+A
A-

بالـ«عواشر الثلاثة».. هكذا يحيي الموريتانيون شهر رمضان

يستقبل الشعب الموريتاني شهر رمضان المبارك كغيره من الشعوب الإسلامية بالفرح والابتهاج وتعلو فيه الروحانيات، حيث يُقبل الموريتانيون خلاله على المساجد وممارسة العادات الاجتماعية الأصيلة المرتبطة بصلة الرحم والتكافل الاجتماعي والأعمال الصالحة.

وها هو قد انتصف الشهر المبارك حيث انتهت فيه العشر الأول بسرعة البرق، لكن في موريتانيا رمضان له تسميات غريبة تُمَيّز الشهر الفضيل في هذا البلد العربي عن باقي الدول العربية.

 يقسم أهل موريتانيا شهر رمضان باصطلاحاتهم الخاصة، فالمصطلح الشعبي عندهم يقسم الشهر المبارك إلى ثلاث عشرات، هي "عشرة الخيول" و"عشرة الجِمال" و"عشرة الحمير".

ويعنون بهذه التقسيمات، أن العشرة الأولى تمر وتنتهي بسرعة الخيل، لعدم استيلاء الملل والكسل على النفوس، أما العشرة الثانية فإن أيامها أبطأ من الأولى لذلك فهي تمر بسرعة الجمال،  ثم تتباطأ الأيام في سرعتها حتى تهبط إلى سرعة الحمير.

وفي شهر رمضان تتعدد المظاهر الاجتماعية والدينية في الصلات بين الناس، حيث يتم توزيع الأطعمة والأغطية على المرضى في المستشفيات، كما يتم تقديم مساعدات مادية لسكان البوادي والمناطق النائية.

ويتردّد الموريتانيون على المساجد وعلى حلقات العلم، ومن عادتهم في مجال العبادة المثابرة على قراءة التفسير في المساجد، كما ينظِّم غالبيتهم حلقًا لتدارس كتب الحديث في البيوت، وينشط العلماء والوعاظ في المجالس العامة والخاصة.

وبمجرد رفع أذان المغرب تتناول الأسرة التمر ومشروب المذق والشاي الأخضر ثم تؤدي صلاة المغرب وتعود مرة أخرى لتناول طعام الإفطار.

وتتشابه العادات الغذائية لدى المجتمع الموريتاني في رمضان، وتشكل روتينًا شبه ثابت منذ فترة طويلة، ورغم أن بعض الوصفات الوافدة بدأت تتسلل خلال الأعوام الأخيرة إلى المطابخ الموريتانية إلا أن تأثيرها يبدو طفيفًا؛ حيث لا يزال التمر أول ثوابت الإفطار امتثالا للسنة النبوية الشريفة.

ويظل "أطاجين" الوجبة الرئيسة التي لا تخلو مائدة إفطار موريتانية منها، وهو عبارة عن طبخة معدة من البطاطس باللحم، كما يمثل "الزريق" المشروب الأساسي، وهو خليط من الماء والحليب واللبن الرائب، إضافة إلى "الشوربة" المعدة من الخضار أو الطحين.

 وبعد صلاة العشاء والتراويح يكون طبق اللحم المشوي قد استوى على الفحم ليقدم مع السلطة الخضراء. ويختلف توقيت تناول هذه الوجبة، فمنهم من يتناولها مباشرة بعد الفراغ من صلاة المغرب، ومنهم من يؤخّرها إلى ما بعد صلاتي العشاء والتراويح، أما وجبة السحور فغالبًا ما تكون من الأرز أو الكسكسي.

وبعد أداء صلاة التراويح يبدأ الناس التزاور، وتبادل أحاديث السمر، وتتسلى النساء بلعبة شهيرة تدعى "السيك" فيما يلهو الرجال بلعبة الشطرنج التقليدية المسماة "ضاما".

كما يعشق كثير من الموريتانيين ندوات الشعر التي تقام بالخيام الليلية، والتي يرافقها الطرب الحساني.

 ويحافظ الموريتانيون على سنة السحور، ومن الأكلات المشهورة  لديهم على طعام السحور ما يسمى  "العيش" ، وهو نفسه ما يسمي  " العصيدة " عند أهل السودان.

 وتلقى سُنَّة الاعتكاف في موريتانيا خلال رمضان  حضورًا من بعض كبار السن، ومن بعض الشباب الذي ينتهز هذه الفرصة للإقبال على الله وتجديد التوبة معه، ويعكف غالب الناس على تلاوة القرآن، فهناك من يختم القرآن كل يوم وليلة.