+A
A-

رئيسة المؤسسة البحرينية للتربية الخاصة د. زهراء الزيرة

في‭ ‬هذا‭ ‬الصدد،‭ ‬قالت‭ ‬رئيسة‭ ‬المؤسسة‭ ‬البحرينية‭ ‬للتربية‭ ‬الخاصة‭ ‬د‭. ‬زهراء‭ ‬الزيرة‭ ‬«إن‭ ‬الأعداد‭ ‬المراجعة‭ ‬للمراكز‭ ‬والمشخصين‭ ‬بأن‭ ‬لديهم‭ ‬توحدا‭ ‬في‭ ‬ازدياد‭ ‬مستمر،‭ ‬وقد‭ ‬يعود‭ ‬ذلك‭ ‬لزيادة‭ ‬وعي‭ ‬الناس‭ ‬للأعراض‭ ‬وتحويل‭ ‬الأطفال،‭ ‬وقد‭ ‬يكون‭ ‬بسبب‭ ‬ازدياد‭ ‬التلوث‭ ‬البيئي‭ ‬والغذائي‭ ‬الذي‭ ‬يسبب‭ ‬ارتفاع‭ ‬نسبة‭ ‬الزئبق‭ ‬في‭ ‬الدم‭ ‬ويؤدي‭ ‬إلى‭ ‬بعض‭ ‬الأعراض،‭ ‬وهذا‭ ‬موضوع‭ ‬جدلي‭ ‬وهناك‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الدراسات‭ ‬بهذا‭ ‬الشأن‮»‬‭.‬

وأضافت‭ ‬«بعد‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا، أي‭ ‬منذ‭ ‬بداية‭ ‬العام‭ ‬2020‭ ‬وحتى‭ ‬الآن‭ ‬هناك‭ ‬ازدياد‭ ‬في‭ ‬الحالات‭ ‬التي‭ ‬لديها‭ ‬أعراض‭ ‬مشابهة‭ ‬للتوحد‭ ‬وتعرف‭ ‬أدبيًا‭ ‬بـ Autistic Like Symptoms بسبب‭ ‬استخدام‭ ‬الأطفال‭ ‬للأجهزة‭ ‬الإلكترونية‭ ‬لساعات‭ ‬طويلة‭ ‬متواصلة‭ ‬بحجة‭ ‬التعلم‭ ‬عن‭ ‬بعد‭ ‬وانشغال‭ ‬الوالدين‭ ‬أيضا‭ ‬بالعمل‭ ‬عن‭ ‬بعد‭ ‬وبقاء‭ ‬الجميع‭ ‬في‭ ‬البيت‭ ‬وعدم‭ ‬وجود‭ ‬وسائل‭ ‬ترفيهية‭ ‬أخرى‭. ‬فأصبح‭ ‬الأطفال‭ ‬من‭ ‬عمر‭ ‬3‭-‬6‭ ‬سنوات‭ ‬محرومين‭ ‬من‭ ‬الذهاب‭ ‬للروضة‭ ‬للتعلم‭ ‬الحقيقي،‭ ‬مع‭ ‬عدم‭ ‬قدرة‭ ‬الأطفال‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الأعمار‭ ‬على‭ ‬التركيز‭ ‬والتعلم‭ ‬عن‭ ‬بعد،‭ ‬إضافة‭ ‬لحرمانهم‭ ‬من‭ ‬البيئة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬الثرية‭ ‬التي‭ ‬تعلم‭ ‬الطفل‭ ‬التفاعل‭ ‬والتواصل‭ ‬اللغوي‭ ‬والاجتماعي»‭.‬

ما‭ ‬أبرز‭ ‬الأعراض‭ ‬لاضطراب‭ ‬طيف‭ ‬التوحد؟‭ ‬

يعرف‭ ‬التوحد‭ ‬بأنه‭ ‬اضطراب‭ ‬نمائي‭ ‬عصبي‭ ‬يتمثل‭ ‬بالدرجة‭ ‬الأولى‭ ‬في‭ ‬عدم‭ ‬قدرة‭ ‬الفرد‭ ‬على‭ ‬التواصل‭ ‬اللفظي‭ ‬وغير‭ ‬اللفظي‭ ‬وضعف‭ ‬في‭ ‬التفاعل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬وعدم‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬التعبير‭ ‬عن‭ ‬المشاعر‭ ‬والعواطف‭ ‬المتعارف‭ ‬عليها‭ ‬بين‭ ‬أفراد‭ ‬المجتمع‭. ‬وتظهر‭ ‬الأعراض‭ ‬بعد‭ ‬عمر‭ ‬السنتين‭. ‬كذلك‭ ‬تكون‭ ‬تلك‭ ‬الأعراض‭ ‬متزامنة‭ ‬بمجموعة‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬الأعراض‭ ‬الثانوية‭ ‬كالحركة‭ ‬النمطية،‭ ‬عدم‭ ‬الشعور‭ ‬بالألم،‭ ‬فرط‭ ‬النشاط،‭ ‬التحسس‭ ‬الشديد‭ ‬من‭ ‬الأصوات‭ ‬أو‭ ‬الأضواء‭ ‬أو‭ ‬أي‭ ‬مثيرات‭ ‬حسية‭ ‬أخرى‭. ‬وغالبًا‭ ‬ما‭ ‬يكون‭ ‬متزامنًا‭ ‬أيضًا‭ ‬بانخفاض‭ ‬القدرات‭ ‬العقلية،‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬حالات‭ ‬الأسبرجر‭ ‬التي‭ ‬تعتبر‭ ‬طيفا‭ ‬من‭ ‬أطياف‭ ‬التوحد‭.‬

أهمية‭ ‬الكشف‭ ‬والتدخل‭ ‬المبكر؟‭ ‬

التوحد‭ ‬كأي‭ ‬اضطراب‭ ‬آخر،‭ ‬إذ‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يعرض‭ ‬الطفل‭ ‬على‭ ‬المختصين‭ ‬للتقييم‭ ‬والتشخيص‭ ‬والعلاج‭ ‬بمجرد‭ ‬الشك‭ ‬بوجود‭ ‬أعراض‭ ‬وعدم‭ ‬التلكؤ،‭ ‬فالسنوات‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬عمر‭ ‬الطفل‭ ‬مهمة‭ ‬جدًا‭ ‬للتدخل‭ ‬المبكر‭ ‬الذي‭ ‬يساعده‭ ‬في‭ ‬اكتساب‭ ‬اللغة‭ ‬وتدريبه‭ ‬على‭ ‬التواصل‭ ‬والتفاعل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬واللغوي‭ ‬والبصري‭ ‬وبقية‭ ‬المهارات‭ ‬الأخرى‭ ‬التي‭ ‬يفتقدها‭.‬

هل‭ ‬نشهد‭ ‬حاليًا‭ ‬زيادة‭ ‬في‭ ‬أعداد‭ ‬المصابين؟‭ ‬

لا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬الأعداد‭ ‬المراجعة‭ ‬للمراكز‭ ‬والمشخصين‭ ‬بأن‭ ‬لديهم‭ ‬توحدا‭ ‬في‭ ‬ازدياد‭ ‬مستمر،‭ ‬وقد‭ ‬يعود‭ ‬ذلك‭ ‬لزيادة‭ ‬وعي‭ ‬الناس‭ ‬بالأعراض‭ ‬وتحويل‭ ‬الأطفال،‭ ‬وقد‭ ‬يكون‭ ‬بسبب‭ ‬ازدياد‭ ‬التلوث‭ ‬البيئي‭ ‬والغذائي‭ ‬الذي‭ ‬يسبب‭ ‬ارتفاع‭ ‬نسبة‭ ‬الزئبق‭ ‬في‭ ‬الدم‭ ‬ويؤدي‭ ‬إلى‭ ‬بعض‭ ‬الأعراض،‭ ‬وهذا‭ ‬موضوع‭ ‬جدلي‭ ‬وهناك‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الدراسات‭ ‬بهذا‭ ‬الشأن‭.‬

ومن‭ ‬الجدير‭ ‬بالذكر‭ ‬أن‭ ‬بعد‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا،‭ ‬أي‭ ‬منذ‭ ‬بداية‭ ‬العام‭ ‬2020‭ ‬وحتى‭ ‬الآن،‭ ‬هناك‭ ‬ازدياد‭ ‬في‭ ‬الحالات‭ ‬التي‭ ‬لديها‭ ‬أعراض‭ ‬مشابهة‭ ‬للتوحد‭ ‬وتعرف‭ ‬أدبيًا‭ ‬بـ‭ ‬Autistic Like Symptoms‭ ‬بسبب‭ ‬استخدام‭ ‬الأطفال‭ ‬للأجهزة‭ ‬الإلكترونية‭ ‬لساعات‭ ‬طويلة‭ ‬متواصلة‭ ‬بحجة‭ ‬التعلم‭ ‬عن‭ ‬بعد‭ ‬وانشغال‭ ‬الوالدين‭ ‬أيضًا‭ ‬بالعمل‭ ‬عن‭ ‬بعد،‭ ‬وبقاء‭ ‬الجميع‭ ‬في‭ ‬البيت‭ ‬وعدم‭ ‬وجود‭ ‬وسائل‭ ‬ترفيهية‭ ‬أخرى‭. ‬فأصبح‭ ‬الأطفال‭ ‬من‭ ‬عمر‭ ‬3‭-‬6‭ ‬سنوات‭ ‬محرومين‭ ‬من‭ ‬الذهاب‭ ‬للروضة‭ ‬للتعلم‭ ‬الحقيقي،‭ ‬مع‭ ‬عدم‭ ‬قدرة‭ ‬الأطفال‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الأعمار‭ ‬على‭ ‬التركيز‭ ‬والتعلم‭ ‬عن‭ ‬بعد،‭ ‬إضافة‭ ‬لحرمانهم‭ ‬من‭ ‬البيئة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬الثرية‭ ‬التي‭ ‬تعلم‭ ‬الطفل‭ ‬التفاعل‭ ‬والتواصل‭ ‬اللغوي‭ ‬والاجتماعي،‭ ‬وأصبح‭ ‬لدى‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬هؤلاء‭ ‬الأطفال‭ ‬أعراض‭ ‬مشابهة‭ ‬لأعراض‭ ‬التوحد،‭ ‬فتم‭ ‬تحويلهم‭ ‬على‭ ‬المؤسسة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬أهاليهم،‭ ‬ما‭ ‬اضطرني‭ ‬لأن‭ ‬أسجل‭ ‬فيديو‭ ‬وأنشره‭ ‬لأشرح‭ ‬للأمهات‭ ‬الشابات،‭ ‬خصوصًا‭ ‬اللواتي‭ ‬لا‭ ‬تجربة‭ ‬لديهن،‭ ‬بأن‭ ‬يتريثوا‭ ‬قبل‭ ‬تحويل‭ ‬الأطفال‭ ‬إلى‭ ‬المراكز‭ ‬ويتم‭ ‬تشخيصهم‭ ‬بالتوحد،‭ ‬وأن‭ ‬يوقفوا‭ ‬استخدام‭ ‬الأجهزة‭ ‬الإلكترونية‭ ‬وبرامجها،‭ ‬وأن‭ ‬يتم‭ ‬توفير‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الألعاب‭ ‬للأطفال‭ ‬كألعاب‭ ‬التركيب‭ ‬والتلوين‭ ‬والصلصال‭ ‬والقصص‭ ‬وغيرها‭ ‬لإشغال‭ ‬وقت‭ ‬الطفل‭ ‬بشيء‭ ‬ممتع،‭ ‬وقضاء‭ ‬الوقت‭ ‬الكافي‭ ‬معه‭ ‬واللعب‭ ‬معه‭ ‬والتحدث‭ ‬معه‭ ‬باللغة‭ ‬الأم‭ (‬العربية‭)‬؛‭ ‬لأن‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا‭ ‬خلقت‭ ‬لنا‭ ‬جيلًا‭ ‬من‭ ‬الأطفال‭ ‬العرب‭ ‬لا‭ ‬يتحدثون‭ ‬اللغة‭ ‬العربية،‭ ‬وذلك‭ ‬أيضًا‭ ‬بسبب‭ ‬سوء‭ ‬استخدام‭ ‬الأجهزة‭ ‬وعدم‭ ‬مراقبة‭ ‬الأهل‭ ‬للبرامج‭ ‬التي‭ ‬يشاهدها‭ ‬الطفل‭ ‬وانجذابه‭ ‬للبرامج‭ ‬باللغة‭ ‬الإنجليزية،‭ ‬وبالتالي‭ ‬تعلم‭ ‬اللغة‭ ‬الإنجليزية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تلك‭ ‬البرامج‭. ‬وكذلك‭ ‬بسبب‭ ‬انقطاع‭ ‬التواصل‭ ‬بين‭ ‬أفراد‭ ‬العائلة‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭ ‬وانشغال‭ ‬كل‭ ‬فرد‭ ‬على‭ ‬جهازه‭ ‬بحجة‭ ‬التعلم‭ ‬أو‭ ‬العمل‭ ‬أو‭ ‬اللعب‭. ‬وحصل‭ ‬ذلك‭ ‬الفيديو‭ ‬على‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬3500‭ ‬مشاهدة‭ ‬بشكل‭ ‬غير‭ ‬مسبوق‭ ‬على‭ ‬صفحة‭ ‬انستغرام‭ ‬المؤسسة،‭ ‬وهو‭ ‬موجود‭ ‬على‭ ‬صفحتنا‭ ‬بتاريخ‭ ‬28‭ ‬أكتوبر‭ ‬2021‭. ‬

وقد‭ ‬نصحت‭ ‬الأمهات‭ ‬باتباع‭ ‬الصيام‭ ‬الإلكتروني‭ ‬وقطع‭ ‬الإنترنت‭ ‬لمدة‭ ‬21‭ ‬يوما،‭ ‬وتوفير‭ ‬الألعاب‭ ‬الحيوية‭ ‬والمكعبات‭ ‬والمتاهات‭ ‬والقصص،‭ ‬وأخذ‭ ‬الأطفال‭ ‬للحدائق‭ ‬والألعاب‭ ‬الخارجية‭ ‬والمشي‭ ‬على‭ ‬البحر‭ ‬واللعب‭ ‬بالرمال،‭ ‬فهي‭ ‬تسحب‭ ‬الطاقة‭ ‬السلبية‭ ‬والشحنات‭ ‬الكهربائية‭ ‬التي‭ ‬تشبع‭ ‬بها‭ ‬جسم‭ ‬الطفل‭ ‬وتزوده‭ ‬بطاقة‭ ‬إيجابية‭ ‬جميلة‭ ‬تجعله‭ ‬سعيدًا‭ ‬ويرجع‭ ‬إلى‭ ‬البيت‭ ‬سعيدًا‭ ‬هادئًا‭ ‬وينام‭ ‬وابتسامة‭ ‬الرضا‭ ‬على‭ ‬وجهه،‭ ‬بدلًا‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬يفزع‭ ‬من‭ ‬النوم‭ ‬بسبب‭ ‬الكوابيس‭ ‬التي‭ ‬يراها‭ ‬وتشبع‭ ‬بها‭ ‬عقله‭ ‬الباطن‭ ‬من‭ ‬الأفلام‭ ‬والألعاب‭ ‬المخيفة‭ ‬والقبيحة‭ ‬التي‭ ‬يراها‭ ‬طوال‭ ‬اليوم‭ ‬على‭ ‬الأجهزة‭ ‬اللوحية‭ ‬والإلكترونية‭ ‬بأنواعها‭. ‬قد‭ ‬يظن‭ ‬القارئ‭ ‬أننا‭ ‬انحرفنا‭ ‬عن‭ ‬موضوع‭ ‬التوحد‭ ‬ولكن‭ ‬هذا‭ ‬في‭ ‬صلب‭ ‬الموضوع،‭ ‬والدليل‭ ‬رسائل‭ ‬الشكر‭ ‬الكثيرة‭ ‬التي‭ ‬وصلتني‭ ‬من‭ ‬الأمهات‭ ‬وكيف‭ ‬أن‭ ‬طريقة‭ ‬الصيام‭ ‬الإلكتروني‭ ‬كانت‭ ‬جديدة‭ ‬ومفيدة‭ ‬لهن؛‭ ‬لأنه‭ ‬بالفعل‭ ‬تم‭ ‬تشخيص‭ ‬أطفالهن‭ ‬بالتوحد‭.‬

 

