العدد 5695
السبت 18 مايو 2024
سوق دمستان “التائهة”!
السبت 18 مايو 2024

يُحكى أن “علياً” اعتاد التأخر عن والده الذي يُدير مرآباً لإصلاح السيارات؛ بحجة التعب الشديد وكثرة الواجبات المدرسية، وفي أحد الأيام، تأثر بكلام أصدقائه الذين تحدثوا عن مدى صعوبة عمل والده في المرآب، حتى انتابه شعور بالذنب وأدرك أنه خذل والده بسبب تكاسله وتأجيل وعوده بالمساعدة. 
وفي اليوم التالي، قرر “عليٌ” التغلب على عادته، بأن استيقظ مبكراً، وتوجه إلى المرآب قبل وصول والده الذي تفاجأ بتواجده، وأخبره بأنه سيكون إلى جانبه حتى ينتهيا من إصلاح جميع السيارات معاً كي يشعر كلاهما بالإنجاز فيه، فيما تعلم “عليٌ” درساً، أن مفتاح الإنجاز يكون بإرادة الفعل دونما تأجيل. 
من المعلوم أن قُرى ومُدن العالم قاطبة لا تخلو أطرافها من منطقة أو سوق شعبية تُعرض فيها التشكيلات الواسعة من البضائع المحلية والخارجية المتنوعة من الخُضار والفواكه واللحوم والأسماك والدواجن وغيرها من المشغولات اليدوية والأكلات والمشروبات بما تُمثله من قوة اقتصادية تدعم شريحة كبيرة من ذوي الدخل المحدود بتنوع زواياها وانعكاسها لجانب مُهم في ذاكرة الحياة الاجتماعية وسط علائق البساطة بين الباعة والمشترين، والتي غالباً ما تنتهي بإرضاء الزبون من جانب، وأنها معلم التراث وذاكرة الوطن المُتوارثة عن الأجداد والآباء، بل وملاذ الشباب من ضيق اليد حين تبضعهم أو تكسبهم. كُل ذلك أو جُله، يحذو فيه الأمل للجميع بالمحافظة عليها وتطويرها وجعلها تراثاً نموذجياً يعج بالحياة بإرادة الفعل الذي يحتفل بالإنجاز ولا يحتمل التأجيل.
نافلة:
“دمستان” التي تعني أرض الذنب واشتُهرت بمسجدها المعروف “أبو رمانة” الذي يتوسط البساتين والبحر، هي إحدى قرى المنطقة الغربية البحرينية التابعة للمحافظة الشمالية، والتي كانت لها الحظوة بالمشاريع الإسكانية المُتوالية منذ 1983م. فيما هي من جانب آخر، تُعاني العشوائية في “سوقها الشعبي” الشهير الذي بات في مسيس الحاجة لخطة مدروسة تُسهم في تفعيل دوره الحيوي لتنشيط الحركة التجارية لأهالي القرية والقُرى المُجاورة. 

بتعديل أوضاع الباعة البحرينيين وتجنب العشوائية وعرقلة حركة السير وإشغالات الطرق، بعد أنْ أضحى - هذا السوق - “المنقذ” في توفير جميع المستلزمات الضرورية بأسعار مخفضة على حد قول الأهالي ومرتادي السوق الذين طالبوا منذ 2010م بتخصيص أرض لبناء سوق نموذجي يضم أركاناً متكاملة للدواجن واللحوم والخضار والفواكه والأسماك، وهم ذاتهم مَنْ وُعِدوا في عام 2022م بإنشاء “سوق دمستان المركزي” الذي تراعى فيه البيئة والعمارة البحرينية إلا أنه لم يرَ النور حتى اليوم!.


كاتب وأكاديمي بحريني

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية