+A
A-

طلب انضمام للاتحاد الآسيوي.. هل تكسر روسيا عزلتها الكروية؟

أواخر الشهر الماضي، خرج الاتحاد الروسي لكرة القدم ليؤكد أنباء تناولتها وسائل إعلام محلية بشأن إمكانية انضمامه لعضوية الاتحاد الآسيوي للعبة في محاولة على ما يبدو لإنهاء حالة العزلة التي تعيشها كرة القدم في البلاد.

وقال رئيس الاتحاد الروسي لكرة القدم، ألكسندر ديوكوف، إن اتحاده سينظر في إمكانية الانتقال إلى الاتحاد الآسيوي في الاجتماع المقبل لمجلسه التنفيذي.

في بيان نشرته وكالة "تاس"، قال ديوكوف: "سننظر في هذا الأمر في اجتماع المجلس التنفيذي. لست متأكدا من اتخاذ أي قرار، ولكن الوضع يتطلب مناقشة".

ومن جانبه، قال الاتحاد الآسيوي لكرة القدم أنه لم يتلق أي طلب رسمي بشأن انضمام الاتحاد الروسي لكرة القدم لعضويته. 

وأكد المتحدث الرسمي باسم الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، نضال بحران، في رسالة عبر البريد الإلكتروني: "لا يمكن مناقشة هذه الفكرة في ظل عدم وجود طلب رسمي".

وفي هذا الصدد، يرى محللون أن الفكرة قد تكون "منطقية" إذا ما جاءت في إطارها الرياضي ولم تغلف بأي غطاء سياسي. 

وقال المحلل الرياضي، أحمد كريم، إن الفكرة "منطقية" إذا كان الهدف منها يصب في صالح كرة القدم في روسيا وآسيا على حد سواء.

لطالما حدثت انتقالات للاتحادات الأهلية من عضوية اتحاد قاري لآخر لأسباب مختلفة. كانت إسرائيل تنافس في كرة القدم الآسيوية قبل نقلها إلى أوروبا عام 1974 بعد أن كانت بطلة القارة قبل 10 سنوات.

وفي حالة كازاخستان التي انتقلت من آسيا لأوروبا أيضا كان الأمر مختلفا بعد أن جاء بناء على طلب من الدولة السوفيتية السابقة بالانتقال عام 2001 من عضوية الاتحاد الآسيوي إلى نظيره الأوروبي.

"ارتفاع في هرمونات الرفض"

في حديثه لموقع "الحرة"، يعتقد كريم أن روسيا لا يمكنها التملص من قرارات الاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا" إذا ما كانت ترغب في "إنهاء العزلة الدولية بسبب الحرب في أوكرانيا" عن طريق كرة القدم الآسيوية.

وكانت الهيئات الرياضية الدولية، بما في ذلك الفيفا واللجنة الأولمبية الدولية قد فرضت عقوبات على الرياضة الروسية جراء غزو الكرملين لأوكرانيا خلال فبراير الماضي.

وفي فبراير، استبعد الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) روسيا من كأس العالم، مع إعلان إيقاف كل المنتخبات الروسية الوطنية وأنديتها "حتى إشعار آخر"، على خلفية غزو روسيا لأوكرانيا، وذلك في بيان مشترك مع الاتحاد الأوروبي للعبة (ويفا) الذي اتخذ الخطوة ذاتها.

وحذا الاتحادان الدولي والأوروبي بالتالي حذو اللجنة الأولمبية الدولية التي أوصت لجنتها التنفيذية بحظر مشاركة الروس والبيلاروس في المسابقات الرياضية بعد الغزو الروسي لأوكرانيا.

وقال رئيس الاتحاد الروسي في البيان إنه "من غير المستحب منا أن ندخل في محادثات فوقهم" في إشارة إلى الاتحاد الأوروبي.

وأضاف: "قلت إنه من المهم بالنسبة لنا إقامة مباريات رسمية. كان لدينا عامين بعد جائحة فيروس كورونا، والآن نحن معلقون".

