كيف يمكن الاستفادة من البحث العلمي لإيجاد حلول من خلال توظيف النظريات العلمية الحديثة في مختلف المجالات التي أشار إليها التقرير السنوي العشرون لديوان الرقابة المالية والإدارية، فمعظم الملاحظات يمكن تأطيرها ببحوث علمية قد تفتح آفاقًا وتعطي مجالًا جديدًا لأفكار خلّاقة؛ لما لأهمية هذه الملاحظات النابعة من مختصين في ديوان الرقابة، حيث يعتبر تقرير ديوان الرقابة السنوي من أقوى أدوات المشروع الإصلاحي في تجويد أداء وكفاءة المؤسسات العامة، والتوسع في ضبط الإنفاق، وإعطاء الملاحظات الجوهرية بشكل مستقل، لتحقيق المصلحة الوطنية العامة بكل شفافية واقتدار.
إنه لن يتم ذلك إلا من خلال وضع هذه الملاحظات كمشكلات بحثية عبر صياغتها بشكل واضح وعلمي ومحدد، وإخضاعها للنظريات وفرضياتها، وحينها توضع كأطروحات ماجستير ودكتوراه، ومشاريع تخرج لطلبة البكالوريوس، فعلى سبيل المثال: وجدنا في تقرير هذا العام مشكلة متعلقة بعدم قدرة ثلاثة عشر شارعًا رئيسيًا على استيعاب حركة المرور في ساعات الذروة، فيتم وضع هذه المشكلة تحت التحليل والتفكيك العلمي، وتُبحث من طلبة الجامعات مع مشرفي الأطروحات العلمية بشكلٍ علمي خالص في ضوء مجتمع الدراسة، وتُعرَف بذلك العوامل الرئيسة، فتوضع التوصيات اللازمة لتحقيق حلحلة سريعة لهذه المشكلة، وتُرسم استراتيجيات للفترات القادمة على المدى المتوسط والبعيد، والتدريب العملي على توظيف الأُطر العلمية بشكل واقعي لمعالجة مشاكلنا يجب أن يكون ركنا أصيلا في دراسة الطلبة الجامعيين، ومتطلَّبًا للتخرج متى ما أمكن ذلك، وهذا الأمر يُعظِّم الاستفادة من مجمل العملية التعليمية، حيث يجعل التحديات التي تحيط بنا حافزا للشباب الجامعي، فكثيرا ما أصيب هؤلاء الشباب بالملل والحيرة تجاه جدوى دراسة هذه النظرية أو تلك، وهنا تولد الحلول عبر أفكارهم الخلّاقة النابعة من الفهم العميق لهذه النظريات التي من شأنها أن توجد بيئة خصبة للمعالجة العلمية التكنوقراطية لملاحظات تقرير ديوان الرقابة.
* كاتب بحريني