+A
A-

المشاركون في ندوة “البلاد” (2-2): التحرك ضد إيران عبر البيت الخليجي ووفق أجندات واضحة

-المردي: الإعلام الخليجي قادر على تقديم الكثير إن توحدت الرؤية

-الباكر: سياسة التريث والتهدئة قد تخالف الحكمة أحيانًا

-الشيخ: هناك إشكالية بفلسفة عمل مؤسسات المجتمع المدني

-المناعي: يجب أن نعامل نظراءنا وفق سياسة “التعامل بالمثل”

 

اتفق المشاركون في الحلقة الثانية من ندوة “البلاد” بعنوان “الإعلام الإيراني ودوره المضلل في المنطقة العربية” على أهمية التحرك ضد التدخلات الإيرانية من خلال البيت الخليجي، ووفق أجندات عمل واضحة المعالم ومتفق عليها، موضحين أنه في عام 2011 كانت هناك دول شقيقة تشكّك بحجم هذا الخطر، إلا أن مواقفها تغيرت الآن.

ورأى المشاركون ضرورة إيصال صوت الشعوب الأحوازية المكلومة للعالم، وتشكيل قيادات سياسية وإعلامية لها، تسعفها على توحيد الرؤى والمواقف بالمحافل الدولية، وبدعم ومساندة من الدول العربية، خصوصًا وأن التوغل الإيراني مستمر ولن يتوقف، ولنظام أوكل لنفسه بلا أي حق تمثيل مطالب الشيعة في العالم، مغلبًا الإرادة الفارسية على هويتهم ووجودهم وكيانهم. 

وضيوف الندوة هم رئيس لجنة الشؤون الخارجية والدفاع والأمن الوطني عبدالله بن حويل، عضو مجلس الشورى درويش المناعي، المحامي والمشرع فريد غازي، أستاذ الإعلام السياسي عدنان بو مطيع، الباحث بالشأن الإيراني إبراهيم الشيخ، رئيس جمعية التجمع الدستوري عبدالرحمن الباكر، وبمشاركة رئيس التحرير مؤنس المردي، ومدير التحرير أيمن همام. 

 

هنالك مطالبات بإيجاد مشروع لتهيئة الطلبة البحرينيين في الخارج، ليكونوا صوت الخليج الإعلامي والسياسي، ما رأيكم؟

 

بو مطيع: من الصعوبة تحقيق ذلك، زحمة الدراسة والانشغال بها لا تتيح للطالب حرية الحركة والتواصل، والتواجد هنا وهناك، خصوصًا وأن المعيشة بالدول الغربية غالية جدًّا، ومن يقوم بالعمل المناوئ للبحرين وراءه ميزانية كبيرة، ومنهج محدد يتحرك من خلاله سواء على مستوى الإعلام، أو نواب البرلمان، أو قوى الضغط.

وما نحتاجه بهذا الجانب، هو أن نزرع بالطلاب الحس الوطني، وأن يتفوقوا بدراستهم بالدرجة الأولى، وأن يكونوا نموذجًا للبلد بالنجاح والتميز.

 

الشيخ: هنالك بنود معينة يوقعها الطالب المبتعث بالخارج تحول دون تدخله بالأمور السياسية، وأي تجاوز قد يؤدي لسحب البعثة، وهو ما يؤكد غياب الرؤية في إيجاد برامج متكاملة للطلبة في الخارج لمواجهة المشروع الإيراني.

وبرأيي، فإن الدولة مدعوة للسير بهذا الأمر من خلال البيت الخليجي، ووضع أجندة عمل واضحة متفق عليها، كالبرامج، والدورات، وورش العمل، وزيارة أماكن الصراعات الفكرية، كمجلس العموم، اللوردات، الكونغرس وغيرها.

 

لماذا لا تستغل جماعة (مجاهدي خلق) إعلاميًّا؟

 

الشيخ: الاعتماد على أنفسنا وعلى القضايا الرئيسية كالعرب الأحواز هي أجدى من التوجّه نحو شاكلة هذه المنظمات، فهي يوم معك، ويوم ضدك، وبالإمكان توظيفها لإيصال رسائلك الإعلامية للخارج، ولكن برؤية واضحة المعالم.

 

 يطالب الكثيرون بإحياء القضية الأحوازية عالميًّا، فهل إثارة الشعوب الأحوازية يقابلها المقدرة على حمايتهم فيما بعد؟ 

 

الشيخ: غالبية العرب الأحواز من الشيعة، ومن المحافظين على أنماطهم العربية كالعادات والقيم وإكرام الضيف، وحتى لبس البشوت، وإيران متنبهة لهذا الأمر، ومتوجسة منه، بل إنه يتم إعدام الأحوازي إذا ما لبس (البشت)، وللنظام الإيراني حملات مستمرة لتحطيم الأطباق الفضائية فوق أسطح المنازل حتى لا يطلعوا على الثقافات الأخرى وعلى المتغيرات بالعالم.

 

وهناك حركات قومية احوازية مرتبطة بالخليج العربي بشكل كبير، ولكنه حب من طرف واحد، فمواقف الخليج لا تزال في إطار التصريحات الإعلامية، ومواقفها لا تتعدى بهذا الجانب ردة الفعل، وبذلك تناقض مع الإرهاب الإيراني في أوطاننا.

والمطلوب ليس إثارة الأحوازيين لعمل ثورات أو انقلابات ضد النظام الإيراني المستبد، وإنما بالنظر إليهم أولاً على أنهم بعد خليجي، ويستحقون عضوية شرفية بالقمة العربية، وحضورهم الشرفي هذا سيصيب إيران بمقتل، وما يتعلق بالأحواز ليست قضية حماية، وإنما دعمهم سياسيًّا واستراتيجيًّا.

 

بن حويل: حضرت للأحوازيين عدة مؤتمرات بلاهاي، وبالفعل لا تشعر لوهلة بأن لهم عرق فارسي، لا من حيث الهيئة، أو المواقف، أو الشخصيات. ومن الأهمية تشكيل قيادات سياسية للأحوازيين، توحد رؤيتهم في الداخل، وتوحد ماهية وحقيقة مواقفهم ومظلوميتهم للعالم. أضف أن العرب مدعوون اليوم، لأن يعيدوا بناء علاقاتهم الدولية وفق (المصلحة الواحدة)، تمامًا كما يفعل الآخرون، وبأن يكون هناك رؤية شمولية لهذه المصالح، خصوصًا على الصعيد الاقتصادي والذي يمثل الأرضية الخصبة لبناء العلاقات السياسية وتغيير المواقف، وهم قادرون على ذلك، فسلاحا النفط والغاز خير ما يساندهم ويقوي مواقفهم وحضورهم ومطالبهم.

 

الباكر: تغيير المواقف لصالح الأحوازيين يبدأ بتفعيل دور الجامعة العربية نفسها لتمارس دورها الطبيعي، والمطلوب كواجهة ناطقة للعرب في المحافل الإقليمية والدولية، ولأن تعبر عن تطلعات شعوب المنطقة، بما فيهم الأحوازيون، وبأن توصل حقيقة الصورة للعالم، وهو أمر لا يمكن له أن يتم إلا بأن تكون الجامعة نفسها قادرة على أن تفرض احترامها هذا، بدعمها عربيًّا، سياسيًّا واقتصاديًّا، بل وإعادة هيكلتها لتتواكب مع تغيرات المنطقة والعالم.

 

 لماذا نجحت إيران في ربط سياستها وفكرها القومي بإرثها الفارسي، بعكسنا نحن؟

 

بومطيع: بسبب غياب الرؤية لدينا، ويقابل ذلك بأن لإيران مشروعها الواضح، والذي تسخر له كل الوسائل المتاحة لإنجاحه، كتوظيف المناهج التعليمية، واستغلال المذهب الجعفري في تأكيد هذه الهوية، ولذلك تتصرف إيران على أنها قائدة للقومية الفارسية من جانب، وللمذهب الشيعي في العالم من جانب آخر.

والشاهد بالموضوع، بأننا حين نريد أن نبني جدارًا قويًّا، فعلينا أن نعي طبيعة محركات الوعي الإيراني داخل إيران نفسها، وذلك لبناء محركات مضادة، وأن نستثمر التعليم والإعلام لأقصى مدى، وهو أمر سيتطلب الكثير من الوقت والجهد.

الباكر: دول الخليج ليست غائبة بهذا الجانب، لكنها اعتادت في سياستها التريث والتهدئة وهي سياسة قد تخالف الحكمة أحيانًا.

 

 ما الدور المفقود تجاه مؤسسات المجتمع المدني لكي تقوم بدورها المطلوب قبال الحفاظ على هوية البلد، والذود عن سمعته ومصالحه دوليًّا؟

 

الشيخ: لدينا إشكالية حقيقية بفلسفة عمل مؤسسات المجتمع المدني، وهو أمر يدفعنا للتساؤل.. هل تقوم هذه المؤسسات بدورها المفترض فعلاً؟ هي بواقع الأمر ومن وجهة نظري مجرد جمعيات صغيرة، تؤدي أدوارًا محدودة، وإذا استطاعت أي منها البقاء صامدة بأعضائها، فهو إنجاز بحدّ ذاته.

في مقابل ذلك، نرى أن مؤسسات المجتمع المدني في إيران نابعة من صلب وأساس الدولة، سواء الإعلامية منها أو الخيرية أو الثقافية أو حتى التعليمية، وبذلك لديها واقع مغاير تمامًا.

 

الباكر: من العام 2014 الدولة رفعت يدها من دعم الجمعيات السياسية، ولم تتح لهم المجال بالتمثيل المؤسسي المطلوب في المجلس النيابي، وبعدها توالت القوانين المقيدة لعملها، كربط الحضور بالجمعية العمومية، وبمسددي الاشتراكات، وكلما تحاول الجمعية العمومية أن تحسن من وضعها، تخرج لنا قوانين جديدة.

