العدد 5695
السبت 18 مايو 2024
شهادات يهودية صادمة
السبت 18 مايو 2024

بين يدي، أو على الأدق في جهازي الإلكتروني عشرات الشهادات الحية لطلبة وأساتذة وساسة يهود، وقد “سيفتها” في أيام مختلفة من أيام انتفاضة طلبة الجامعات الأميركية، كمصادر أرجع إلى أي منها وقت الحاجة، وكل تلك الشهادات - بلا استثناء - إذ تستنكر بشدة الإبادة الإسرائيلية بحق أهالي قطاع غزة، ترفض أن تحتكر الدولة العبرية التحدث باسم يهود العالم أجمع، خصوصاً حينما يجري الحديث باسمهم لتبرير جرائم الإبادة بما لحق باليهود في “الهولوكوست” التي ابتذلتها الدعايتان الإسرائيلية والغربية أيما ابتذال، وما فتئت تجترهما منذ أكثر من ثلاثة أرباع القرن، ومثلها إشهار الاتهام تجاه صاحب أي موقف مناوئ للجرائم الإسرائيلية بأنه “معاد للسامية”! وهنا بالضبط مكمن حالة الفزع والهستيريا التي تنتاب حالياً حكام إسرائيل وقادة الغرب من انتفاضة طلبة الجامعات الأميركية وسائر الجامعات الغربية؛ لما تنطوي عليه انتفاضتهم من يقظة في الوعي والضمير تقوّض احتكار الإعلام الإسرائيلي والغربي للسردية التي يُراد منها تضليل عقول الملايين من الشعوب الغربية وفرضها لأطول أجل ممكن بلا منازع. ومما لا شك فيه أن هذه اليقظة غير المسبوقة تاريخياً لها أبعاد ونتائج في منتهى الخطورة على مستقبل الدولة العبرية. 
سأستبعد هنا عشرات الشهادات الطلابية، وأكتفي بثلاث شهادات لساسة وفنانين يهود والتي “سيفتها” أيضاً: الأولى هي للمرشح الرئاسي الأميركي اليهودي السناتور بوني ساندرز الذي بالرغم من فقده معظم أفراد أسرته في “الهولوكوست” إلا أنه رفض بحزم وصف كل من يدين “الهولوكوست” الحالية التي ترتكبها إسرائيل بحق غزة بمعاداة السامية. الثانية وقد أدلت بها الناشطة الحقوقية اليهودية الأميركية سوزان بنجامين المعروفة بجرأتها وثباتها على مواقفها المبدئية في نصرة القضية الفلسطينية، ولعل آخر موقف لها في هذا الصدد وقوفها في وجه وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن أثناء كلمة له داخل الكونجرس، حيث صرخت بأن “ما تعرضت له من طريقة اعتقال مخزية لا شيء قياساً لدعمكم جريمة الإبادة في غزة”.

أما الشهادة الثالثة فهي عبارة عن لقاء مع المخرج اليهودي الأميركي، إيرلين اكسلمان الذي عمل مع زميله سام إيلرتسن على مدى سبع سنوات في صنع وإخراج واحد من أخطر الأفلام الوثائقية داخل الولايات المتحدة لعام 2023، إن لم يكن الأخطر على الإطلاق، ويتناول الفيلم الذي جاء بعنوان “العقيدة الإسرائيلية” قصة ما تلقاه شابان يهوديان أميركيان (وهما هنا نفس المخرجين) من تلقين منهجي لرضع العقيدة الصهيونية منذ طفولتهما للولاء الأعمى المقدس للدولة العبرية، وصولاً لصحوتهما على الحقيقة التي زلزلت قناعاتهما حول تلك المسلمات التي كانت راسخة لديهما تجاه الدولة المقدسة، وجاء هذا التحول في ضوء المناقشات المتفجرة والدائرة في المجتمع الأميركي فيما يتعلق بجوهر الآيديولوجيا العنصرية الصهيونية التي أدانتها الأمم المتحدة 1975 بهذه الصفة، وما فتئت تمارسها بحق شعب عربي قيل إنه بلا أرض وبلا قضية. ويؤكد المخرج اكسلمان أن “40 % من اليهود دون سن الأربعين يصنفون إسرائيل بأنها ترتكب جرائم” وأن مئات الألوف من اليهود إنما تشكلت صحوتهم الجديدة على حقيقة مظلومية الشعب الفلسطيني وما ترتكبه إسرائيل بحقه من جرائم، وهذه الصحوة إنما جاءت بفضل “السوشال ميديا”، مضيفاً أن “ما يحدث بحق الفلسطينيين مروع” ونرفض أن يُرتكب باسمنا.

كاتب بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .