العدد 4782
الأربعاء 17 نوفمبر 2021
banner
إيران... التسويف طريق النووي
الأربعاء 17 نوفمبر 2021

نهار الجمعة الفائت أعرب المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي عن استغرابه إزاء نقص التواصل من قبل الحكومة الجديدة التي وصلت إلى الحكم في إيران منذ شهر أغسطس الماضي.
لم يكتف غروسي بهذا التعليق، بل أضاف قائلا إن إيران منعتنا من معاينة منشأة ذرية تعرضت لـ "عمل تخريبي"، وإنه لا يزال يأمل زيارة إيران قبل الجلسة التي سيعقدها مجلس محافظي الوكالة في 22 نوفمبر الجاري، ملوحا في الوقت نفسه بخيبة أمله إزاء عدم تلقيه دعوة من طهران حتى الآن. 
تصر أوروبا على تكرار تجارب الماضي، ولا تتعلم من دروس التاريخ القريب وليس البعيد، وكنا نظن أن الولايات المتحدة الأميركية فقط هي من يفعل ذلك، لكن تبين لنا أن ذاكرة الأوروبيين بدورها شبيهة بذاكرة الأسماك لا الأفيال.
قبل نحو ثلاث سنوات حين ذهب الوزير الفرنسي جان ايف لودريان إلى إيران وكان وقتها يشغل منصب وزير الدفاع، وليس الخارجية، حاول الرجل فتح ملف الصواريخ الإيرانية.. ماذا كان الرد الإيراني؟
دعونا نذكر الأوروبيين بما استمع إليه السيد لودريان، فقد أخبره الملالي بأنه يمكن في حالة واحدة فقط التخلي عن ملف الصواريخ الإيرانية، وهي قيام الأميركيين والأوروبيين بالتخلص من ترسانات الصواريخ لديهم، أي أنه طلب تعجيزي يعبر عما يعتمل في نفس الإيرانيين والنوايا التي تحكم توجهاتهم. الإدارة الإيرانية الجديدة ليست أقل راديكالية من الإدارات السابقة، بل أكثر، والحقيقة التي يعلمها القاصي والداني، أن الحكومات المختلفة ليست سوى بيادق على رقعة شطرنج يحركها المرشد الأعلى خامنئي، وتسوسها قوات الحرس الثوري، لا وحدات الجيش الإيراني التقليدية. 
الهدف الرئيس لحكومة رئيسي لا يعدو تسويف الوقت، على أمل الوصول إلى الحلم المنتظر، أي السلاح النووي الإيراني، والذي يبدو أنه قريب جدا، خصوصا بعد إعلان إيران قبل أيام امتلاكها 25 كيلوجراما من اليورانيوم المخصب بنسبة 60 %. يدهش المراقب المدقق والمحقق للمشهد الإيراني التراخي الأميركي تجاه التعنت الإيراني، إذ لا تتجاوز ردات الأفعال الأميركية التحذير من أن الوقت ينفد، وأن إيران لا تستجيب، عطفا على القول إن هناك خيارات عديدة لمواجهة طهران وقطع الطريق النووي عليها.
على أن الحقيقة تؤكد أن واشنطن يمكنها أن تنهي الأمر مرة وإلى الأبد، حال أيقنت طهران أن الحل العسكري قادر على أن يحسم الأمر بسرعة قادرة، وهذا ما أشار إليه، دنيس روس، الدبلوماسي الأميركي الشهير في قراءة أخيرة له عبر معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى.
والثابت أنه إذا كانت أوروبا غير قادرة، وأميركا غير راغبة، فإنه من غير الخافي على الأعين أن قوة إقليمية بعينها، تتمثل في دولة إسرائيل، لن تسمح بتجاوز إيران العتبة النووية، وما أعلن عنه رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، اللفتانت جنرال أفيف كوخافي نهار الثلاثاء الماضي من أن "الجيش الإسرائيلي يسرع الخطى العملياتية والاستعداد للتعامل مع إيران والتهديد العسكري النووي"، أمر يتوجب أخذه بمنطق الجد.
الملالي لديهم خطة واضحة للسيطرة على مقدرات المنطقة، وهذا هو حلم الخميني منذ الأيام الأولى لثورته غير المباركة، وعليه فالتماهي مع مواقف إيران الحالية يذكر بمواقف الأوروبيين من حكومة هتلر النازية في مهدها.

 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية