العدد 5590
السبت 03 فبراير 2024
banner
غزة وحصاد حرب الإبادة
السبت 03 فبراير 2024


لا أحد يستطيع التكهن بالضبط متى ستوقف إسرائيل حرب الإبادة المتواصلة التي تشنها على قطاع غزة، وإذا كان حجم خسائر الأهالي حتى الآن، منذ السابع من أكتوبر الماضي، مهولاً جداً من أعداد القتلى والجرحى، ناهيك عن الأوبئة المتفشية والأمراض الطارئة الناجمة عن التشريد والتكدس في الملاجئ ومخيمات الإيواء المنصوبة في البرد القارس والأمطار الغزيرة، دع عنك الدمار الواسع الذي لحق بالعمران والممتلكات، فإن أحداً لا يستطيع أيضاً التنبؤ بالحصيلة النهائية من الخسائر الجهنمية المهولة التي ستلحق بالقطاع حالما توقف إسرائيل حربها. وحسب معطيات وزارة الصحة خلال الأسبوع الماضي، فإن أعداد القتلى من حرب الإبادة الإسرائيلية بلغت أكثر من 27 ألف قتيل وأكثر من 70 ألف مصاب، ومن بين هؤلاء المئات من خيرة الكفاءات والكوادر العلمية في مختلف التخصصات: أطباء ومهندسون ومتخصصون في نظم المعلومات والحاسوب، وأساتذة جامعات في تخصصات علمية نادرة، كالكيمياء والفيزياء والأحياء، والاقتصاد، هذا عدا المئات من الإعلاميين ورموز الثقافة المختلفة في الأدب والشعر والفن بكل أنواعه.
وحسب تقرير نشرته صحيفة "الشرق الأوسط"، فإن من تبقى من مئات الآلاف من طلبة القطاع (جامعيون وتلاميذ مدارس) قد شُردوا بعد أن دُمرت جامعاتهم ومدارسهم، ويواجهون مصيراً قاتماً بعد مضي أكثر من أربعة شهور من حرب الإبادة المتواصلة، قتل خلالها آلاف الطلبة وأساتذتهم ومدرسوهم، وتضرر 75 % من المباني المدرسية، أما الخسائر في القطاع الصحي فحدث ولا حرج. ولا يبدو أن الدول الغربية الكبرى في وارد التراجع عن دعمها لحرب الإبادة الإسرائيلية بكل أشكال الدعم العسكرية والمالية والسياسية، حتى رغم تعاطف شعوبها والرأي العام العالمي مع الشعب الفلسطيني في محنته بغزة، ولعل آخر موقف للدول الغربية إعلان تسع دول على رأسها الولايات المتحدة وبريطانيا وإيطاليا وأستراليا عن وقف تمويلها وكالة غوث اللاجئين بعيد سويعات من اتهام إسرائيل موظفين فلسطينيين فيها بالضلوع في هجوم "طوفان الأقصى"، دون انتظار نتائج التحقيق في مدى صحة الاتهام! وتوقيت الإعلان غير خال من الدلالات والمغزى.
فقد جاء الإعلان بعد سويعات من إصدار محكمة العدل الدولية قراراتها التاريخية القاضية بحق الفلسطينيين في غزة في الحماية من أعمال الإبادة الجماعية الإسرائيلية، وأن الوضع في غزة أضحى كارثياً، وأنه يتعين على إسرائيل ضمان عدم ارتكاب قواتها إبادة جماعية، وأن تتخذ إجراءات لتحسين الوضع الإنساني للمدنيين الفلسطينيين في القطاع. وهذه القرارات أثارت كما نعلم حنق إسرائيل الشديد وحفيظة الدول الغربية الداعمة لها.

كاتب بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية