العدد 1510
الأحد 02 ديسمبر 2012
banner
مصر فسطاطان
الجمعة 03 مايو 2024

كتبت هذه الأسطر وأنا جالسة أمام الفضائيات أتابع المشهد المحزن الذي تعيشه مصر هذه الأيام، وبالتحديد مساء يوم الجمعة 30 نوفمبر المنصرم.
مصر على الشاشة أمامي وبكل وضوح أصبحت فسطاطين يكره كل منهما الآخر ويخون كل منهما الآخر،فريق يؤيد الرئيس وفريق يحتج على الرئيس، وكل فريق بما لديهم فرحون، حناجر تهتف بإسقاط الإعلان الدستوري وحناجر تهتف بإسقاط حكم الإخوان المسلمين، وبلغ الأمر أن هتفت الجماهير بسقوط النظام نفسه. أليس هذا محزنا في دولة أنجزت ثورة من أعظم الثورات في التاريخ؟
المصريون الذين وقفوا صفا واحدا في ثورة الخامس والعشرين من يناير، المسلم إلى جوار القبطي، السلفي والإخواني والليبرالي، والشيخ والقس، والشباب والكهول والمرأة والطفل، اليوم ظهروا منقسمين ممزقين بشكل مخيف يقذف بعضهم بعضا بالحجارة.
في هذا اليوم الذي دونت فيه هذه الكلمات لم يكن الانقسام واضحا فقط في الميادين والشوارع، ولكن الانقسام والتناحر بلغ المساجد نفسها، حتى المسجد الذي صلى فيه رئيس الجمهورية محمد مرسي شهد انقساما مؤسفا،حيث قدم إمام المسجد فاصلا من التمجيد لرئيس الجمهورية ودافع عن الإعلان الدستوري الذي أصدره وسبب كل هذه الحرائق، فهاج المصلون بعضهم يرفض ما قاله الشيخ وبعضهم الآخر يؤيد بشكل أفقد المناسبة قدسيتها وأفقد المسجد احترامه.
إنني كمواطنة عربية لا أريد أن أخوض في هذا المشهد وأنحاز لطرف ضد آخر، ولكنني أعبر عن خوفي على مصر، لأن مصر ليست للمصريين وحدهم، ولكنها لكل العرب.
وإنني أتساءل ما الذي جرى للقوى السياسية المصرية ومن المسؤول عن هذا الاحتقان المخيف الذي تمر به أرض الكنانة؟
ومهما كانت الإجابة التي يمكن أن أحصل عليها لهذه التساؤلات، فإنني أطالب الرئيس المصري، كرئيس منتخب لأول مرة منذ زمن لا أعرفه، أن ينظر لهذا المشهد بكل ما فيه، فالفريقان مصريان لهم حقوق وعليهم واجبات ومصر فوق الجميع وبقاؤها موحدة وقوية فوق كل المصالح والطموحات الشخصية والحزبية مهما كانت الحجج والذرائع.
لا يجب أن تكون المغالبة هي شعار الجميع في الموقف الحالي لأن المغالبة ستكون نتيجتها وبال على مصر كلها، ولكن يجب أن تكون المشاركة هي الشعار، لأن مصر عبر التاريخ اتسعت لجميع أبنائها وحافظت على وحدتها وتماسكها في عصور الدكتاتوريات، فكيف تصل لا قدر الله إلى الانقسام والتفكك في عهد أول رئيس منتخب؟
لقد زارتني فكرة قد تبدو مجنونة وأنا أتابع المشهد المحزن لأرض الكنانة التي أحبها، هذه الفكرة مستمدة من الاعلان الدستوري الذي سبب هذا الانقسام، حيث يتضمن هذا الإعلان مادة – على حسب ما فهمت – تعطي الرئيس الحق في اتخاذ قرارات نافذة غير قابلة للطعن من أية جهة قانونية إذا تعرضت البلاد لخطر داهم لحمايتها من هذا الخطر.
وسألت نفسي: أليست مصر في قمة الخطر الآن بسبب هذا الإعلان الدستوري، فلماذا لا يستخدم الرئيس سلطته المطلقة ويقوم بإلغاء هذا الاعلان الذي هو مصدر الخطر؟.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية