+A
A-

البهايئون.. قصص الاضطهاد في ايران واليمن والتعايش بالبحرين

مشروع جلالة الملك الإصلاحي نموذج فريد في احتضان الآخر

تمثل حالات الاضطهاد والاقصاء الممنهجة التي يتبعها النظام الإيراني المستبد ضد الأقليات والعرقيات الدينية في العمق الإيراني، وفي الأقطار العربية التي يهمين عليها الحديد والنار والبارود الذي يقوده قادة الحرس الثوري، صورة مناقضة بشكل كامل لأسس ومفاهيم التعايش في مملكة البحرين والتي رسخ مفاهيم مشروع جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة لممثلي الأديان والطوائف المختلفة بالبحرين.

ويقودنا على سبيل المثال الحالة الرثة التي يعانيها البهائيون في اليمن من تكفير وتهجير وقتل وملاحقة واتهامات تتعلق بالتجسس لجهات أجنبية، وهو التحول الذي حدث بعد سيطرة الحوثيون على مدن عده في اليمن، مما دفع الكثير منهم لترك ممتلكاتهم واراضيهم والتوجه لمناطق أكثر أمناً خارج مناطق سيطرة ميليشيا الحوثي.

وأشارت رئيسة مؤسسة وجود الأمن الإنساني مها عوض في تصريح صحفي سابق بأن ما يحدث للبهائيون في اليمن هو نوع من أنواع التهجير القسري ويعتبر انتهاكاً صارخاً  لحقوق الانسان، وذلك بموجب الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، وباعتبار أنه ايضاً خرق للمواطنة.

وكانت حكومة صنعاء المختطفة من مليشيا الحوثي والتي تدار من طهران، قد قامت في الأيام الأخيرة باعتقال العديد من أبناء الطائفة البهائية وعقدت جلسات محاكمة لكثير من قيادات وأعضاء الطائفة بتهمة التخابر مع ما تطلق اليه بالعدوان، وهي التي تعرضت لها طوائف أخرى عديدة باليمن كاليهودية والمسيحية.

وأصدر في الآونة الأخيرة 300 حكم اعدام من محاكم تتبع ميليشيا الحوثي، ضد خصومهم السياسيين بتهم سياسية جاهزة، منهم أعضاء في الطائفة البهائية وأعضاء بحكومة الرئيس هادي وعدد من النواب الذين عارضوا استيلاء الحوثي على السلطة بقوة السلاح، كل ذلك بضوء اخضر إيراني.

في المقابل، تشير القرائن التاريخية إلى تواجد البهائيين في منطقة الخليج والبحرين تحديداً منذ العقود الاولى من ظهور البهائية، وقد ساهم الترابط الاجتماعي بين الأهالي في مختلف أرجاء المنطقة وروح المودة التي تميز بها سكان الخليج عموما والبحرين على وجه الخصوص، على احتضانهم والتعايش معهم بكل ودّ ومحبة، فهم أبناء هذه المتجمعات وجزء لا يتجزأ من نسيجها.

ويعمل البهائيون في البحرين مع إخوتهم في الجيرة والوطن من أجل رقي وتقدم وطنهم الحبيب بكل عزم وتفان، بجو من التعايش اسسته الدولة البحرينية منذ البدايات الأولى، واحتضنه المشروع الإصلاحي للعاهل المفدى، كنموذج حي يدرس في المنطقة والأقليم والعالم ككل.

وقبل تأسيس البحرين الحديثة واستقلالها لم تكن هناك سجلات وإحصاءات دقيقة للبنية السكانية للتوصل إلى معرفة عدد العوائل البهائية وعلى المدن والقرى التي تواجدوا في تلك الحقبة، إلا أنه من الممكن تقدير ذلك بصورة تقريبية من خلال أبناء وأحفاد الأسر البهائية المعروفة بمملكة البحرين بالإضافة إلى مدونات بعض ممن حاولوا تأريخ مراحل من تاريخ البحرين.

إن أهم ما يميز التواجد البهائي في البحرين هو عدم تمركز البهائيين في أحياء أو قرى معينة بل انتشارهم في مختلف مناطق وقرى البحرين وتعايشهم جنبا إلى جنب مع مختلف أطياف ومذاهب المجتمع البحريني المتميز بالتسامح وتقبل الآخر. اندماج العوائل البهائية مع سائر مكونات المجتمع البحريني وعدم ميلهم للتمركز في تجمع سكاني منغلق هو عدم اعتبار أنفسهم أقلية في المجتمع.

ولقد فتحت قيم المساواة وقبول الآخر في البحرين المجال أمام العديد من البهائيين بالبحرين ليتميزوا ويخدموا وطنهم في مجالات مختلفة، ففي المجال الأكاديمي على سبيل المثال هناك عدد من الباحثين والاساتذة المعروفين ممن عملوا بالجامعات والمؤسسات الأكاديمية البحرينية.

هناك أيضا العديد من الأطباء والفنيين الصحيين ممن تميزوا في تخصصاتهم ويعملون في كبريات المستشفيات في البحرين وخارجها، وكذلك كان قطاع التعليم من القطاعات التي تميز بها العديد من الرجال والنساء البهائيين في البحرين كمعلمين متميزين ومشرفين تربويين، من بينهم المعلمة الفاضلة طلعت جابري والتي خدمت في سلك التعليم قرابة 45 عاما وكانت مديرا مساعدا بالجهاز التعليمي بالوزارة.

بالإضافة الى الكاتب والأديب أبو القاسم فيضي، وهو من الشخصيات البهائية المرموقة والمعروفة عالميا وقد سكن البحرين واعتبرها وطنا له، وممن تميزوا بتكريس حياتهم من أجل التربية الأخلاقية والتعاليم والمبادئ الإنسانية العالية التي تدعو إلى اتحاد البشر وتساوي الأمم ونشر روح السلام.