ولعب المنتخب الروسي الأول لكرة القدم 3 مباريات دولية ودية بعد غزو أوكرانيا كانت جميعها مع منتخبات تابعة لدول الاتحاد السوفيتي السابقة.

الصحفي المتخصص في شؤون كرة القدم الآسيوية، سلطان المهوس، يرى أنه من الاهمية دراسة الفكرة بشكل كامل قبل التسرع في إصدار أحكام حولها.

وقال المهوس لموقع "الحرة"، إن "بعض الأفكار قد تبدو غير منطقية في وقت ما، لكن الزمن قد يثبت عكس ذلك، ومن يرى عدم منطقية انضمام روسيا للاتحاد الآسيوي لديه من الحجج ما يجعل من رأيه صائبا وأهمها الجغرافيا".

وتابع: "علينا عدم التسرع وأخذ الوقت الكافي لدراسة الأمر، فمثلا قد يكون هناك تنظيم للبطولات عبر التجمع وهنا قد نلغي الجغرافيا، لكن ماذا عن الآثار الاقتصادية والتنظيمية والمنشطات وسوق المراهنات واللعب النظيف وتطابق الأجندة والسياسة الرياضية".

وقال إن "... الفكرة منطقية في مجال كرة القدم، لكن من يعرف آسيا أكبر قارات الأرض، سيشعر بارتفاع حاد بهرمونات الرفض لها بشكل قاطع".

"الآسيوي لن يلدغ مرة أخرى"

وانقسم كريم مع المهوس بشأن الفائدة المرجوة للكرة الآسيوية من انضمام روسيا المحتمل. وبينما يعتقد المهوس أن القارة الآسيوية "لن تستفيد شيئا" من انضمام روسيا، يذهب كريم في اتجاه آخر قائلا إن المنتخبات والأندية الروسية يمكن أن تساهم في تطور الكرة الآسيوية فنيا من خلال احتكاكها مع فرق ومنتخبات القارة الصفراء، وفق تعبيره.

ومع ذلك، قال كريم إن "وجودها في آسيا سيكون سلاحا ذو حدين" على اعتبار أنها يمكن أن تحجز مقعدا ثابتا في كأس العالم "نظرا لما تتمتع به من إمكانات مالية وبشرية، فهي معتادة على المنافسة القوية ولها تاريخ وباع طويل في هذا المجال".

ومنذ دخولها في قارة آسيا، باتت أستراليا عنصرا ثابتا في منتخبات آسيا المترشحة لكأس العالم بعد كانت تتنافس في اتحاد أوقيانوسيا على نصف مقعد.

وقال كريم إن الاتحاد الآسيوي قد يوافق على الطلب المحتمل لروسيا، لكنه سيتطلب أيضا موافقة الاتحاد الأوروبي والفيفا مثلما صار مع أستراليا.

وترتفع الأصوات في آسيا التي لا تزال ترفض انضمام أستراليا للقارة الصفراء منذ دخولها عائلة الكرة الآسيوية عام 2006. ويرى المهوس أن آسيا لم تستفد شيئا من انضمام أستراليا منذ 17 عاما، قائلا: "لا شيء أبدا أبدا".  

وأضاف أنه "لو رجع الزمن لما وافقت الجمعية العمومية الاسيوية النائمة آنذاك على الطلب الأسترالي الذي مرره المكتب التنفيذي، فقد أثبت الزمن أن آسيا لم تستفد شيئا من انضمام أستراليا التي أصبحت تضمن مقعدا ثابتا بكأس العالم بعد أن لعبت مرتين فقط عامي 1974 و2006".

وقال المهوس إن دخول أستراليا لآسيا كان "أشبه بصفقة بين الاتحاد الآسيوي والفيفا تم تمريرها على الأعضاء بنجاح"، مستبعدا "أن يلدغ (الاتحاد) الآسيوي مرة أخرى، فالأمر مختلف تماما الآن".