العدد 1518
الإثنين 10 ديسمبر 2012
banner
اللهم احفظ مصر من أعدائها... ومن أبنائها
الجمعة 03 مايو 2024

قد ينجح الإخوان المسلمون في تمرير الدستور الذي يريدون، وقد يتمكنوا من بناء المؤسسات التي يريدونها والتي تضمن هيمنتهم على مفاصل الدولة المصرية، ولكنهم خسروا كثيرا هم ومناصروهم من السلفيين والجهاديين والجماعة الإسلامية.
الإخوان سيخسرون شعبيتهم وتعاطف الشعب الذي استعان بهم كقوة منظمة بعد إسقاط مبارك لبناء دولة يشعر فيها الإنسان المصري بحريته وكرامته.
مهما كان أتباع الإخوان ومعهم التيارات الدينية المؤيدة لهم، فهذا لا يخول لهم معاداة القضاة والإعلاميين والفنانين والمثقفين والمفكرين ومن قبلهم شركاء الثورة الذين كانوا شركاء لهم في الميدان، لأنهم بذلك ينشرون القلق والخوف لدى فئات موجودة وقوية ولا سبيل للتخلص منها بضربة واحدة.
إن خوف الإخوان المسلمين من فشل أو إفشال مشروعهم من قبل القوى الأخرى جعلهم يتسرعون في إنجاز أمور يفترض أن تأخذ وقتها الكافي مهما كانت النتيجة، وبالتالي أعطوا الفرصة لخصومهم السياسيين ليتصيدوا لهم الأخطاء ويدفعوهم نحو الخطأ في دولة لم تبرد ثورتها بعد ولم تتحقق لها اية مطالب اجتماعية بعد.
الإخوان تعاملوا مع خصومهم بمنطق الاستقواء على اعتبار أنهم أصحاب الأغلبية وعلى أساس أن رئيس الجمهورية ينتمي إليهم، فكانت النتيجة أن أضروا بأنفسهم وأضروا بالرئيس، فلم يسمحوا لأحد بتوجيه أي نقد للرئيس لأنه يخصهم ولا يخص غيرهم فخلقوا نوعا من التشكك والخوف لدى بقية الشعب الذي شعر أن الإخوان والرئيس كيان واحد.
ووصل الأمر لذروته بعد القرارات الرئاسية الأخيرة التي أغضبت الدنيا كلها، بل أغضبت رجالا قضوا عمرهم في خدمة جماعة الإخوان المسلمين مثل الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح المرشح الرئاسي السابق والدكتور كمال الهلباوي القيادي السابق في الجماعة والدكتور محمد حبيب النائب السابق للمرشد العام للإخوان المسلمين، حيث أصر الإخوان على معاداة الجميع مهما كان الثمن، ووقفوا ضد غيرهم في كل شيء حتى التظاهر السلمي نفسه.
ثم جاءت الليلة التي لن ينساها المصريون عندما ذهب معارضوا الرئيس للتظاهر أمام القصر الجمهوري (قصر الاتحادية)، وهو الأمر الذي لم يرفضه الرئيس نفسه ولم تعترض عليه الجهات الأمنية التي وقفت تمارس دورها التقليدي في حمايتهم، وكان مشهدا حتى هذا الوصف يشهد للرئيس باحترامه لحرية التعبير،ولكن الصورة لم تبق كذلك.
فقد جاءت جحافل الإخوان المسلمين بأعداد هائلة لتقوم بفض اعتصام القوى المعارضة للرئيس وهدم الخيام التي كان يحتمي بها المعتصمون أمام القصر والقيام بضرب المعارضين في مشهد غاية في القسوة، وتسببوا بقرارهم هذا في مقتل سبعة من المصريين. وإصابة سبعمئة آخرين.
ورأينا على الشاشات كيف أدت عشوائية الإخوان في التعامل مع الموجودين بجوار القصر إلى ارتكاب أخطاء مشينة فقد قاموا بتعذيب أناس بحجة أنهم بلطجية، وتبين أن من بينهم من لا تنطبق عليهم البلطجة بأي شكل من الأشكال.
لقد كان من بين الذين قام شباب الإخوان بسحلهم أمام القصر مهندس مسيحي لا يوحي منظره وسيرته التي نقلتها الفضائيات بأنه بلطجي، والأشد والأنكى أن من بين من عذبهم الإخوان وشوهوا وجوهم من شدة الضرب دبلوماسي مصري سابق كان يعمل في فنزويلا واستقال احتجاجا على سياسات الرئيس حسني مبارك منذ عام 2005، وكان من بينهم فتيات وقفن إلى جوار الإخوان خلال الثورة.
فأي دستور هذا وأية ديمقراطية هذه التي تجعل دعاتها يخوضون في دماء شعبهم ويدخلون بلدهم في حرب أهلية بعد أن كانت أكثر بلاد الدنيا بعدا عن الاحتراب الداخلي؟.
 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .