الصدق هو الركيزة الأساسية لكل عملية إبداعية، والكاتب الحق هو من يفك تحجر اللسان ويحدث الدهشة ويسهم في خلخلة السائد، وإذا كان الأديب البحريني الراحل محمد الماجد أول من تجرأ على القامة الشعرية إبراهيم العريض الذي اعتبر وصف العريض "تحطيما للمحاولات الجديدة في طور المرحلة"، وهي وجهة نظر تبناها محمود المردي في الأضواء، فإن الأديب الألماني والمسرحي "كوتولد لسنغ" قام بخطوة جريئة بإقدامه على مهاجمة فولتير، حيث عرف عنه أنه كان رجلا أمينا وشجاعا، وله قدرة فذة في الدفاع عما يراه صحيحا، ولم يكن بأي حال من الأحوال يرضى بحل وسط، أو أن ينحاز إلى طرف ما. كان نشره واضحا وضوح أفكاره، وجريئاً جرأة أسلوبه، حتى لتكاد كلمة الأسلوب تميز أعماله وتوصف بها.

تدور معظم أعمال "كوتولد" حول النقد الدرامي، غير أنها في الواقع تذهب إلى أبعد من ذلك، كما هو الحال في أعمال العباقرة العظام. فقد تبدو الفكرة التي يتناولها العبقري محصورة ظاهريا في حيز ضيق، لكنها في أعماقها تشتمل على تحليلات وتفسيرات عديدة، وهذا ما سار عليه "كوتولد". في 1787، دعي "كوتولد" للانضمام إلى المسرح الوطني الألماني الذي كان قد أنشئ حديثا في هامبورغ للعمل كناقد دائم. كان المشروع المسرحي بحد ذاته فاشلا، إلا أنه جمع بعض ملاحظاته عن بعض المسرحيات وضمها إلى عمله "التنظير المسرحي الهامبورغي"، الذي يعتبر من أبرز ما كتب عن النقد المسرحي لسبب مهم هو أن الناقد كان فريدا لا يضاهى بمستوى تعمقه في نقد المسرحيات التي تناولها في عمله هذا.

عالم الأدب والإبداع كبير شاسع وفيه أصوات كثيرة، لكن أعلاها وأقواها أثرا الأصوات الصاخبة التي ترفض العيش مع المألوف.

كاتب بحريني