+A
A-

حسن كمال: تشرفت بأن يكون صاحب الجلالة بنفس فترة دراستي الثانوية

البلاد - زينب العكري
تلتقي زاوية "لقاء الأحد" اليوم شخصية شهيرة في القطاع العقاري والعمل الخيري بمملكة البحرين، هو رئيس لجنة القطاع العقاري بالغرفة، وأمين عام جمعية البحرين الخيرية، عضو في المجلس التنسيقي لمحافظة المحرق. شارك في تأسيس شركات ومؤسسات عدة، منها مدرسة ابن خلدون الوطنية، وجمعية البحرين لرعاية الوالدين في المحرق. هو حسن كمال، والمعروف بـ "بو فيصل" نال شهادة الدكتوراه في العلوم الإدارية والتسويق العقاري من جامعة لاهاي بمملكة هولندا، ونال وسام الكفاءة من الدرجة الأولى من عاهل البلاد صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، وحصل على شهادة تقديرية من رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة في احتفالية تكريم رواد المحرق. وكان لـ "البلاد" هذا الحديث:

حدثنا عن بداية نشأتك؟
من مواليد 11 فبراير 1949 وبالتحديد من “فريق محطة السيارات القديمة” في جزيرة المحرق، ولدت في بيئة محافظة قوامها التكافل والتراحم بين أفرادها، وبها جانب كبير من التقوى والدين، لدرجة أن الوالد كان يأخذنا معه إلى المسجد منذ عمر الخامسة، وكبرنا ونحن محبون للدين والشريعة الإسلامية.
لقد كانت الفرجان في ذلك الوقت عامرة بثلاثة أمور أساسية، وهي التواصل، مساعدة الغير، والكل أب لأولاد الفريج، بمعنى أن جميع آباء الحي يمارسون دور الأب لجميع الأولاد، وكلهم ينصحون الأطفال كأنهم أبناؤهم لدرجة أنه لدى ارتكاب الخطأ نحاسب من الأب الجار، لقد كانت العلاقات الاجتماعية والتواصل في الأحياء القديمة قوية جدا، وللأسف الشديد نفتقدها هذه الأيام.

كيف كانت بداية المرحلة الدراسية؟
بدأت الدراسة في سن السادسة وتحديدا في المدرسة التحضيرية (مدرسة المحرق الشمالية)، والمسماة حاليا (عمر بن الخطاب)، ومديرها آنذاك المرحوم الشيخ عمر بن عبدالرحمن آل خليفة، كان شديدًا وصارمًا، وفي المقابل، فإنه أب حنون للجميع، ولا يسمح بالخطأ.
كنت جيدًا باللغة العربية؛ نتيجة قراءة القرآن الكريم، وبفضل مدرس اللغة العربية عبدالرحيم رزبة.
“وبعد المدرسة التحضيرية التي كانت للمرحلة الابتدائية فقط، تم نقله إلى مدرسة الهداية الخلفية للمرحلة الإعدادية في عامي 1963 و1964 التي كانت تقتصر آنذاك على مدى عامين فقط، وخلالها أحببت الأدب والشعر من المرحلة الابتدائية بفضل الأستاذ عبدالرحيم رزبة رحمه الله”. مدرس اللغة الانجليزية كان المرحوم عادل سفيان، شديدا ويهابه الجميع، وكان يقوم بمنحنا أرقاما متسلسلة؛ لأنه لا يحفظ الأسماء، وعلى الجميع أن يحفظ رقمه، وعندما يقوم بطرح سؤال يقول رقما ليفهم صاحب هذا الرقم أنه المعني للقيام بالإجابة، رقمي كان (8)، ولأنني أجدت الإنجليزية، فكان دائما يركز عليَّ، فأطلب منه إعطاء فرصة لزملائي.
وبسبب ولعي بالقراءة وزيارتي الدائمة المكتبة المدرسية واستعارة الكتب، عينني المرحوم الأستاذ خالد زنتون أمينًا للمكتبة، حيث كنت أقوم بتسجيل أسماء الطلبة مستعيري الكتب.
استطعمنا في مدرسة الهداية حب الوطن، فكانت أول مدرسة في الخليج، ونفتخر ونعتز بدراستنا فيها.
استكملت دراستي الثانوية في مدرسة المنامة، وقتها لم أمتلك سيارة بعد، وكان عمري 16 عامًا، وبعد محاولات أقنعت الوالد، فاشترى لي سيارة من نوع “فولكس ويجن” مستعملة بقيمة 400 دينار موديل 1966، كنت أذهب بها من المحرق إلى المنامة، وأقوم بإيصال أختي المرحومة زكية الأصغر مني بسنتين إلى مدرسة البنات.

أخبرنا عن المرحلة الثانوية بحسب المصادر فإنها مرحلة مختلفة؟
أجل، لقد كنت في التخصص الأدبي، وكان لي الشرف أن أكون طالبًا في الفترة الزمنية نفسها التي كان فيها عاهل البلاد صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة طالبًا، وكنا نسعد كثيرا بالاستئناس مع جلالته في الفسحة، جلالته كان يشجعنا بشكل حثيث على الدراسة ودائم الابتسامة ويجلس مع الجميع، كان أيضا مجتهدًا في الدراسة، إضافة إلى أنه كان يتبرع للجميع بالمأكولات والمشروبات أثناء الفسح، كنا نحس فعلا بأنه شخص كريم، ويتمتع بشخصية قيادية منذ صغره، ويقوم بإعداد نفسه للمستقبل.
وأود أن أذكر هنا اسم (ملاحظ المدرسة) الأستاذ عزيز زباري، والذي أحببناه كثيرًا.
تعرفت خلال المرحلة الثانوية على مجموعة من الأصدقاء، منهم الشيخ محمد بن خليفة آل خليفة، والشيخ دعيج بن خليفة بن محمد بن عيسى آل خليفة، وطلاب آخرون.

ماذا عن المرحلة الجامعية ودراستك في الغربة؟
بعد التخرج في العام 1968 كان أمامي إما الدراسة في لندن أو القاهرة، فأخذ والدي رحمه الله أوراقي إلى مكتب تنسيق بالقاهرة، والتحقت بمقاعد الدراسة بجامعة عين شمس كلية الحقوق، في الفترة الأولى كنت مع صديقي الشيخ دعيج والشيخ محمد بن عبدالله بن خالد، ومعه أخوه الجراح المرحوم الشيخ علي بن عبدالله بن خالد.
وبدايةً أحسست بانزعاج، وأن دراسة الحقوق معقدة، وتحتاج حفظ القوانين، كنت عاجزًا عن الحفظ، فقررت تغيير التخصص، ولكن الدراسة كان قد مر عليها أشهر عدة.
كان صديق الوالد حاكم الشارقة سابقا المرحوم الشيخ صقر بن سلطان القاسمي مقيمًا في القاهرة، أخبرني الوالد أن آخذ رسالة له لمساعدتي في موضوع التحويل إلى كلية التجارة، وبحكم علاقته الطيبة مع وزير التعليم العالي المصري لبيب شقير آنذاك ساعدني ليتم قبولي في كلية التجارة بالإسكندرية.
ذهبت إلى الإسكندرية ولم أكن أعرف أحدا هناك، فقط طالبة بحرينية وحيدة ضمن دفعتي في الإسكندرية.
واغتنمها فرصة كي أبعث كلمة شكر وتقدير لرفقاء السكن إبان الحياة الجامعية، المهندس الأخ خليل إبراهيم الزياني، ومجيد العصفور والمرحوم أنور العصفور، حيث ارتبطنا بالسكن بالإسكندرية، وكنا ندفع إيجار 45 جنيهًا لطابق كامل بالتقاسم.

كيف كانت فترة بقائك في جمهورية مصر العربية؟
تزامنت تلك الفترة مع نكسة 1967، وكان شعب مصر متأثرًا بها. بدأت دراستي في عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وتخرجت العام 1973 في عهد الرئيس الراحل أنور السادات قبل حرب أكتوبر، ذلك أنني تخرجت في شهر مايو.
أذكر أيضا أن الشيخ عبدالباسط عبدالصمد -رحمه الله- كان صديق أخي محمد في تلك الفترة، وخلال إحدى إجازاته في البحرين طلبت منه أن يزورني في الإسكندرية، فاتصل بي بعد مدة من الزمن، وأخبرني أن لديه عزاء ودعاني له، وهو جالس مع ما يقارب 3 آلاف شخص قام بمناداتي (تعالى يا أبو علي)، فجلست بجانبه، وكان كلما ينتهي من آية قرآنية يلتفت لي ويقول (إزايك يا أبو علي، عامل إيه؟).

من هم أصدقاؤك أيام الدراسة وهل مازلت على تواصل معهم؟
من أعز أصدقائي في فترة مدرسة الهداية رئيس نادي المحرق سابقا الشيخ حمد بن أحمد آل خليفة، والمرحوم الشيخ خليفة بن سلمان بن أحمد آل خليفة.
كان معنا الشيخ راشد بن حسن آل خليفة، والمرحوم الشيخ أحمد بن سلمان بن محمد بن عيسى كان ضابطا في قوة الدفاع، ورئيس الأوقاف سابقا الشيخ سلمان بن عيسى آل خليفة، وأحمد بن إبراهيم فخرو وآخرون، ومازلت على تواصل معهم في المناسبات والأعياد.

كيف دخلت المجال العقاري؟
خلال دراستي في الإسكندرية تفتحت على ما يمكن أن اسميه بمبادئ العلم العقاري، فكرت أن أشتري الشقة التي أسكن فيها وأحولها لملك، قبل التخرج في العام 1973 ذهبت لصاحب الشقة وسألته عن سعرها، فأخبرني أنه مبلغ كبير، ولدى إصراري على ذكر السعر أخبرني أنها بـ 5 آلاف جنيه، وبطبيعة الحال لم أكن أملك ذلك المبلغ الكبير.
بعد انتهاء الجامعة في العام 1973 عدت إلى البحرين وكان للوالد أصدقاء كويتيون افتتحوا مكتبًا باسم (المكتب العقاري)، وطلب مني والدي أن أعمل معهم، وأعطوني فرصة لإنجاز معاملة بين طرفين، كسبت على إثرها مبلغ 200 دينار، ومباشرة ذهبت لفتح حساب بنكي لتوثيق الشيك، وخلال الأسبوع الثاني وبعد إنهاء معاملة أخرى حصلت على 150 دينارًا تلتها معاملات أخرى حتى صار إجمالي المبلغ ألف دينار، فقررت الاستمرار في المجال العقاري.
إن الثقة والأمانة مطلوبة في كل عمل، وبالذات في السوق العقارية؛ لذا يجب أن نلتزم بالأمانة والصدق وحسن المعاملة.

هل لديك استثمارات عقارية خارج البحرين؟
لدي أراض استثمارية في مصر بمساحة 17 فدانًا، يمكنني أن أبني في جزء منها واستثمر في الباقي، ولدي استثمارات في دول عدة، ومنها منطقة الزبداني في سوريا ومزرعة في منطقة الخالدية، لكنني خسرتها الآن بسبب الحرب هناك، إضافة إلى شقة في منطقة عبدون في الأردن، وعقارات في مسقط بعمان، وأراض في بريطانيا ومناطق أخرى.

ما هو أكبر إنجاز مهم في حياتك؟
سعيد بكل ما أنجزته بفضل من الله ووالدي الذي علمني ودرّبني، وأحاول قدر المستطاع أن أنقل ما لدي لأولادي.
وأعتز وأفتخر بزوجتي أم فيصل ابنة عمتي، وأنه أنعم علينا بولدي فيصل و3 بنات غادة وأمينة وراوية، وجميعهم جامعيون، وأنا أخ لهم قبل أن أكون أبا، وفي الوقت نفسه علمتهم حب الخير ومساعدة المحتاج قدر المستطاع، وأيضا سعيد بوجود أول حفيد، والذي يحمل “حسن”.

ما هي مقولة الوالد الدائمة لك؟
(اكسب صديقًا كل يوم، واخدم إنسانًا محتاجًا كل يوم)
كان يحثني على مساعدة الآخرين حتى اتخذتها عادة لدي كما عودت أصدقائي عليها، إذ وضعت علبة لتجميع حصيلة مالية يضعونها حتى لو كانت 100 فلس في كل زيارة يتم تخصيصها كصدقة جارية للمحتاجين.
وأيام الدراسة كنا نستخدم “التروماي”، وكنا نملك بطاقة تخفيض 20 قرشًا كل مرة، فاتفقت مع “الكمسري” الذي يأخذ المبالغ أن نقوم بجمع المبلغ وتسليمه شهريًا بدل أن ندفع يوميًا قروشا عدة، وفي مرة صار للرجل معي جنيه واحد قمت بالبحث عنه ولم أجده، قالوا لي أنه مريض بحثت عن منزله لأعطيه المبلغ؛ لأنني محاسب على ذلك من قبل الجهة التي يعمل لديها ولإبراء ذمتي.

ما هي نصيحتك لرواد الأعمال الجدد؟
الإخلاص وحسن النوايا، أقول للمبتدئ اخلص في عملك تنجح، واجعل نيتك صادقة ستفلح، لا تتكبر على الآخرين، وتواضع، فمن تواضع لله رفعه.


بسرعة مع الضيف

- شخصية لها تأثير كبير في حياتك؟
والدي رحمه الله.

- كيف كانت صلتك بوالديك؟
قوية جدًا، فهم مصدر الرحمة والحنان والحب.

- ما هي هواياتك؟
أحب (الحداق) وأذهب أسبوعيا مع العزيز فيصل لممارستها في الشاليه في درة البحرين.

- ما هو البلد الذي تحب السفر إليه؟
في الفترة الأخيرة صرت أسافر كثيرًا إلى الأردن، حيث أملك شقة في منطقة عبدون، وأحب أن أسافر إلى مصر، فهو الوطن الذي له فضل علينا كجيل تخرج منها. إضافة لدول الخليج وبعض الدول الآسيوية؛ لإنجاز بعض الأعمال التجارية.

- ما هو آخر كتاب قرأته؟
كتاب عن حياة الفنانة الراحلة فاتن حمامة، والآن أقرأ في كتاب سياسي اسمه (عند مفترق الطرق) للكاتب الراحل محمد حسنين هيكل، يتناول مرحلة اتفاقية فك الارتباط بين إسرائيل ومصر بعد حرب 1973.

- هل تحب مشاهدة الأفلام؟
أحب الأفلام التي لها قيمة، وأحب فيلم للفنان أحمد زكي اسمه “زوجة رجل مهم”، فهو فيلم يمكن إسقاطه على العديد من الشخصيات في الوطن العربي، وكيف كانوا في فترة السلطة وبعد خروجهم منها.

- وماذا عن سماع الموسيقى؟
تستهويني أغاني أم كلثوم وعبدالحليم حافظ ومحمد عبدالوهاب وفريد الأطرش، وأحب السماع لموجة الأغاني القديمة في راديو البحرين، حيث تذكرني بفترة الستينات والأيام الماضية والزمن الجميل.
وأيام الدراسة في مصر ذهبت لإحدى حفلات أم كلثوم الشهرية في المسرح وتحديدا أغنية (أمل حياتي)، وطلبت من المتعهدين السماح لنا بالسلام عليها والتعريف عنا بأننا طلبة بحرينيون، وبعد أن أنهت الأغنية استقبلتنا خلف الكواليس بـ (أهلا وسهلا بتوع البحرين، إزايكم؟) أخبرناها أننا طلبة في مصر، وقالت لنا (شدوا حيلكم).

- ما هو ترتيبك بين إخوتك؟
أنا الرقم 5 في الوسط، ويكبرني 4، ويصغرني 4، وحاليًا الرقم 2 بعد وفاة اثنين من إخواني عبدالرحمن وعبدالله وأختي زكية، والآن أخي محمد هو الأكبر، وهو خطيب جامع شيخان في المحرق سابقا، ونبيل طيار متقاعد، وعدنان مهندس في قوة الدفاع، وفريد رجل أعمال، وأمينة وفاطمة ونورة.