+A
A-

الدين العام .. خوف غير مبرر

يعتبر كثيرون ارتفاع الدين العام لأكثر من الناتج المحلي الإجمالي لدى الدول خطر يهدّد اقتصادياتها، وينذر بمستقبل معتم، وهو أمر غير صحيح البتة.

وينطبق هذا بشكل واضح على البحرين، حيث نجد العديد من المراقبين ونواب، ينظرون إلى الأمر نظرة تشاؤمية، ويؤكدون أن ارتفاع الدين العام خطر داهم يهدد الاقتصاد الوطني.

 

سقف الدين العام

ووضع مجلس النواب سقفًا للدين العام في 2015 بأن لا يتجاوز الـ 10 مليارات دينار، في حين سينظر خلال الفترة القريبة المقبلة لرفعه إلى 13 مليارًا، ما يعني أنه سيشكل 108 % من الناتج المحلي الإجمالي للمملكة.

وارتفع الدين العام في الربع الأول من العام الجاري بنحو 251 مليون دينار، حيث سجل في نهاية مارس 8.95 مليار دينار، قياسًا بـ8.7 مليار في العام 2016، أي بنسبة 2.9 % تقريبًا. (يشكل 74.5 % من الناتج المحلي الإجمالي).

وكان الدين العام بلغ في نهاية العام 2015 حوالي 7.05 مليار دينار، فيما كان قبل نحو 10 سنوات (2007) حوالي 616.6 مليون دينار.

وكانت الحكومة أرفقت مع مشروع قانون اعتماد الميزانية العامة للدولة المحال إلى مجلس النواب مشروعين لقانونين مكملين، الأول يشمل رفع سقف الاقتراض من خلال الأدوات المعمول بها، وهي الأذونات على الخزانة العامة، سندات التنمية، وأدوات التمويل المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية، وآخر بشأن التصرف في أموال احتياطي الأجيال القادمة، ويتضمن إدراج مساهمات مالية من حساب الاحتياطي لدعم الميزانية العامة للدولة للسنتين 2017/ 2018 والتي قدر حجم العجز فيهما 2.5 مليار دينار.

وقدرت الميزانية الجديدة سعر برميل النفط عند 55 دولارًا في حين تحتاج البحرين للوصول إلى التوازن 119 دولارًا في 2017 و114 دولارًا في 2018. وتوقع مشروع الميزانية عجز العام 2017 حوالي 1.3 مليار دينار وهو يشكل 10.9 % من الناتج المحلي الإجمالي، العام 2018 قرابة الـ1.2 مليار دينار بواقع 9.9 % من الناتج المحلي الإجمالي.

ومع توقعات استمرار أسعار النفط على حالها لفترة ليست بالقصيرة فإن الاقتراض هو السبيل الوحيد ـ على ما يبدو ـ أمام الحكومة لتغطية العجز في الميزانية.

 

نسبة الدين العام من الناتج المحلي الإجمالي

وعن ذلك يقول الخبير الاقتصادي أكبر جعفر إن تحديد نسبة الدين العام من الناتج المحلي الإجمالي للدول يخضع لمعايير دولية واقتصادية متعارف عليها، وهي لا تمانع أن يتجاوز نسبة 100 %. وبين أن تحديد 60 % كسقف غير صحيح وليس له أساس من الصحة. وعن وضع البحرين أكد أن صعود الدين العام إلى ما فوق الناتج المحلي الإجمالي لا يشكل خطرًا على الاقتصاد طالما الحكومة قادرة على الإيفاء بالتزاماتها وقادرة على سداد الدين. وأوضح أن بعض النواب يجتهدون من غير علم بأن ذلك يشكّل خطرًا على الاقتصاد، داعيًا إياهم إلى الرجوع للمختصين في هذا المجال وعدم قراءة الكتاب من غلافه فقط.

وتابع جعفري “حكومة البحرين خبيرة في تجاوز الأزمات المالية والتاريخ يزخر بالكثير من الأمثلة، (...) دائمًا ما كانت الحكومة تخرج من الأزمات بسياسات نقدية ناجعة لا يشعر بها المواطن العادي”، في إشارة إلى قدرتها على تسوية الأمور وتجاوز الظروف الاقتصادية الحالية. 

وأضاف “دائمًا ما تمتعت سياسات البحرين المالية بالاحتواء والقدرة على التكيف”.

وبين جعفري أن “معظم الدول المتقدمة لديها دين عام يفوق ناتجها الإجمالي بأكثر من 100 %”.

وبحسب المنتدى الاقتصادي العالمي فإن الولايات المتحدة الأميركية واليابان وإيطاليا وايرلندا وإسبانيا وفرنسا ضمن قائمة 20 دولة التي تفوق ديونها الناتج المحلي الإجمالي.

لكن للمحلل الاقتصادي جعفر الصائغ رأي آخر في هذا الخصوص، حيث قال في تصريحات للبلاد نشرت أمس الأول إن “ارتفاع الدين العام يعني تراجع ثقة المستثمرين بالاقتصاد، وتراجع رتبة البحرين في التصنيف الانتمائي ما يؤدي إلى ارتفاع كلفة الاقتراض”.

وتسعى الحكومة تنويع مصادر الدخل من خلال دعم خطوات تطوير أنظمة تحصيل الإيرادات المستحقة على الوزارات والجهات الحكومية والشركات ومؤسسات القطاع الخاص والأفراد، وتنفيذ مبادرات تنمية الإيرادات غير النفطية، ومراجعة عدد من الخدمات الحكومية وتطبيق مبدأ استرداد التكلفة حيال هذه الخدمات. 

فوائد الدين العام

وقدرت الميزانية فوائد الدين الحكومي بمبلغ 477 مليون دينار للسنة المالية 2017، وذلك بارتفاع بنسبة 22 % في السنة المالية 2017 مقارنة بالقيمة المقدرة لهذه الفوائد في قانون اعتماد ميزانية للسنتين الماليتين 2015 - 2016 ومبلغ 553 مليون دينار للسنة المالية 2018، وذلك بارتفاع بنسبة 16 % في السنة المالية 2018 مقارنة بالسنة 2017. 

وأشار وزير المالية الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة إلى وضع استراتيجية متوسطة المدى للتحكم في نمو مستويات الدَّين العام، والحد من نمو الاعتمادات المخصصة لسداد الفوائد المترتبة على أرصدته، والاستفادة من أية وفورات متحققة في الميزانية لخفض فوائد الديون، وتنفيذ المشاريع والبرامج الحكومية التي تعود بالفائدة على الاقتصاد الوطني.

 

تفاصيل الميزانية 2018/2017

وقدرت الإيرادات في الميزانية الجديدة 2017/2018 بمبلغ 4.5 مليار دينار، منها 2.2 مليار دينار للسنة المالية 2017، ونحو 2.3 مليار دينار للسنة المالية 2018، حيث شملت أسس تقديرات الإيرادات النفطية تقدير سعر بيع النفط بقيمة 55 دولارًا للبرميل، مع تقدير إجمالي الدعم المقدم لمبيعات النفط في السوق المحلية بمبلغ 35 مليون دينار و25 مليون دينار للسنتين الماليتين المذكورتين على التوالي، وتقدير إنتاج حقل البحرين من النفط عند 47 ألف برميل يوميًّا للسنة المالية 2017 و45.6 ألف برميل يوميًّا للسنة المالية 2018، وإنتاج حقل أبوسعفة عند 150 ألف برميل يوميًّا لكل من السنتين الماليتين 2017 و2018.

كما تم تقدير إيرادات بيع الغاز على أساس سعر 3.03 دولار للوحدة الحرارية ابتداءً من السنة المالية 2017، وسعر 3.29 دولار ابتداءً من السنة المالية 2018، وتقدير الإنتاج السنوي للغاز عند 516.8 مليار قدم مكعب و535.4 مليار قدم مكعب للسنتين الماليتين 2017 و2018 على التوالي.

وعلى صعيد الإيرادات غير النفطية (دون الإعانات)، فقد تم تقديرها بمبلغ 475 مليون دينار للسنة المالية 2017، ونحو 537 مليون دينار للسنة المالية 2018، وذلك أخذًا في الاعتبار الأثر المالي جراء تنفيذ مبادرات تنمية الإيرادات غير النفطية التي أصدرتها الحكومة خلال الفترة الماضية، بينما تم تقدير إيرادات الإعانات بمبلغ 28 مليون دينار لكل من السنتين الماليتين 2017 و2018.

أما المصروفات العامة، فتم تقديرها بمبلغ 7 مليارات دينار، بواقع 3.5 مليار دينار لكل من السنتين الماليتين 2017 و2018، حيث تم تقدير إجمالي المصروفات المتكررة (دون فوائد الدين الحكومي) بمبلغ 2.7 مليار دينار لكل من السنتين الماليتين 2017 و2018، وذلك بانخفاض قدره 3.2 % في السنتين الماليتين 2017 و2018 مقارنة باعتماد المصروفات المتكررة في قانون اعتماد ميزانية السنتين الماليتين 2015 – 2016.