ثم جاء تقنين الدعم، والذي وضع العجلة أمام الحصان، فكيف تستطيع الجمعيات أن تغطي مصاريفها الإدارية في الوقت الذي تعتمد به على الدعم وبشكل أساسي، أضف إلى ذلك أن الجمعيات ليس لها أي امتيازات سياسية كانت.

 إيران مستفيدة بشكل كبير من مؤسسات المجتمع المدني، بعكسنا، لماذا؟ 

 

فريد: تعطي إيران أهمية كبيرة للجامعات، وللبحث العلمي، وللمجتمع المدني، وتحكمها أيضًا بالدكتاتورية والحديد والنار، وأي فكر حر يخرج من الجامعات، يغيب ويصفى فورًا، وهي سياسة إيرانية معروفة.

وبذلك، فإيران تسير بمفارقتين، تدعم البحث العلمي، والمجتمع المدني لخدمة الثورة الإيرانية، وبنفس الوقت، تقضي على البحث العلمي في العراق، وعلى التوجّه المجتمعي بالعراق، وتخلق مؤسسات ترتبط بالنظام الإيراني طائفيًّا.

 

بن حويل: من خلال متابعاتنا الخارجية، لاحظنا أن أغلب الكيانات الحقوقية في العالم مدعومة من إيران منها (الفرونت لاين)، ناهيك عن عدد من الشخصيات الحقوقية الدولية، وفي لقاءات سابقة جمعتنا مع ممثلي عدد من المنظمات الحقوقية قالوا لنا بالحرف: “لدينا توجيه منذ 4 سنوات بمهاجمة البحرين، وإن هذه الحدة ستخف كثيرًا مع خروج أوباما من الحكم”.

 

فريد: أتفق معك، وأرى أن تغيير المواقف السياسية العالمية مرتبط بتحديد مراكز المصالح الاقتصادية، ومتى ما توحّدت المصالح الاقتصادية الخليجية، ستخضع حينها لأي دولة كبرى بالعالم.

 

المناعي: قيادتنا السياسية بذلت جهدها لاحتواء الجميع عبر نشر ثقافة التعايش، وعليه، تم إدخال تغييرات في الدستور لتحقيق ذلك، الأمر الذي لم تنجح مع طرف بعينه، لارتمائه بالحضن الإيراني، وهو ما يجبرنا على فضح هذا الطرف للعالم، وكشف حقيقة أجنداته.

الدولة مدعوة أيضًا باستثمار المشاريع الضخمة لصالح الشركات الكبرى في الدول الحليفة لتعزيز العلاقة معها، وكسب تأييد الرأي العام بها، بمعنى أن يكون هناك استفادة قصوى من المصالح وربطها بالمواقف السياسية، وتوحيد دول الخليج لمواقفها بالتعامل مع الدول الأخرى بالمثل، بكل القرارات السياسية والاقتصادية.

 

 ما مدى الحاجة للمعالجة الناتجة من أفكار المثقفين والمتنورين، تجاه المتغيرات بالمنطقة، والواجبات الوطنية قبال التمدّد الإيراني؟

 

بو مطيع: اختلاف المعارك الجانبية الداخلية بالجسم الخليجي والعربي، أوجدت فرصة نادرة للإيرانيين كي يخترقونا أكثر وأكثر، وعبر الحملات الإعلامية المشوهة، ولأن الصراعات الداخلية ستوفر عليهم الجهد وإنفاق الأموال معًا، وللأسف الشديد رصدنا بأن هناك تعبئة بين الدول الشقيقة ضد شخصيات أو تيارات سياسية معينة.

 

المردي: لماذا لا نجد هذه الطائفية المختلقة بين السنة والشيعة موجودة بينهم في الغرب؟ لماذا نجدها بمناطقنا فقط؟ ومن جهة أخرى لماذا لا يتواجد هذا النفس الطائفي المتزايد بين التيارات الدينية في الأديان الغربية المختلفة؟ هنالك أهمية بمعرفة المسببات الحقيقية والتركيز بذات الوقت على القضية الرئيسية وهي إيران والتي لا تمثل الشيعة كما يروج له، وإنما تمثل نفسها.

 

 الإعلام أداة توضع له استراتيجية تنفيذية، فهل الإعلام الخليجي قادر على ذلك؟ 

 

المردي: نعم، الإعلام الخليجي قادر على تقديم الكثير، ويجب أن لا نستهين به، ولا بالقدرات الضخمة لدول الخليج، وتوحيد الرؤية ستكون البداية لتحقيق الكثير، وهو أمر ممكن في ظل التوافق الخليجي حول ماهية الخطر الإيراني والذي كانت تشكك به بعض الدول الخليجية العام 2011، وهو أمر جاء بناءً على تنويع السياسات الإيرانية الموجهة للشعوب الخليجية والتي تختلف من دولة لأخرى وفق تركيبتها المجتمعية وعاداتها وقيمها وأمور أخرى متشعبة، والتي وبناءً عليها تبيّن سياستها وفق أي مرتكز، ناعمة أو خشنة.