ما‭ ‬الخدمات‭ ‬المقدمة‭ ‬لأطفال‭ ‬التوحد‭ ‬في‭ ‬المؤسسة؟‭ ‬

المؤسسة‭ ‬البحرينية‭ ‬للتربية‭ ‬الخاصة‭ ‬تعطي‭ ‬أهمية‭ ‬كبرى‭ ‬لعملية‭ ‬التقييم‭ ‬والتشخيص‭ ‬لجميع‭ ‬الأطفال‭ ‬المراجعين‭ ‬للمؤسسة؛‭ ‬لأن‭ ‬البرنامج‭ ‬العلاجي‭ ‬والخطة‭ ‬الفردية‭ (‬IEP‭) ‬تصمم‭ ‬وتبنى‭ ‬على‭ ‬نتائج‭ ‬التقييم،‭ ‬وإذا‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬التقييم‭ ‬صحيحا‭ ‬يكون‭ ‬البرنامج‭ ‬العلاجي‭ ‬فاشلا؛‭ ‬لأن‭ ‬التشخيص‭ ‬كان‭ ‬خاطئا‭. ‬إذًا‭ ‬الخدمة‭ ‬الأولى‭ ‬والأساسية‭ ‬التي‭ ‬تقدم‭ ‬لأطفال‭ ‬التوحد‭ ‬هي‭ ‬التشخيص‭ ‬المهني‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬فريق‭ ‬عمل‭ ‬مكون‭ ‬من‭ ‬اختصاصي‭ ‬نفسي‭ ‬لتعديل‭ ‬السلوك‭ ‬والتواصل،‭ ‬واختصاصي‭ ‬تربية‭ ‬خاصة،‭ ‬واختصاصي‭ ‬نطق‭ ‬ولغة‭. ‬وكان‭ ‬لدينا‭ ‬في‭ ‬المؤسسة‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الحالات‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬تشخيصها‭ ‬في‭ ‬مراكز‭ ‬أخرى‭ ‬بأن‭ ‬لديهم‭ ‬توحدا،‭ ‬ولكن‭ ‬بعد‭ ‬التقييم‭ ‬الدقيق‭ ‬والعلاج‭ ‬السلوكي‭ ‬والنطقي‭ ‬والمهارات‭ ‬تراجعت‭ ‬الأعراض‭ ‬الظاهرية‭ ‬وتخلص‭ ‬الأطفال‭ ‬من‭ ‬الأعراض‭ ‬المشابهة‭ ‬لأعراض‭ ‬التوحد‭. ‬فالتقييم‭ ‬هو‭ ‬الأساس‭ ‬الذي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬بدقة‭ ‬وعناية‭ ‬باستخدام‭ ‬أدوات‭ ‬التشخيص‭ ‬والمقاييس‭ ‬الصحيحة‭ ‬والمعتمدة‭. ‬ثم‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬يتم‭ ‬وضع‭ ‬الخطة‭ ‬الفردية‭ ‬لعلاج‭ ‬جميع‭ ‬الأعراض‭ ‬خصوصًا‭ ‬عدم‭ ‬قدرة‭ ‬الطفل‭ ‬على‭ ‬التواصل‭ ‬اللفظي‭ ‬وغير‭ ‬اللفظي‭ ‬لتمكينه‭ ‬من‭ ‬التواصل‭ ‬والتفاعل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬ثم‭ ‬إكسابه‭ ‬المهارات‭ ‬التي‭ ‬يفتقدها‭ ‬وكذلك‭ ‬الكفايات‭ ‬الأساسية‭ ‬لمهارة‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬والرياضيات‭ ‬إن‭ ‬كان‭ ‬لا‭ ‬يعاني‭ ‬من‭ ‬انخفاض‭ ‬في‭ ‬القدرة‭ ‬الذهنية‭.‬

ولي‭ ‬رجاء‭ ‬وخاص‭ ‬للمعلمات‭ ‬الفاضلات‭ ‬في‭ ‬رياض‭ ‬الأطفال‭ ‬بعدم‭ ‬الحكم‭ ‬جزافًا‭ ‬ومن‭ ‬غير‭ ‬تقييم‭ ‬على‭ ‬الأطفال‭ ‬المختلفين‭ ‬بأن‭ ‬لديهم‭ ‬توحدا؛‭ ‬لأنه‭ ‬بحسب‭ ‬قولهن‭ "‬تصرفاته‭ ‬غريبة،‭ ‬تواصله‭ ‬البصري‭ ‬ضعيف‭ ‬أو‭ ‬معدوم،‭ ‬لا‭ ‬يتكلم،‭ ‬لا‭ ‬يندمج‭ ‬مع‭ ‬الأطفال،‭ ‬كثير‭ ‬الحركة‭..."‬،‭ ‬كل‭ ‬تلك‭ ‬الأمور‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬أعراضا‭ ‬لاضطراب‭ ‬آخر،‭ ‬والتقييم‭ ‬لا‭ ‬يكون‭ ‬بالنظر‭. ‬هناك‭ ‬أدوات‭ ‬قياس‭ ‬وتقييم‭ ‬يتم‭ ‬استخدامها‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المتخصصين‭ ‬للحكم‭ ‬على‭ ‬الطفل‭ ‬إن‭ ‬كان‭ ‬لديه‭ ‬توحد‭ ‬أو‭ ‬لا‭. ‬وأطفال‭ ‬التوحد‭ ‬كبقية‭ ‬الأطفال‭ ‬ذوي‭ ‬الاحتياجات‭ ‬الخاصة‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬فريق‭ ‬عمل‭ ‬مكون‭ ‬من‭ ‬اختصاصي‭ ‬تربية‭ ‬خاصة،‭ ‬اختصاصي‭ ‬نطق،‭ ‬واختصاصي‭ ‬تعديل‭ ‬سلوك‭ ‬وربما‭ ‬اختصاصي‭ ‬علاج‭ ‬وظيفي‭ ‬ليقيم‭ ‬الطفل‭ ‬ويضعه‭ ‬تحت‭ ‬الملاحظة‭ ‬قبل‭ ‬الحكم‭ ‬عليه‭ ‬بأن‭ ‬لديه‭ ‬توحدا‭ ‬أو‭ ‬لا‭.‬

 

ما‭ ‬تأثير‭ ‬التوحد‭ ‬على‭ ‬الأهل‭ ‬والطفل؟‭ ‬

لا‭ ‬يمكن‭ ‬إطلاق‭ ‬أحكام‭ ‬عامة،‭ ‬فكل‭ ‬طفل‭ ‬لديه‭ ‬توحد‭ ‬يصبح‭ ‬حالة‭ ‬خاصة‭ ‬وفريدة؛‭ ‬لأن‭ ‬كل‭ ‬طفل‭ ‬يمتلك‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الأعراض‭ ‬تختلف‭ ‬من‭ ‬الحدة‭ ‬والنوع‭. ‬فلا‭ ‬يمكن‭ ‬التحدث‭ ‬عن‭ ‬الحالات‭ ‬الخاصة‭ ‬بعمومية،‭ ‬فكل‭ ‬طفل‭ ‬حالة‭ ‬خاصة‭ ‬ويجب‭ ‬التعامل‭ ‬معها‭ ‬بخصوصياتها‭. ‬ولكن‭ ‬من‭ ‬المهم‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬الوالدان‭ ‬خصوصًا‭ ‬الأم‭ ‬ضمن‭ ‬البرنامج‭ ‬العلاجي؛‭ ‬لأنها‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬سيطبق‭ ‬التعليمات‭ ‬والإجراءات‭ ‬طوال‭ ‬اليوم‭ ‬مع‭ ‬الطفل،‭ ‬وإذا‭ ‬تم‭ ‬تشخيص‭ ‬الطفل‭ ‬بالتوحد‭ ‬بدرجة‭ ‬عالية‭ ‬فهذا‭ ‬يضع‭ ‬جميع‭ ‬أفراد‭ ‬العائلة‭ ‬تحت‭ ‬ضغط‭ ‬كبير،‭ ‬ويجب‭ ‬تعديل‭ ‬البيئة‭ ‬التي‭ ‬يعيش‭ ‬فيها‭ ‬الطفل؛‭ ‬لتقليل‭ ‬حدة‭ ‬الأعراض،‭ ‬وبالتالي‭ ‬التقليل‭ ‬من‭ ‬الضغط‭ ‬على‭ ‬أفراد‭ ‬الأسرة‭. ‬وهناك‭ ‬أمهات‭ ‬يتدربن‭ ‬على‭ ‬برنامج‭ ‬تحليل‭ ‬السلوك‭ ‬التطبيقي‭ ‬‮«‬Applied Behavior Analysis‮»‬؛‭ ‬ليتمكنّ‭ ‬من‭ ‬تدريب‭ ‬أطفالهن‭ ‬بأنفسهن‭. ‬

 

