العدد 4346
الإثنين 07 سبتمبر 2020
banner
كلمة جلالة الملك دلالات التوقيت والمضمون
الإثنين 07 سبتمبر 2020

قال الله تعال: “أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَآءِ* تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ”. (من سورة إبراهيم).

لم تقتصر الإشادة بمضامين الكلمة السامية لعاهل البلاد صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة بعد ختام إحياء مراسم عاشوراء على الجهات المعنية بالتنظيم فحسب، بل تعدت ذلك لتصبح حديث الشارع البحريني، ذلك ما لمسته شخصيا خلال معايشتي لأبناء منطقتي جدحفص ومن خلال تواصلي مع الناس من المناطق والقرى الأخرى في البحرين، الأمر الذي انعكس على وسائل الإعلام المحلية ووسائل التواصل الاجتماعي، لما احتوت عليه الكلمة السامية من قيم إنسانية نبيلة، وبما تمثله من مظلة وطنية جامعة توحد وتجمع، وتعلي من شأن قيم التسامح والتآلف والتعايش والمحبة بين أبناء هذا الوطن الغالي.

ولعل المتابع للشأن المحلي يدرك تماما أهمية ودلالات توقيت الكلمة السامية هذا العام 1442هـ بعد انتهاء مراسم إحياء مناسبة عاشوراء مباشرة والتي تمت بنجاح تام في ظل ظروف الجائحة بفضل من الله ويقظة ووعي رؤساء المآتم والمعزين في البحرين، فالكلمة تعبر بصدق عن ضمير أبناء هذا الوطن، وتمثل مرجعا وطنيا وإنسانيا لهم ونبراسا للجميع؛ وتخرس ألسنة المسيئين للوحدة الوطنية في وطن التسامح والتعايش؛ فلا قول فوق كلمة عاهل البلاد ولا بعدها، فما أحيطت به المناسبة من عناية رسمية معهودة، بل مضاعفة ومكثفة هذا العام بسبب الجائحة يعبر بصدق عن المكانة التي تحظى بها تلك الذكرى على المستويين الرسمي والشعبي.

ولا عجب فالبحرين ومنذ قديم الزمان قدمت أنموذجا فريدا على مستوى المنطقة في التعايش بين الأديان والمذاهب والطوائف والأعراق، وكانت المنامة ولا تزال أيقونة التحضر والتعايش والتسامح؛ إذ تتعانق فيها مآذن المساجد والجوامع للطائفتين الكريمتين والمآتم والكنائس ودور العبادة في ظل الحريات الدينية المصانة منذ قديم الزمان، ما يعبر عن خصوصيتنا البحرينية وتفردنا بنسيج اجتماعي متماسك عصي على كل مغرض لا يحب الخير للبحرين.

وكان نجاح موسم عاشوراء في المنامة وبقية مناطق العاصمة هذا العام رغم التحديات مؤشرا على نجاحه في مختلف قرى ومدن مملكة البحرين، فالمنامة تمثل البوصلة وإليها تتجه الأنظار، وكان لنا في محافظة العاصمة شرف التواصل اليومي المباشر مع رؤساء المآتم والجهات الأمنية والخدمية للعمل على إنجاح هذا الموسم، بتوجيه من وزير الداخلية الفريق أول ركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة، ومتابعة حثيثة من محافظ محافظة العاصمة الشيخ هشام بن عبدالرحمن آل خليفة الذي لم يأل جهدا في سبيل ضمان إقامة هذه الشعائر في أجواء يسودها الأمن والنظام والطمأنينة، وواصل الليل بالنهار مع فريقه، وكان لي الشرف أن أكون أحد أفراد هذا الفريق لإنجاح موسم عاشوراء ولكي يظهر بالصورة الحضارية المعهودة رغم ظروف الجائحة، وفي المقابل أبدى رؤساء المآتم تجاوبا كبيرا ينم عن وعيهم العميق بخطورة الوضع الصحي الذي يلقي بظلاله على البحرين والعالم أجمع.

وبتوفيق من الله سبحانه وبتصافح الجهود الرسمية والأهلية أعطت مآتم البحرين وحسينياتها مثالا يحتذى في اتباع الإجراءات الصحية الحذرة والانضباط والالتزام، وقام رؤساء المآتم وفرق العمل الميدانية من المتطوعين بدور مشهود وبجهود مضاعفة لإنجاح موسم عاشوراء.

وبعد، فقد جاءت كلمة عاهل البلاد تعبيرا صادقا عن مدى قرب القائد من أبناء شعبه واهتمام جلالته بكل شئونهم ومناسباتهم؛ فالكلمة السامية تنم عن حكمة جلالته، وهي تعبير عن قيم شعب عريق وحضارة متجذرة في هذه الأرض، هي كلمة طيبة مثل شجرة طيبة مباركة أعطت ثمارها محبة للجميع، ولذا جاء شكر أبناء الشعب لجلالة الملك من الجميع ومن أعماق القلوب.

 

 نائب محافظ محافظة العاصمة

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .