+A
A-

البحرين في يوم العمال.. الالتزام بتنمية موردها البشري وحماية مكتسباته باعتباره ثروة ومصدرا للقيمة المضافة

في يوم العمال، الأول من مايو، تقدم مملكة البحرين نموذجا في الالتزام بتنمية موردها البشري وحماية مكتسباته باعتباره ثروة ومصدرا للقيمة المضافة والركن الأهم لتنميتها الاقتصادية والاجتماعية المستدامة.

ولا تعمل المملكة في سبيلها إلى ذلك من أجل تحسين كفاءة استخدام هذا المورد، وتوفير العمل الكريم واللائق له فحسب، وإنما تسعى أيضا لتعزيز بيئة عمله الصحية والآمنة، حيث كفلت بإجراءاتها التنظيمية أعلى مستوى من الحقوق التي يمكن أن يحصل عليها العمال.

وقد نجحت البحرين في العمل على أكثر من مسار متواز لتحقيق جملة هذه الأهداف، فإضافة إلى رفع معدلات توظيف وتشغيل العمالة الوطنية، والتعاطي مع تحديات دمج الباحثين عن عمل في المؤسسات والشركات العامة والخاصة، سيما في ظل الظروف والأوضاع الاقتصادية الراهنة، فإنها وعبر استراتيجيتها العمالية الناجحة، استوعبت كذلك الخريجين الجدد إلى سوق العمل، وهو ما أدى إلى ضمان توفير حياة لائقة لهم، وعدم تجاوز معدل البطالة في البلاد نسبة 4.0 % على مدار السنوات الماضية، وهو معدل يوصف بأنه في الحدود الآمنة والمطمئنة.

وإيمانا منها بأهمية الاعتماد على قوة العمل الوطنية، لم تدخر البلاد الجهد في تنفيذ مشروعات التدريب وإعادة التأهيل للراغبين في الانتقال لمجالات عمل جديدة يحتاجها سوق العمل، حيث نجحت نحو 75 مؤسسة تدريب خاصة بالبلاد، في تعزيز خيار البحريني الأفضل عند التوظيف، كما واظبت بالتوازي مع ذلك في سياساتها الرامية إلى اقامة معارض التوظيف العامة والمتخصصة طوال العام، التي تحظى عادة بإقبال كثيف من المواطنين، واستقطبت عبرها الكوادر الوطنية لتسهيل عملية إدماجهم واستيعابهم في القطاعات الانتاجية المختلفة.

وتعكس تقارير دولية متخصصة نجاح سياسات المملكة في مجالات حفظ وحماية حقوق العمال سواء داخل أماكن العمل أو عقب الخروج منها، وشجعت برامج إصلاح سوق العمل التي تبنتها في السنوات الماضية الشركات والمؤسسات الصناعية والتجارية وغيرها، سيما منها الخاصة، على رفع معدلات التوظيف وتوطين العمالة وتوفير المظلة التأمينية المناسبة لهم.

كما تعد البحرين من الدول الرائدة في دعم مشروعات المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وحظيت جهودها في مجالات العمل والعمالة بتقدير كبير على الصعيدين الإقليمي والعالمي بالنظر إلى مشروعاتها وبرامجها ومبادراتها العمالية الرائدة الأخرى.

ومن أبرز هذه البرامج الرائدة التي عززت من بيئة العمل في المملكة: مشروعات دعم وتحسين أجور القوى العاملة الوطنية، والتأمين ضد التعطل الذي اعتبر من بين أفضل الخدمات العمالية المقدمة في المملكة، والذي يعزز الحماية الاجتماعية للعمال خلال فترة تعطلهم، فضلا عن عمليات الرقابة والتفتيش الدورية والمنتظمة على مواقع العمل ومساكن العمال للتأكد من توافر ظروف السلامة والأمان والصحة المهنية، وتحقيق أفضل ظروف ممكنة لبيئة العمل داخل البلاد، علاوة على دعم مشروعات ومعارض الأسر المنتجة، وهو ما يضاف إلى إجراءات تسوية الشكاوى العمالية وديا، وتشكيل لجان تكافؤ الفرص بالأجهزة الحكومية، والأمر الذي أسهم في زيادة نسبة الموظفات البحرينيات، حيث تجاوزت نسبة مشاركة المرأة في القطاع العام 50%، و39% كانت نسبة مشاركتها من إجمالي القوى العاملة الوطنية في العام، وبلغت نسبة الإناث من إجمالي الداخلين الجدد في القطاع الخاص في العام 47% ، ناهيك عن منظومة الحماية التأمينية الاجتماعية للعمال المتقاعدين، والتي تضع البحرين في مصاف أكثر الدول اهتماما بحقوق عمالها سواء أثناء عملهم أو بعد خروجهم منه.

وتأتي جهود حماية الحقوق العمالية في المملكة ضمن منظومة قانونية متكاملة شرعت البلاد في تبنيها منذ سنوات، خاصة بعد إصدار قانون النقابات العمالية عام 2002 وقوانين سوق وصندوق العمل والتأمين ضد التعطل عام 2006، وقانون الخدمة المدنية 2010 وقانون العمل في القطاع الأهلي عام 2012، وغيرها من إجراءات استطاعت بها وضع إطار تشريعي نافذ لدعم قوة العمل المواطنة وحماية وحفظ مكتسباتها، فضلا عن حفظ حقوقها والدفاع عن مصالحها.

وإزاء المستجدات الأخيرة المتعلقة بتداعيات انتشار فيروس كورونا (كوفيد - 19)، نجحت استراتيجية البحرين الوقائية وإجراءاتها الاحترازية في مواجهة خطر الفيروس ومكافحة العدوى وسط بيئات وأماكن العمل المختلفة، ووجهت الجهات المعنية بضرورة اتباع كافة التعليمات الصحية الموضوعة في هذا الشأن، كما كثفت من جولاتها التفتيشية والرقابية لقياس مدى التزام منشآت العمل، سيما في القطاع الخاص، بالإجراءات الموضوعة.

وكانت وزارة العمل والتنمية الاجتماعية قد وضعت عدة معايير استثنائية على أصحاب الأعمال والعمال الالتزام بها بهدف حمايتهم في ظل هذه الظروف التي يفرضها خطر الوباء، ومن ذلك: تفعيل لجان السلامة والصحة المهنية بالمنشآت، والتقيد بلبس كمامات الوجه، فضلا عن ضرورة التقيد بتعقيم المساكن التي يقطنها بالتحديد العمال الأجانب، وتخصيص مساحات محددة للحجر الاحترازي، وتعزيز الوعي في أوساطهم عبر المطبوعات، وتقليل عددهم في أماكن العمل ووسائل المواصلات المستخدمة لنقلهم، وتعزيز التوجه ناحية العمل من المنزل.

وقد استهدفت الوزارة من وراء هذه الإجراءات الأخيرة حماية العمال وعدم تأثر العملية الإنتاجية في ذات الوقت، سيما بالنسبة للعمالة التي تفرض ظروفها التعاطي مع الجمهور، وهو ما يشهده الجميع الآن في المجمعات التجارية وغيرها، حيث تتوفر كل الوسائل الوقائية المطلوبة من مقاييس للحرارة وضرورة ارتداء كمامات الوجه وقفازات اليدين وتعقيم الأدوات المستخدمة والمسافات الآمنة، ناهيك بالطبع عن نقل وتوزيع العمال على أماكن أخرى للسكن للحد من التزاحم.

وتأتي هذه الإجراءات الإنسانية المهمة ضمن منظومة متكاملة لحماية القوى العاملة في البحرين المواطنة منها والوافدة، وكانت هذه الأخيرة قد حظيت باهتمام ملحوظ جعل من المملكة واحدة من أهم الدول في العالم التي يُفضل العيش بها بالنسبة لهم، ومن بين أكثر الدول نجاحا في الحد من جريمة الاتجار بالبشر الدولية، والرائدة في حظر العمل تحت أشعة الشمس والأماكن المكشوفة خلال فترة الظهيرة في شهري يوليو وأغسطس من كل عام بحسب القرار الوزاري رقم 3 لسنة 2013.

ونظرا لهذه المسيرة المكللة بالإنجازات في مجالات دعم العمالة وحفظ حقوق الأيدي العاملة، اختيرت المملكة كعضو أصيل في مجلس إدارة منظمة العمل الدولية ضمن فريق الحكومات للدورة 2017-2020، وتعد واحدة من الدول الملتزمة بمعايير العمل الدولية، خاصة في ظل تطبيقها لمبادئ الحريات النقابية وتعددها، وتعزيز الحماية الاجتماعية وغيرها. وقد صادقت البحرين على عدد من الاتفاقيات العمالية في ذات الشأن، ومن أبرزها الاتفاقية رقم 159 الخاصة بالتأهيل المهني لذوي الإعاقة، ورقم 111 الخاصة بالتمييز في الاستخدام والمهنة، و182 الخاصة بحظر أسوأ أشكال عمل الأطفال، و155 الخاصة بالسلامة والصحة المهنيتين، ورقم 138 الخاصة بالحد الأدنى لسن الاستخدام، وكذلك الاتفاقية رقم 29 بشأن حظر العمل الجبري ورقم 81 بشأن تفتيش العمل.