+A
A-

الدوحة مستمرة في تشويه صورة البحرين عالميا

عندما أعلنت مملكة البحرين قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر صباح يوم الاثنين الموافق 5 يونيو 2017، قالت المملكة، في بيان رسمي، إنها اتخذت القرار حفاظا على أمنها الوطني في مواجهة إصرار الدوحة على المضي في زعزعة الأمن والاستقرار في البحرين والتدخل في شؤونها والاستمرار في التصعيد والتحريض الإعلامي.

التحريض الإعلامي الذي تمارسه الدوحة ضد البحرين لم يتوقف قط، بل زادت وتيرته بعد قطع العلاقات، ولا تزال الأبواق الإعلامية التي تملكها وتديرها دولة قطر في السر والعلن مستمرة في سلوكها المشين ضد المملكة، ضاربة بكل الأعراف والمواثيق بين الأشقاء عرض الحائط.

وفيما أعربت البحرين عن أسفها لهذا القرار الذي اتخذته صيانة لأمنها وحفاظا لاستقرارها، تستمر الممارسات القطرية الخطيرة، التي لم يقتصر شرها على مملكة البحرين، بل يمتد إلى دول شقيقة وعلى رأسها المملكة العربية السعودية ومصر ودولة الإمارات العربية المتحدة، حيث تسخر الدوحة أدواتها الإعلامية المنتشرة في أنحاء العالم لتشويه صورة البحرين أمام العالم والنيل من المملكة والدول الشقيقة، ويعد موقع
MEE Middle East Eye أو “عين الشرق الأوسط” ضلعا رئيسا في هذه الشبكة القطرية المشبوهة.

 

أجندة مشبوهة

موقع MEE، الذي أطلق من لندن في فبراير 2014 ويصدر باللغتين الإنجليزية والفرنسية، يبدو ظاهريا موقعا ناجحا، فعدد الصفحات المقروءة في اليوم يتجاوز الـ 30 ألف صفحة، وهناك أكثر من 526 ألف مشترك على صفحة الموقع في الفيسبوك بالإنجليزية و67,641 بالفرنسية، ويتابعه على تويتر 106 ألف متابع بالإنجليزية و7033 متابعا بالفرنسية، لكنه لا يعدو أكثر من كونه أداة لتمرير أجندة مشبوهة تستهدف تشويه سمعة البحرين والدول العربية الشقيقة عالميا، وتخدم مصالح إيران و“الإخوان المسلمين”.

عند إدخال “البحرين” في حقل البحث بموقع MEE تخرج النتيجة بـ248 مادة صحافية، ما بين مقالات وقصص وتقارير إخبارية، جميعها سلبية وأكثرها يستهدف البحرين بشكل مباشر بتشويه صورتها أمام العالم والإساءة لجهودها في مجال حقوق الإنسان.

منذ أن أعلنت البحرين قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر مطلع الشهر الماضي نشر الموقع 30 تقريرا سلبيا تجاه البحرين منها 6 تقارير تستهدف المملكة بشكل مباشر، من بينها تقريران مسيئان نشرا يوم 14 يونيو الجاري.

التقارير والمقالات المسيئة يكتبها ناشطون يقدمهم الموقع على أنهم صحافيين، وبالتالي يحقق الموقع أهدافه المريبة متخفيا تحت عباءة الصحافة المستقلة، وهو ما أكده رئيس تحرير الموقع ديفيد هيرست بنفسه عندما قال إن العاملين في MEE “يدخلون ناشطين ويخرجون صحافيين” ليخلق نوعاً من التمويه على قضية استقلالية الموقع وحياديته.

هيرست، الذي عمل لفترة طويلة كبير الكتاب في القسم الدولي بصحيفة الغارديان البريطانية، يدعي أن الموقع، الذي يضم 20 موظفا يعملون بدوام كامل في مكتب لندن وعشرات الصحافيين المستقلين في عدة بلدان، يقدم صحافة مستقلة، لكنه لم يعلن صراحة أن قطر هي التي أسست الموقع وتمول تشغيله، لغاية واضحة وهي الإساءة للبحرين والسعودية والإمارات ومصر وتلميع صورة قطر والترويج للنظام الإيراني والإخوان المسلمين.

وجهة النظر الإيرانية

وفي حين يستمر الموقع في نشر العشرات من المقالات والتقارير المسيئة للبحرين لم ينشر بطبيعة الحال موضوعا واحدا ينتقد دولة قطر، عدا بضعة تقارير لا تتجاوز نسبتها 3.5% تتحدث عن “الأوضاع السيئة” للعمالة المنزلية وعمال كأس العالم، وهي عبارة عن مواد إخبارية تم تجميعها من وكالات الأنباء، والأغرب من ذلك أنه من بين نحو 1600 تقرير نشرها الموقع عن إيران لا يوجد إلا بضعة تقارير تعد على أصابع اليد الواحدة تنتقد أوضاع حقوق الإنسان في إيران، ولاسيما قضية ارتفاع عدد حالات الإعدام، وغالبا ما تكون هذه التقارير مقرونة بارتفاع عدد الإعدامات في السعودية، في تروج باقي التقارير لوجهة نظر النظام الإيراني.

 

 

مصادر التمويل

هيرست الذي يدعي، في فيديو على شبكة الإنترنت، أن الموقع مستقل سياسيا وماليا، ولا يرتبط بأي حكومة أو حركة (وصلة الفيديو: https://www.youtube.com/watch?v=dGQjGriahZ8) لم يكشف مصادر تمويل الموقع، الذي يخلو من أي إعلانات تذكر، ومن الجهة التي تدفع رواتب “الصحافيين” إلى ذلك من تكاليف الترجمات والتكاليف الأخرى المرتبطة بمكتب لندن وإدارة الموقع الإلكتروني.

ومن اللافت أن الموقع في غضون فترة زمنية وجيزة قفز إلى المرتبة 35,720 على مستوى العالم من حيث عدد الزوار، وإلى المرتبة 5,019 في بريطانيا، فيما يحتل المرتبة 1,102 في قطر، وفق موقع Alexa العالمي المتخصص في تصنيف المواقع الإلكترونية، وهو ما يؤكد أن الموقع يتلقى دعما ماليا سخيا.

وبحسب بيانات Alexa، تبلغ نسبة زوار الموقع من بريطانيا 17.8 % ومن الولايات المتحدة الأميركية 17.4 %، يليها قطر بنسبة 7.8% ثم فرنسا بنسبة 5.7 % فكندا 4.3 %، وبسبب الانتشار الواسع حصل الموقع على جائزة “أون لاين أوارد” ورشح أيضا لجائزة أفضل موقع إخباري في العالم.

ويقول هيرست عن الموقع “نهدف إلى أن نكون البوابة الرئيسة لأخبار الشرق الأوسط وجمهورنا المستهدف هم جميع القراء الذين يعيشون في المنطقة وحولها ويولون اهتماما كبيرا بمصيرها”.

جمال بسيسو

ويعرف MEE نفسه، في زاوية “عن الموقع” بأنه منظمة إعلامية الكترونية أنشئت في فبراير 2014 وممولة من قبل جهات مستقلة، دون تسمية تلك الجهات، لكن الوثائق القانونية التي قدمتها شركة MEE والمتاحة على الإنترنت تشير إلى أن الموقع مسجل باسم شخص يدعى جمال العوامي أو كما يطلق عليه جمال بسيسو، الذي يصف نفسه في وثيقة ترخيص الموقع بأنه مستشار موارد بشرية.

لا توجد أي صورة لبسيسو على الإنترنت، لكن المعلومات المتوفرة عنه توضح أنه من أصل فلسطيني ولد في العام 1969 في الكويت ويحمل الجنسية الهولندية ويعيش في انجلترا، وعمل كمدير للتخطيط والموارد البشرية بشبكة الجزيرة الإعلامية، كما شغل منصب المدير العام لتلفزيون (سما لينك) في لبنان والذي يقوم ببث تلفزيون القدس، كما عمل أيضا لشركة عقارات بدبي مع أنس مقداد الذي يعتبر على صلة بحركة الإصلاح، الجناح الإماراتي التابع لحركة الإخوان المسلمين المحظورة. هيرست قلل، في لقاء مع صحيفة
The National الإماراتية، من أهمية بسيسو بالنسبة للموقع بالرغم من اعترافه بأنه زميل ومدير للموارد البشرية الشؤون القانونية للشركة، متجاهلا أن اسمه يظهر في كافة الوثائق الإدارية الرسمية المتوفرة لدى السلطات البريطانية.

المؤسس المجهول

وتشير صحيفة The National، إلى أن مؤسس الموقع شخص يدعى جوناثان باول، الذي غادر الدوحة إلى لندن عام 2013 بتكليف رسمي لإنشاء نشرة MEE. ويعرف باول نفسه عبر موقع Linkedin بأنه يعمل في الدوحة مستشارا إعلاميا مستقلا منذ سبتمبر 2013 وحتى اليوم، حيث يقدم استشارات استراتيجية ويدير إطلاق المنصات الإعلامية الرقمية والتقليدية، وذلك إلى جانب منصبه كمدير للمبادرات الإستراتيجية في شبكة الجزيرة الإعلامية.

بدأت علاقة باول بالجزيرة منذ مايو 2006 عندما عمل بقناة الجزيرة الوثائقية رئيسا للبرامج وعمليات الاستحواذ، وتدرج بالمناصب الإدارية في الشبكة، حيث عمل مديرا للشؤون التجارية والعمليات الدولية ومديرا لمكتب إدارة البرامج بالجزيرة أميركا في مدينة نيويورك، إلى أن عين مديرا للمبادرات الإستراتيجية في نوفمبر 2013، وهو المنصب الذي يحتفظ به حتى يومنا هذا.

زيارة واحدة لموقع MEE ستكون كافية لاستشعار الأجندة المشبوهة التي يحملها القائمون على الموقع تنفيذا لمخططات تستهدف زعزعة أمن واستقرار البحرين والدول العربية الشقيقة عبر إنفاق المليارات على حملات التحريض والتضليل الإعلامي، سواء التي يمارسها MEE أو صحيفة الهافينغتون بوست، بنسختيها العربية والإنجليزية وغيرها من الصحف والمنصات الإلكترونية، التي انبثقت من إخطبوط الجزيرة الإعلامي.