقعة الزراعية في مساحتها المحدودة وتفوقت بقوانين النظافة الصارمة على سائر دول العالم، وبها تعايش مثالي بين أعراق وأديان وثقافات مختلفة يحكم بينهم القانون. تدعم كل ذلك شبكة مواصلات عامة أشبه بالخيال العلمي في فعاليتها، وقاد كل هذا الإنجاز رئيس وزرائها الأول والأهم لي كوان يو الذي قاد بلاده بنجاح مبهر من العالم الثالث إلى العالم الأول في لمح البصر.

واليوم تستقبل سنغافورة رابع رئيس وزراء في تاريخها لتكريس المزيد من الاستقرار والإبهار والإبداع وترفع معها سقف الطموحات والأحلام والأماني والتطلعات وتواصل إدهاش العالم وتذكره بأنها لا تزال إحدى أهم قصص النجاح بين الأمم. سنغافورة جعلت المستحيل ممكنا بالتركيز على التعليم وهو الأمر الذي جعل مدارسها وجامعاتها ومعاهدها وكلياتها تتفوق وتحتل المراتب المتقدمة في التقييم العالمي وتخرج منها قادة وموهوبين ساهموا بشكل فعال وملموس في تحويل بلادهم إلى أيقونة النجاح الأهم.

كاتب وإعلامي بحريني