العدد 4603
السبت 22 مايو 2021
banner
نحو استراتيجية نضالية فلسطينية واقعية
السبت 22 مايو 2021

كانت سمة العصر في أواخر أربعينيات القرن الماضي غداة نكبة 1948 التحرر الوطني من الاستعمار الغربي في آسيا وأفريقيا، وكانت القضية الفلسطينية - كقضية عربية قومية - تستأثر بمشاعر واهتمام الشعوب العربية كافة، بل وتداخلت موضوعياً بشكل محكم مع مهماتها الوطنية للتحرر من الهيمنة الاستعمارية الأجنبية، لذلك لم يكن غريباً أن تضع الانقلابات العسكرية العربية في الخمسينيات ضمن شعاراتها لاستيلائها على السلطة تحرير فلسطين إثر نكبة 1948 التي حمّلت الأنظمة التي انقلبت عليها مسؤوليتها، في حين أفرزت الحرب العربية - الإسرائيلية الثانية عام 1967 كارثة عسكرية أفدح انتهت باحتلال فلسطين كاملة.

وقد لعبت الأخطاء في الحسابات الناصرية والسوفييتية دوراً في هذه النتيجة المؤسفة، ومُني المشروع القومي الناصري بانتكاسة، هنا تبنت القوى الفلسطينية المتواجدة في مخيمات اللاجئين في الأردن ولبنان خياراً غير مدروس “الكفاح المسلح”، أي القيام بعمليات عسكرية في الداخل الإسرائيلي عبر التسلل من حدود هاتين الدولتين العربيتين بغض النظر عن مدى تمكنهما وشعبيهما من تحمل أعباء الضربات الانتقامية الإسرائيلية القاسية، ناهيك عن تدخل الفصائل الفلسطينية المسلحة في الشؤون السيادية الوطنية لهاتين الدولتين، وكلنا نعرف ما نجم عن ذلك من خسارة المقاومة كلتا الساحتين على التوالي في سبتمبر من عام 1970 ثم صيف عام 1982 عندما حاصر الجيش الإسرائيلي بيروت العاصمة. وهنا أيضاً كانت للقوى الوطنية اليسارية اللبنانية الحليفة للفصائل الفلسطينية أخطاؤها الفادحة لقبولها خوض حرب أهلية متشعبة المهام القومية والمحلية مع تلك الفصائل التي بدورها ليس من شؤونها حل التناقضات المحلية العربية. لكن ورغم هذه التجارب المريرة لم يجرِ للأسف استيعابها فلسطينيا والعمل على تبني استراتيجية نضالية موحدة واقعية تقوم على الاعتماد على القوى الذاتية وعدالة القضية.

ومازالت الفرصة مواتية لاستغلال التعاطف العالمي والدولي الذي كسبته القضية إثر أحداث الشيخ جراح الأخيرة والعدوان على غزة، شريطة إنهاء الانقسام الفلسطيني الراهن وعدم المراهنة على القوى الأجنبية الإقليمية ذات المآرب من الادعاء الكاذب بدفاعها عن القضية الفلسطينية.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية