العدد 5562
السبت 06 يناير 2024
banner
القضية الفلسطينية والخطر الأكبر
السبت 06 يناير 2024

حققت القضية الفلسطينية منذ أكتوبر الماضي مكاسب سياسية دولية مهمة وما لم تحققه منذ نكبة 1948؛ بسبب المشاهد البشعة لحرب الإبادة التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي بحق أهالي قطاع غزة، ولعل تلك المشاهد المرعبة لا تضاهيها في وحشيتها أية مشاهد في الحروب الحديثة، النظامية وغير النظامية، فلا غرو إذا ما هزت الضمير العالمي، ودفعت قطاعات واسعة من الناس في الغرب، وعلى رأسه الولايات المتحدة، للتظاهر ضد إسرائيل وضد حكوماتهم الداعمة للعدوان، وللسبب نفسه عبّرت دول عديدة عن هذا الموقف - بدرجات متفاوتة - تحت ضغوط برلماناتها أو شعوبها، أما جنوب إفريقيا التي عرفت معنى الأبارتايد وذاقت مرارة وحشية النظام العنصري فقد حملت على عاتقها رفع دعوى أمام محكمة العدل الدولية ضد إسرائيل، لارتكابها حرب الإبادة بحق الغزيين.
لكن لنتساءل هنا: هل كانت القضية الفلسطينية ستكسب تلك المواقف الدولية المناصرة لها لو انشغل أولئك المناصرون - شعوباً ومثقفين ومفكرين وكتّاباً - بالتنظيرات والتحليلات لخطأ ما فعلته “حماس” في “طوفان الأقصى” باعتباره السبب الأساسي لجرائم حرب الإبادة المتواصلة؟ مما لا شك فيه أن “حماس” لا تمثل كل الشعب الفلسطيني، بل ثمة قوى وتنظيمات سياسية مناضلة أقدم منها وتختلف مع نهجها السياسي، ومنها فصائل عسكرية تتكون منها منظمة التحرير، المعترف بها عربياً دولياً، وهذه جميعها وقعت أيضاً في أخطاء نضالية واحتاجت لفترة لتتعلم من أخطائها، سواءً اعترفت بها أم لم تعترف، بل لا توجد حركة تحرر عالمية بلا أخطاء، لكن هذا لا يبرر إطلاقا الانشغال بالأخطاء على حساب الخطر الأكبر المتمثل في حرب الإبادة الإسرائيلية المتواصلة، ذلك أن إسرائيل هي المستفيد الأول من مثل هذا الانشغال، وهي تزداد شراسةً في جرائمها تجاه المدنيين، ليس انتقاماً مما حدث لها في “طوفان الأقصى”، بل كلما استمرت تلك الاحتجاجات والمسيرات العالمية المناوئة لها هاتفةً بالحرية لفلسطين ورافعةً أيضاً الأعلام الفلسطينية التي تكره رؤيتها بشدة، ولطالما اعتقلت وعذّبت فلسطينيين لرفع هذه الأعلام على أرض وطنهم، ذلك أن إسرائيل لم تعد تبالي بسمعتها الدولية الملطخة بالعار، لأنها تعلم أحق العلم بأن آلة بروباغندا أكاذيبها باتت مشلولة ولا تنفعها، وأضحت تطبق الآن مبدأ “عليّ وعلى أعدائي”.
* كاتب بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية