يسعى الإنسان إلى السعادة منذ بدايات الزمان، فهي غاية ومبتغى غريزي مغروس في الوجدان. وقد طبعت آلاف الكتب التي تناقش السعادة وكيفية الوصول إليها بأقصر الطرق، ومنها ما كان منطقيا، ومنها ما كان أقرب للدجل والشعوذة. وتطور موضوع أهمية السعادة في حياة الشعوب فخصص الدستور الأميركي السعادة بنص عبقري وفريد يضمن “السعي نحو السعادة” كحق مكفول للمواطنين، واليوم نرى وزارة للسعادة في دولة الإمارات العربية المتحدة ومؤشرا وطنيا للسعادة في دولة بوتان الآسيوية ومؤشرا عالميا سنويا لأسعد شعوب العالم (حصل على المركز الأول بآخر ثلاث سنوات الشعب الفنلندي)، ومن أسباب تحفيز السعادة كيمائيا لدى الإنسان كما أثبت ذلك الطب والعلم مادة الدوبامين التي يتضمنها الكاكاو العنصر الأساسي المكون لحلوى الشوكولاته بكل أشكالها وأنواعها.
وفي خضم ضجيج وازدحام الأخبار عموما والاقتصادية منها تحديدا التي تشير إلى ارتفاع أسعار النفط والذهب ومعظم السلع بسبب عوامل التضخم، ظهرت أخبار أعظم ارتفاع في أسعار سلعة الكاكاو وذلك مقارنة بالسلع الأخرى، إذ وصل لمستويات قياسية وتاريخية وغير مسبوقة. وتعود أسباب أزمة الكاكاو الرئيسية إلى أزمة المناخ العالمية التي ضربت الأراضي الزراعية في غرب إفريقيا موطن زراعة أشجار الكاكاو الأكبر. وأدى ذلك الأمر إلى ارتفاع أسعار الكاكاو بأكثر من خمسة أضعاف، وارتفعت تكلفة الإنتاج على الشركات المصنعة أكثر من 200 %، وكم كانت الشوكولاته مصدرا سريعا وفوريا وقليل التكلفة للسعادة البسيطة، ولكن على ما يبدو أن حتى الشوكولاته أصبحت صعبة المنال. شعوب اليابان والنرويج وفنلندا والدانمارك وإيطاليا لهم أسلوب حياة ممنهج وكل واحد منهم أسس لذلك فلسفة خاصة باتت معروفة وتروج على هذا الأساس، لكن كانت الشوكولاته هي الفلسفة الشعبية البديلة للوصول إلى السعادة وبات اليوم مطلوبا البحث عن بديل.

*كاتب وإعلامي سعودي