+A
A-

شاهدتُ لكم في القاهرة السينمائي: الفيلم الأوروبي "The Woodcutter Story"

عرض ضمن فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، في دورته الرابعة والأربعين أخيراً الفيلم المذهل "The Woodcutter Story" أو "قصة الحطاب" ضمن المسابقة الدولية وهو عمل روائي تدور أحداثه حول بيبي حطاب في مدينة ريفية صغيرة في فنلندا، خلال بضعة أيام، تعصف به سلسلة من الأحداث المأساوية التي دمرت حياته تدريجياً، ولكن يبدو أنه يخبئ سرّاً ما!
وفي التفاصيل التي تدور خلال فصل الشتاء في بلدة صغيرة في شمال فنلندا، وهناك قد تجد نفسك تخطط لطرح أسئلة حول وجودك هنا في الأرض، أو ربما تضحك أثناء قراءة كتاب لسيغموند فرويد! هذا هو العالم السريالي للفيلم، وفي منتصفه مباشرة يوجد بطل الفيلم بيبي (جاركو لاهتي)، وهو رجل متفتح كثيراً لدرجة أن نظرته المستمرة نصف الممتلئة للحياة يمكن أن تدفع أصدقاءه وزملاءه في العمل إلى الغضب، يردد: ”ابتسم والعالم كله يبتسم معك"، ولكن ماذا يحدث عندما لا يبتسم العالم فحسب، بل يحبط سعادتك بعكس ما تظن؟ 
في أول ظهور له في الإخراج، قرر صانع الأفلام ”ميكو ميليلاهتي“ أن يرى ما يحدث عندما يضع بيبي من خلال الضغوط، والنتيجة هي فيلم مذهل بشكل غريب مثل الحياة التي نعيشها تماماً، لا يمكن معرفته في النهاية، نقله في فيلم روائي طويل لبطله الذي يتمتع بحياة مريحة وهادئة، ويعمل في منشرة مع أفضل صديق له ”توماس“ (HP Bjurkman)، ويعشق ابنه (Iivo Turi) الذي يذهب معه للصيد على الجليد كل يوم، وهو محبوب جداً في الحانة الوحيدة في المدينة لدرجة أنهم يحتفلون بعيد ميلاده بكمية كبيرة من البهجة، ووسط كل ذلك الإيجابية هناك بالطبع سلبية تظهر للقاع، فزوجته غير مبالية بتقدمه، ويبدو أنها تركت عيد ميلاده يمر دون ذكر، لكن في إحدى الأمسيات أثناء لعب الورق انفجر بيبي في ظروف غامضة في البكاء دون سابق إنذار بسبب الإعلان عن بيع المنشرة، وبعد قرار ملاك الجدد إغلاقها، مما أدى فعلياً إلى إخراج المدينة بأكملها من العمل الوحيد الذي يتقنونه ربما في هذا الطقس!
القرار أدى إلى ظهور سلبية كبيرة في المنطقة، مع ظهور سلسلة من ردود الفعل، وتبدأ حياة بيبي المنظمة في الانهيار، حيث يعاني من الآلام والكوارث من كل نوع تقريباً والتي من شأنها أن تضعف إرادة أي إنسان يعمل بشكل طبيعي تقريباً، في حين أن توماس الذي اكتشف أن زوجته تخونه، يقوم بتقييم أكثر قتامة للأمور وسط الأجواء التي يعيشها أيضاً مع صديقه. الحياة ليست عادلة ويجب أن نكون مستعدين لها دائماً بكل الصور.
من الناحية التصويرية للفيلم أجاد المخرج في نقل قصص الشخصيات في مقدمة الإطار بينما يبدو العالم من حولهم كبيراً جداً بالنسبة لاحتياجاتهم الصغيرة، ومع ذلك فهناك أوقات كان من الممكن أن يختار فيها الفيلم طريقة أكثر مباشرة وإلحاحاً لصناعة الأفلام بدلاً من محاولة الحفاظ على مسافة ساخرة طوال الوقت. 
تبدو قصة The Woodcutter Story في البداية وكأنها شخصيات تبدو بلا عاطفة تجلس في حانات، وترقص بشكل غريب وبطل متفائل إلى ما لا نهاية في عالم ساخر للغاية، لكن القصة ليست كذلك بالمعنى الكلاسيكي والأدبي، فبطل الفيلم متشبع من قوة أعماق الغابة الفنلندية، والتي يظهرها لنا العمل بصورة كبيرة للثلج الموجود في كل مكان في هذا الفيلم، وتم التقاطه في صور رائعة على شاشة عريضة، وهو ليس من النوع الذي يقلق بشأن مصيره، عندما تظهر قافلة من السيارات السوداء الأنيقة وتبدأ البدلات في إطلاق النار على الجميع لصالح بناء منجم جديد، ويبدو أنه العامل الوحيد الذي يعتقد أنه يجب أن يكون هناك سبب وجيه لمثل هذا الجشع الرأسمالي. تختبر بقية الفيلم نظرته للعالم ضد عالم يتلاشى ببطء عن الأنظار والفكر الإنساني.
يقدم المخرج ميكو ميليلاهتي بأول فيلم طويل له خلف الكاميرا، هذا الحدث الكارثي لاستكشاف الفروق الدقيقة في هذه القرية الصغيرة وسكانها الغريبين، يحدث العنف والخيانة والغرابة البسيطة واحدة تلو الأخرى، وكلها تُروى بأسلوب بطيء ومتحفظ مثل برودة المكان الذي صُوِّر فيه مع بطلنا ”بيبي“ الذي هو مكلف بأن يكون في الغالب متفرجاً على جميع الأحداث الغريبة، بما في ذلك الغزوات غير الضرورية في الخيال العلمي وإثارة الانتقام وحكاية العمال. ​