العدد 4579
الأربعاء 28 أبريل 2021
banner
قهوة الصباح سيد ضياء الموسوي
سيد ضياء الموسوي
10 خطوات نحو “الجنة” السياسية
الأربعاء 28 أبريل 2021

يقول المؤرخ الأميركي ألفرد ويتني جريسوولد “إن الذين لا يعتبرون من أخطاء الماضي مكتوب عليهم تكرارها مرة أخرى”. ويقول أيضا “متى ستتوقف البشرية عن ارتكاب أخطاء سابقيها؟ اجعلوا التاريخ مستشاركم الحكيم”. ولكي لا ينطبق علينا قول الفيلسوف هيجل (تعلمنا من التاريخ أن لا أحد يتعلم من التاريخ)، يجب أن نسعى لصناعة مناخ وطني سياسي جديد يقوم على ترطيب الأجواء، ونثر بذور التفاؤل عبر خطوات مهمة منها: 1. دعم مواقف جلالة الملك لمواقفه الإنسانية في خدمة الوطن، 2. تعميق الثقة مع الحُكم، 3. تجاهل عنتريات الخارج، 4. إيقاف الخطابات المتورمة، 5. تحكيم العقل والوسطية، 6. كسر الأسطوانات المشروخة ذات العزف العنتري، التي تخلو من الواقعية السياسية، فهي لا تقود إلا إلى مقبرة أو سجن أو منفى، 7. المشاركة الإيجابية في بناء الوطن بالمشاركة البرلمانية، وعدم مقاطعتها، ودعم المشروع الإصلاحي وإبداء النقد البناء عبر الأطر الدستورية وفي البرلمان والصحافة والنقابات ومؤسسات المجتمع المدني دون الدخول في مغامرات سياسية ذات بعد أيديولوجي، مع العمل على ترسيخ العدالة الاجتماعية وتحقيق حقوق الناس بمنطق وطني، لا يدخل في إطار كسر هيبة الدولة.

السياسي الحكيم هو الذي يمتلك خطابا علميا عمليا بحيث بإمكانه يعمل على تقوية الثقة والولاء بين الدولة والمجتمع بشكر إنجازات الدولة والنقد العلمي لإخفاقات أو أي خلل أو ثغرات أو فساد في أي وزارة أو هيئة، وفي الوقت ذاته يزيد من مكاسب المجتمع وحقوقه بطرق تقوم على العقل، والتوازن ومد جسور التواصل.

مشكلة من في الخارج أنهم لا يقرأون علم السياسة، ولا هم دارسون للفلسفة كمنهج نقدي. فالفلسفة النقدية هي “البلدوزر” القادر على تفتيت الأسمنت الفكري لعقل الإنسان لتقوده للمراجعة، وإعادة تقييم الأداء، والخروج من الغيبوبة السياسية، وعدم الوقوع في ذات الحفر التاريخية، وتكرار ذات الأخطاء. يقول نزار قباني “إنهم يريدون أن يفتحوا العالم وهم عاجزون عن فتح كتاب،  ويريدون أن يخوضوا البحر وهم يتزحلقون بقطرة ماء، ويبشرون بثورة ثقافية تحرق الأخضر واليابس، وثقافتهم لا تتجاوز باب المقهى الذي يجلسون فيه، وعناوين الكتب المترجمة التي سمعوا عنها”.إن مشكلة من في الخارج أمور عدة: 1. لم يدرسوا علم السياسة، ولا العلوم الأنثربولوجية (الإنسانية)، وغير متابعين للثقافة المتنوعة، وإذا درسها البعض فلا يستخدمها في تفتيت “الصنم السياسي القديم” الذي بناه وعاش عليه من صنم حزبي أو ديني أو سياسي. فأيمن الظواهري مثلا، دكتور في الطب، لكن عقله السياسي لا يتعدى المسافة ما بين عقل طفل رضيع ومراهق، فالشهادة العلمية شيء والثقافة شيء آخر، 2. لا يمتلكون عقلا نقديا أو جرأة نقد الخطأ، 3. ضرورة الخروج من سجن التاريخ، 4. عدم استقلالية قرارهم السياسي، 5. انصهار الموقف للقرار الديني المسيس.

وقناعتي، يجب عدم خلط السياسة بالدين لحفظ الدين. قد يسألني البعض لماذا؟ لأن السياسي الذي يزج بالدين في السياسة، ولو كانت نيته صادقة تختلط عليه السياسة بالغيبيات وبالأمور الرومانسية مع البساطة في فهم الواقع مع صعوبة التحرر من إغراء لذة عشق مغازلة الجمهور، فيدخل في مواقف كارثية، فيورط الناس.

السياسة معقدة، وهي شبيهة بالخلطة النووية. فليس من العقل، التعاطي معها بخطابات حالمة، وبالصراخ أو دسومة البيانات المتشحمة، فتسبب جلطات لمستقبل الناس.

السياسة علم دقيق، تقوم على الدراسة الدقيقة في السياسة والأرقام الاقتصادية، ودقة في معرفة التوازنات الإقليمية والعالمية، ومعرفة للنفس البشرية، وسيكولوجية الجماهير، والتركيب الواقعي للجغرافيا والتحالفات والمكر العالمي ودهاء الدول الإقليمية والعالمية، وما هدف دول عالمية، وماذا تريد من الوطن وكيف أحيانا تشعل الفتن باسم حقوق الإنسان في وطنك والهدف اقتصادي بحت تحت مظلة حقوقية؟

ما فعله الرئيس أوباما بمشروع دعم الإسلام السياسي كان الهدف منه مصالح أميركية بحتة، سببت كل هذا الخراب في الشرق الأوسط. إن السياسة تحتاج لعقول إستراتيجية لا تبسيطية.

إننا بحاجة إلى مراجعة الأخطاء لنربي أجيالا جديدة من أبنائنا، نقودهم إلى الشهادة الجامعية بدلا من شهادة الوفاة، ومن ثقافة التعاسة إلى ثقافة السعادة، ومن الكفن إلى الوطن، ومن المنفى إلى المرفأ ومن رطوبة الزنزانة إلى البحر.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية