العدد 5140
الخميس 10 نوفمبر 2022
banner
هستيريا النشطاء
الخميس 10 نوفمبر 2022

شهدنا في الفترة الأخيرة الكثير من المشاهد الصادمة لبعض النشطاء البيئيين وغيرهم، ومنها تلطيخ لوحة للفنان الهولندي (van Gogh) بسكب العصير عليها في أحد المعارض، وذلك بغية إيصال الرأي فيما يتعلق بقضايا بيئية.
تعبير آخر صادم للرأي، وذلك بإتلاف لوحة للفنان الإسباني (Pablo Picasso) في أحد المتاحف، وآخر لنشطاء نباتيين يتلفون المنتجات الحيوانية في محل من المحلات التجارية، وذلك بسكب الحليب على الأرض بطريقة مستفزة، تهدر النعمة، وتشوه المنظر، وهي انفعالات تعبر عن مدى ضحالة هذا الفكر وسوء التصرف الواضح في التعبير عن الرأي، كما أنه إيصال مشوه للرسالة؛ لما يدل عليه من إساءة وسلبية بالغتين. التعبير عن الرأي بالإساءة عمل ذميم، لا تقبله الأعراف ولا الأخلاق، فلا أسوأ من أن يؤذي من يفترض أنه صاحب رأي ومبدأ الآخرين لأجل إيصال رأيه، في حين أن الأولى أن يوجه إلى نفسه النصح، والأجدر أن يصحح أسلوبه ومساره.
ومن تلك المشاهد الصادمة أيضاً مشهد إغلاق الشوارع، ما يتسبب في إيذاء الناس ممن لديهم أعمال يجب أن يتموها في وقت محدد مثلاً، أو لديهم حالات طارئة، تجعل المطالبة بالحفاظ على البيئة بهذه الطريقة أمراً قد يأتي بنتائج عكسية، خصوصاً إذا ما طال ذلك مصالح وسلامة الناس.
هناك اختلاف جذري بين من يؤمن بشيء أو يعتقده ويعبر عنه بأسلوب والتزام أخلاقي وبالمحافظة على المكتسبات وسلامة ومشاعر الآخرين، وبين من ينتهج هذا النهج السيئ بعدم احترام الآخرين ويمتهن إيذاءهم لإيصال رسالة هي في جوهرها قد تكون سامية - بغض النظر عن اختلافات الرأي في بعض القضايا -، لكن الحقيقة بأنه لا أحد يستمع أو يتأثر إيجابياً بهكذا أسلوب في التعبير عن الرأي بالمجمل العام. هو سوء استغلال للديمقراطية بألا يحكمها الرقيب الذاتي؛ فالديمقراطية التزام بالحقوق والواجبات، واحترام للقانون، كما أن الإيمان بأي شيء كان هو حرية مطلقة، بيد أن الأسلوب المتبع هو ما يخلق الفارق ما بين داع إلى مبدأ ورأي برقي تام، وبين “هستيري” يعبر عن رأيه بالإساءة والإيذاء.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية