العدد 5438
الإثنين 04 سبتمبر 2023
banner
كمال الذيب
كمال الذيب
التعليم والتدريب مدى الحياة
الإثنين 04 سبتمبر 2023

عندما يطرح موضوع البطالة في أي بلد يُثار معه موضوع العلاقة بين مخرجات التعليم وسوق العمل، وغالبا يُشار في الخلاصات إلى أن هناك فجوة بين الجانبين هي سبب تعطل عدد كبير من خريجي الجامعات.
لكن الحقيقة في الواقع أكثر تعقيدا من ذلك، فإذا كان صحيحا أن هناك مفارقة بين التقدم الاقتصادي الهائل من ناحية، وبين الاختلال المتفاقم بين مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل، فإن السَّبب الرئيسي وراء ذلك هو التغير المتسارع في متطلبات سوق العمل، والتغير المتسارع في المعارف والمهارات، بشكل يصعب معه حتى التنبؤ بالمستقبل في بعض الأحيان، يقابله الاستقرار النسبي في طبيعة نظم التعليم وبرامجه ومقرراته. هذا فضلا عن تغير أنماط التنمية والإنتاج وأساليب الحياة. كما أن المؤسسات التعليمية ليست في الواقع تابعة لسوق العمل من حيث الأهداف والبرامج، فأهدافها تتجاوز حدود إعداد الفرد للعمل، إلى بناء شخصيته وهويته وقيمه والمهارات الحياتية التي يحتاجها، بل منوط بهذه المؤسسات تعليم الناس كيف يكونون وكيف يعيشون ويتعايشون معا، وكيف يتفاعلون مع العالم، وكيف يبدعون ويكونون قادرين على التعلم مدى الحياة، وكيف يحصلون في النهاية على جواز عبور للحياة.
وفي محاولة لردم هذه الهوة بين مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل، تعمل أغلبية الدول على إقامة جسر بينهما بالتطوير المستمر للتعليم وبرامج التدريب، والمواءمة بين القديم والجديد وإعداد الشباب ليصبحوا مواطنين منتجين، والبحث عن الصيغ الملائمة للتوفيق بين الكم الهائل من المعارف وبين قدرة الإنسان على استيعابها والتفاعل معها، ومواكبة التحول المتسارع في سوق العمل، القائم على الطلب المستمر على أنواع جديدة من المعارف والتدريب على المهارات الاحترافية، بما يجعل التعليم نشاطا مستمرا مدى الحياة، فالحلقات لا تتوقف عند حد في مجال التدريب وإعادة التدريب وتعزيز المهارات ومواكبة المستجدات. وكما أن التربية مطالبة بالتكيف مع متغيرات العصر، خصوصا احتياجات سوق العمل، فإنها معنية أيضا بالبعد المعرفي والثقافي والروحي والوطني في بناء الفرد، لذلك لا يمكن قصر النظر على دورها في خدمة سوق العمل فحسب.
* كاتب وإعلامي بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية