العدد 5667
السبت 20 أبريل 2024
banner
القاضي “طومسون” ومرضى “السكلر” البحرينيون!
السبت 20 أبريل 2024

بدت واحدة من أغرب القضايا في تاريخ القضاء، والتي جرت وقائعها في إحدى محاكم ولاية فرجينيا الأميركية عام 2007م، حين اعترف القاضي “طومسون” بعجزه عن إصدار حكم ضد صاحب نادي رفض نقل ناديه الذي افتتحه بجوار كنيسة؛ لأنه يمتلك ترخيصاً رسمياً، بعدها طلب “القس” من المُصلين أنْ يدعوا في قُداسهم على النادي وصاحبه، وذات يوم أدى تماس كهربائي إلى احتراق النادي بالكامل! بعدها ‏رفع صاحب النادي دعوى قضائية على الكنيسة مطالباً بتعويضٍ كامل عن خسارته، مُستدلاً في دعواه على تسجيلاتٍ تعلو فيها أصوات المُصلين وهم يدعون فيها الربّ بهلاك النادي، إلا أنّ القاضي تفاجأ برد الكنيسة: إنّ دعاء المُصلين ما هو إلا تفريغ للتوتر اليومي، وتجنّب ضغوطات الحياة، والربّ لا يستجيب الدعاء! بدليل أنّ المُصلِّين لا يتحقق لهم شيء ممّا يدعون به! حينها أصدر القاضي حُكما قال فيه: “أجد نفسي عاجزاً عن الحكم، حين أرى الكنيسة تكفر بالربّ، ونادٍ يُؤمن به!”.
وكذا هو حال مرضى فقر الدم المنجلي “السكلر”، الذين تكررت شكاواهم، والتي كانت آخرها ما نشرته إحدى الصحف المحلية منتصف الشهر الجاري من تعرّض مجموعة من هؤلاء المرضى لسوء معاملة من ملائكة الرحمة – تحديداً مسؤولة التمريض والممرضات - في أحد المراكز الصحية العامة التابعة لمحافظة العاصمة التي استصدرت على حدّ قولهم، قرارات مُجحفة بحقهم، منها تعمّد تأخير إجراءات العلاج لهم أو السماح لبعض الإداريين من خارج الاختصاص بالتّدخل ضدهم، أو انتهاك خصوصياتهم بدخول المُمرضين الذكور غرف حقن النساء التي لا تحجب ستائرها أجسامهن، ولا تمنع أصوات تألمهن، أو بإعطائهم جرعات العلاج بأقل من المُوصَى به في الوصفات العلاجية المعتادة، أو بتشديد إجراءات علاجهم في حال تقدموا بشكاوى، وصولاً إلى التجاوز على خصوصياتهم بفضح أسرارهم المرضية، بل وحتى طردهم!

نافلة: تُعدّ بلادنا في طليعة الدول التي حقّقت المُنجزات الكبيرة على صعيد التنمية المستدامة بعد أنْ أولّت الأهمية القصوى لقطاع الصحة المُتكاملة والسلامة الشاملة التي وفرّت من خلالها الخدمات المُساندة وعززّت الوعي الصحي اللامحدود في خططها ومشاريعها، ولاسيّما في تبنّيها لملف مرضى فقر الدم المنجلي (السكلر) لأكثر من أربعة عقود مضت (منذ 1984م) وحققّت فيه تقدماً كبيراً عبر خطتها الوطنية التي ارتكزت على توفير البُنية الصحية المُتقدمة على خارطة القطاع الصحي البحريني، وهو ما نتأمل فيه – كمواطنين - تعزيز منصّات التواصل بين الفريق المُتخصص وبينهم بالردّ على استفساراتهم وتجنيبهم مُدد الإنتظار وتحسّس آلامهم وتخفيف معاناتهم وتقبّل شكاواهم برحابةٍ، تُجنّبنا حكم القاضي "طومسون"!

* كاتب وأكاديمي بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .