العدد 5294
الخميس 13 أبريل 2023
banner
ما وراء الحقيقة د. طارق آل شيخان الشمري
د. طارق آل شيخان الشمري
أوروبا.. لا مفر من واشنطن
الخميس 13 أبريل 2023

تعتبر فرنسا وألمانيا وإيطاليا من أوائل وأقوى الدول الأوروبية التي عملت منذ عقود على توحيد أوروبا عسكريا وسياسيا واقتصاديا، منذ أن بدأت بذور فكرة السوق الأوروبية المشتركة حتى رأت منظومة الاتحاد الأوروبي النور وأصبحت أوروبا متحدة بكل المجالات، باستثناء بعض الدول التي لم تنضم بعد للاتحاد الأوروبي وهي لا تشكل أية أهمية كبرى للاتحاد. لكن هذا الاتحاد اصطدم بالهيمنة الأميركية السياسية والاقتصادية والعسكرية. فالهيمنة الأميركية السياسية جعلت الأوروبيين لا يستطيعون سياسيا أن يغردوا خارج السرب الأميركي نظرا لمصالحهم السياسية مع واشنطن، فرأينا التناغم أو لأكون أكثر صراحة التبعية السياسية لأوروبا واضحة وضوح العيان، حيث لا يستطيع الأوروبيون مخالفة السياسة الأميركية، فكل سياساتهم الخارجية تقودها واشنطن وخير مثال حاليا الملف النووي الإيراني.. فلم نر أوروبا مبتعدة أو مخالفة لوجهة النظر الأميركية بخصوص هذا الملف، بينما نرى روسيا والصين مخالفتين لوجهة النظر الأميركية.
أما اقتصاديا فنرى حاليا كيف أن واشنطن أجبرت أوروبا على وضع عقوبات اقتصادية على روسيا بسبب الحرب في أوكرانيا. ناهيك عن تقليل استيراد النفط والغاز الروسيين وصولا إلى منع الاستيراد نهائيا. ورأينا أيضا الحرب الاقتصادية بين أوروبا وواشنطن وصولا إلى قرار أستراليا التخلي عن صفقة الغواصات الفرنسية واستبدالها بغواصات نووية أميركية في صفعة غير مباشرة لفرنسا من قبل حليف واشنطن الأقرب أستراليا، وغيرها من الصراعات الاقتصادية ومنها الدعم الحكومي الأميركي لبوينغ، ما شكل خطرا على أيرباص بخصوص المنافسة الاقتصادية.
أما عسكريا ومن خلال الناتو الذي تتحكم فيه واشنطن ولندن فحدث ولا حرج، فهذا الناتو قضى وسيقضي على أي مشروع استقلال عسكري أوروبي بما فيه مشروع ماكرون ببناء جيش أوروبي موحد، بعد صفعة الانسحاب الأميركي من أفغانستان التي وجهها بايدن للأوروبيين أعضاء الناتو. لهذا فإنه لا مفر لأوروبا من تبعيتها السياسية والاقتصادية والعسكرية للعم سام.

*كاتب سعودي

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .