لن أكتب عن فلسطين، ولا عن انتهاك مواثيق حقوق الإنسان واتفاقيات جنيف فيها، ولن أكتب عن أطفالها ونسائها وشيوخها الذين يصطلون نيران القصف، ولا عن تلك المناظر التي يشيب لها الولدان لأطفال يرتعدون من الخوف جراء الصدمة التي عاشوها، لن أكتب عن نفاق الغرب وسقوط شعارات حماية حقوق الإنسان، والصمت العالمي عما يحدث فيها، بل والمباركة والتأييد لتلك الفظائع في حق أهلها، لن أكتب عن تحيز وسائل الإعلام الدولية، ولا عن الحصار الكامل وتأييده إلى درجة منع وصول حتى الأكفان لتستر أجساد من رحلوا عن هذه الدنيا ظلما وعدوانا، لن أكتب عن قصف المستشفيات والمساجد والكنائس وقتل المئات تحت أنقاضها حيث لا احترام لدور العبادة أو المستشفيات، لن أكتب عن القانون الدولي الذي ينص على عدم جواز محاسبة أي شخص على أفعال لم يرتكبها - كما هو حاصل هناك في الوقت الذي تقرأ فيه هذا المقال - لن أكتب عما يواجهه الملياردير “إيلون ماسك” من ضغوط كبيرة لإزالة المحتوى الذي يفضح تلك الجرائم واستغفال عقول البشر حول العالم تجاهها، لن أكتب عن هالة التعاطف الكبيرة التي يعيشها أولئك الذين ينشرون صور ومقاطع مأساة المدنيين لحظة بلحظة ليوثقوا شيئا يسيرا من حجم المصاب والظلم الواقع عليهم، لن أكتب عن جماعات الضغط التي تعمل على إزاحة جميع نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي المتعاطفين مع معاناة المدنيين في غزة بسحب الإعلانات التجارية أو تشويه سمعتهم لمجرد أنهم تعاملوا مع الحدث كبشر، لن أكتب عن الجيوش الإلكترونية التي ترد على أي تعليق متعاطف وتستميت في تفنيده بمختلف الأساليب والتقنيات لمصادرة إنسانية البشر.

إنما سأكتب عن ذلك البطريق المسكين العالق في شباك الصيد في القطب الشمالي المتجمد، والذي تحركت له تلك الدولُ عينُها، وذلك الإعلامُ نفسُه حزنًا وبكاءً عليه، ثم فرحا بعد ذلك بنجاته وإنقاذه من الموت.

* كاتب بحريني