ما أصدق المثل الشعبي القائل “الحي يحييك والميت يزيدك غبن”، فإن من طبيعة الإنسان التأثر بما ومن يحيط به، ومواقع التواصل الاجتماعي اليوم باتت تشكل المحيط الأكثر تأثيرا كونها الوسيلة الأكثر استخداما، فإن كنت -مثلا - من متابعي الأبطال والمتميزين في مختلف صنوف ومجالات الإنجاز والعمل في مواقع التواصل الاجتماعي، فإنك ستجد نفسك وكأنَّ روحا جديدة تسري فيك، متحفزة للعمل، تواقة إلى الإنجاز، متطلعة لتحقيق تلك الأهداف التي لطالما كنت تصبو لتحقيقها، وإنها ستزرع فيك - ولا شك - روح الفضيلة، فضيلة الإنجاز والعمل الذي يعد قيمة من قيم ديننا المثلى، مهما كانت الظروف قاسية أو غير مثالية، وفي حديث النبي - عليه الصلاة والسلام -: “إن قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة، فإن استطاع أن لا يقوم حتى يغرسها، فليغرسها” فهل تقارن صعوبة الأوضاع بهول قرب قيام الساعة؟!
إن الكثير ممن يمكنك متابعتهم لا يقتصر تأثيرهم سلبا على بث روح الكسل والتواني والقعود عن العمل، بل ويسقونك مختلف أنواع السموم القاتلة، فهناك سموم تجعل اليأس قاتلك، وهناك سموم تجعل منك حطبا لنيران الشهوات، وهناك سموم تزرع فيك العنف والتهور والاستهتار، وهناك سموم تودي بك في حياة اللامبالة والضياع حتى القبر، وهناك سموم تجعلك تافها تعيش لإضحاك البشر على حساب الأخلاق والقيم، ومن أشد هذه السموم تلك التي تبث من خارج البلاد، والتي توغر صدرك على وطنك وأهلك كلَّ يوم، بل كلَّ دقيقة، ومع تكرار متابعة أصحابها، تترسب فيك شائعاتهم المغرضة، وادعاءاتهم المكذوبة، خدمة لأجندتهم الظالمة لهذا الوطن الذي قدم لك الكثير ولا يزال، الكمال للخالق، وكل ما سواه يعتريه النقص والقصور.
إن الواجب علينا إتقان فن الانتقاء والاختيار عند ضغط زر المتابعة في مواقع التواصل الاجتماعي حتى لا نموت، وقديما قيل: ومن يكن الغراب له دليلا يمر به على جيف الكلابِ.
* كاتب بحريني