العدد 5491
الجمعة 27 أكتوبر 2023
banner
الفصحى والعامية في المسرح
الجمعة 27 أكتوبر 2023

دار حوار بيني وبين صديق عن الأثر العظيم الذي يحدثه المسرح في المجتمع، وفي نظره أن اللغة الفصحى السلطة التي يفترض أن تطوق المسرح وتمده بالحياة بشكل دائم، والفن الهادف والملتزم والمرتبط بقضية إنسانية واضحة لابد أن يكون باللغة الفصحى!

لا أعرف كيف استنتج الصديق هذا المنصب الرفيع للغة الفصحى وأدخل العامية في ممرات ضيقة وكأنها لا تضيف إلى المتفرج شيئا.

إن قضية التعبير في المسرح أساسية وحساسة جدا، وعندما تريد أن تتكلم عن الناس ومشاكلهم، فعليك أن تستخدم مقومات تعبيرهم والعلامات الدالة التي يستخدمونها، كي لا تقع في الانفصام، اللغة العامية أو الدارجة هي لغة الحياة الحقيقية التي تحمل كل ذاكرة الناس وأحلامهم وتعبيرهم عن أدق قضاياهم ومعاناتهم، أما الفصحى فهي اللغة الرسمية، لغة الصحف، والإذاعة والتلفزيون والمدرسة، وليست لغة الشعب اليومية. الفرد منا يفهم الفصحى لكنه لا يستخدمها، إنها غريبة عنه.. وحتى عندما يستخدمها تجده يحورها لفظيا حسب منطوق الدارجة، ويتعلمها في المدرسة كما يتعلم اللغة الأجنبية، وهناك الكثير من العرب من يجيدون لغة أجنبية أفضل مما يجيدون فصحاهم، وهنا المشكلة الرئيسية التي قلما نجدها لدى الشعوب الأخرى. الكاتب الفرنسي أو الانجليزي أو الألماني لا يعاني من هذه المشكلة لأنه لا يستخدم اللغة الرسمية، بل لغته هو، لغة البيئة التي يعيشها ويكتب عنها، والدارجة العربية من حيث المفردات ليست بعيدة عن الفصحى. الاختلاف يكمن في اللفظ والقواعد، لكن أساس المشكلة هو بين لغة مستعملة التعبير عن الحياة اليومية ولغة رسمية محددة لا تخضع للتطور الحياتي وباردة بعيدة عن حميمية الحياة اليومية ومعاناة ابن الشعب العادي.

العلاقة بين المتفرج وبين العمل ليست صورة مطابقة للأصل، وبما أن اللغة تعبير عن الإحساس بالعالم، تعبير يتغير ويتكيف ويتطور يوميا، فيجب أن تكون هذه الصورة أقرب ما يمكن للأصل.

عموما هناك من يناصر اللغة الفصحى في المسرح، وهناك من يناصر العامية، والقضية تشبه ساحة عامة تقود إليها طرقا فرعية ملتوية.

كاتب بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .