أنا، وربما أنت والعديد من الناس، جرّبوا لمرة واحدة على الأقل أن يبحثوا عن أسمهم في جوجل، ومن وجهة نظري إذا وجدت اسمك في أول ثلاثة أسطر أعلى صفحة البحث ومثلها من الصور المختلفة لك، فأنت ناجح في الامتحان، أما إذا لم يكن اسمك هناك، أو تعذبت وأنت تبحث عن اسمك بين الأسماء المشابهة من البحرين ومصر والسودان والعراق... فانتبه، هناك الكثير من العمل الذي يجب أن تقوم به على صعيد تسويق شخصك قبل أن تدخل مجال ريادة الأعمال أو أي مجال آخر يتطلب حضوراً وتواصلاً وبناء علاقات مثمرة.
لم تعد السيرة الذاتية مهمة كثيراً، خصوصًا أن الجميع أصبح يتفنن في كتابتها وحشوِها، وفي اجتياز مقابلة العمل، المهم ما الذي يعرفه الناس وما الذي يقولونه وما هي الصورة الذهنية التي تشكلت لديهم عنك، هل يعرفون أنك عصامي ناجح جاد مسؤول محل ثقة أم أن أحدًا خارج دائرة العائلة والأصدقاء لم يسمع بك من قبل؟
إن مفهوم بناء الهوية التجارية للشركات مفهوم شائع جداً اليوم، وأغلب الناس إن لم يكونوا قد استوعبوا أهمية الهوية التجارية فهم بالتأكيد مرتبطون بالكثير من الهويات التجارية في حياتهم اليومية، ولهذا فإن الشركات تصرف ملايين الدولارات سنويًّا لتعزيز قوة هويتها التجارية، لكن الهوية الشخصية أو إدارة السمعة موضوع آخر، موضوع أكثر أهمية من الهوية التجارية نفسها، خاصة بالنسبة للأشخاص الذين يرغبون في التطور في مسيرتهم المهنية.
بناء هوية شخصية له الكثير من الفوائد على الصعيدين الشخصي والمهني، ويمكن أن يساعد في فتح العديد من الأبواب في المستقبل، فالهوية الشخصية الناجحة هي التي تحتوي على أفضل المهارات والشغف والمساهمات والإنجازات والمؤهلات الأكاديمية الخاصة بك، والتي قد تكون محطّ احترام وتقدير المدراء والزملاء والمهتمين.
يجد الكثيرون صعوبة بالغة في تسويق أنفسهم على عكس الوضع عندما يسوقون لشخص آخر، ولكن من الواجب معرفة أن في زمن مواقع التواصل الإجتماعي فإن هذا الوقت غير مناسب للخجل، أنت بحاجة لتغني بمديح خاص لك من فوق أسطح المنازل كي تستطيع توصيل رسالة للمتلقي بأنك الشخص المناسب للاختيار لسد فجوة أو مشكلة أو حاجة يعانون منها، اليوم بناء الهوية الشخصية يعتمد بشكل كبير على الإنترنت، شخصيًّا أدعي أن من لا يملك وجودًا اليوم على الإنترنت فلن يكون له وجود في الواقع.
بناء الهوية الشخصية ليس بالأمر السريع أو السهل، وهو بحاجة لجهد كبير واستمرارية، بناء الهوية الشخصية يختلف عن هوية الشركات، فأنت لا تملك القدرة على التخلص من أي خطأ يرتبط بشخصيتك وسمعتك على عكس هوية الشركات التي من الممكن دائماً التخلص منها وبدء عمل تجاري جديد، لهذا من الواجب مراعاة كل ما ينشر على الإنترنت؛ لأن ما ينشر لا يمكن سحبه من الشبكة العنكبوتية، هذا ما يجعل من وضع إستراتيجية واضحة لبناء الهوية الشخصية أمراً واجباً.
ومن أنجح الإستراتيجيات في بناء الهوية الشخصية هو التحدث في مجال معين يملك فيه الفرد الخبرة الكافية فيه، ويجب ترك منطقة الراحة وعدم الخجل من التحدث أمام الجمهور، والتركيز على تثقيف الجمهور المستهدف لأن الهوية الشخصية ترتبط بشكل كبير بالمعلومات المقدمة ومدى معرفة وخبرة المتحدث، ومن المهم جداً عدم الاكتفاء بالمعرفة الموجودة والبحث عن كل ما هو جديد في مجالك.
نصيحة لرواد الأعمال
جزء كبير من نجاح عملك التجاري هو هويتك الشخصية، فالكثير من رواد الأعمال قد يملكون المعرفة والخدمات المقدمة نفسها، لكن القليل منهم من يتواجد في منصات التواصل ويتواصل مع الجمهور المستهدف ويثبت عن طريقة هويته الشخصية التجارية أنه أفضل الخبراء في مجال عمله.