ما‭ ‬أبرز‭ ‬الصعوبات‭ ‬التي‭ ‬تواجهونها‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬المصابين‭ ‬بالتوحد‭ ‬ومع‭ ‬الأهل؟‭ ‬

جميع‭ ‬الأطفال‭ ‬ذوي‭ ‬الاحتياجات‭ ‬الخاصة‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬الصبر‭ ‬والمعرفة‭ (‬know how‭) ‬كما‭ ‬يسمى،‭ ‬فعندما‭ ‬تتقبل‭ ‬الأم‭ ‬مشكلة‭ ‬ابنها‭ ‬وتصل‭ ‬إلى‭ ‬مرحلة‭ ‬الرضا‭ ‬بما‭ ‬كتبه‭ ‬لها‭ ‬رب‭ ‬العالمين‭ ‬تكون‭ ‬قد‭ ‬ساعدت‭ ‬نفسها‭ ‬وابنها‭ ‬ومشت‭ ‬خطوات‭ ‬كثيرة،‭ ‬فتبدأ‭ ‬بنفسها‭ ‬في‭ ‬البحث‭ ‬والسؤال‭ ‬والتقصي‭ ‬والتعرف‭ ‬على‭ ‬قصص‭ ‬النجاح،‭ ‬وكما‭ ‬يقول‭ ‬المثل‭ "‬من‭ ‬يسأل‭ ‬ما‭ ‬يضيع‭"‬،‭ ‬وتتعلم‭ ‬من‭ ‬المختصين،‭ ‬وهناك‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأمهات‭ ‬في‭ ‬البلاد‭ ‬الغربية‭ ‬أصبحن‭ ‬متخصصات‭ ‬في‭ ‬التوحد‭ ‬بعد‭ ‬معرفة‭ ‬أن‭ ‬ابنهن‭ ‬لديه‭ ‬توحد‭. ‬إذًا‭ ‬مرحلة‭ ‬الإنكار‭ ‬وعدم‭ ‬الرضا‭ ‬هي‭ ‬أكبر‭ ‬عائق‭ ‬يعوق‭ ‬تطور‭ ‬الطفل‭ ‬ويقلل‭ ‬من‭ ‬نوعية‭ ‬الخدمات‭ ‬التي‭ ‬يحصل‭ ‬عليها‭. ‬كذلك‭ ‬تصاب‭ ‬الأم‭ ‬بحالة‭ ‬من‭ ‬الإحباط‭ ‬نتيجة‭ ‬للتطور‭ ‬البطيء‭ ‬لدى‭ ‬طفل‭ ‬التوحد‭ ‬وكأنها‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬تبدأ‭ ‬من‭ ‬جديد،‭ ‬خصوصًا‭ ‬إذا‭ ‬تزامن‭ ‬مع‭ ‬أعراض‭ ‬التوحد‭ ‬انخفاض‭ ‬في‭ ‬القدرات‭ ‬العقلية،‭ ‬وحسب‭ ‬الإحصاءات‭ ‬75‭ % ‬من‭ ‬حالات‭ ‬التوحد‭ ‬يكون‭ ‬لديهم‭ ‬انخفاض‭ ‬في‭ ‬القدرات‭ ‬أيضًا‭. ‬جدير‭ ‬بالذكر‭ ‬هنا‭ ‬أن‭ ‬المؤسسة‭ ‬البحرينية‭ ‬للتربية‭ ‬الخاصة‭ ‬احتفلت‭ ‬منذ‭ ‬أيام‭ ‬بمرور‭ ‬20‭ ‬عامًا‭ ‬على‭ ‬تأسيسها‭ ‬وتقديمها‭ ‬للخدمات‭ ‬النوعية‭ ‬في‭ ‬التقييم‭ ‬والتشخيص‭ ‬والبرامج‭ ‬العلاجية‭ ‬الفردية‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬متخصصين‭ ‬في‭ ‬التربية‭ ‬الخاصة‭ ‬وصعوبات‭ ‬التعلم‭ ‬وتعديل‭ ‬السلوك‭ ‬والنطق‭ ‬واللغة‭. ‬وأكثر‭ ‬من‭ ‬80‭ % ‬من‭ ‬مراجعي‭ ‬المؤسسة‭ ‬هم‭ ‬طلاب‭ ‬لديهم‭ ‬صعوبات‭ ‬تعلم‭ ‬دسلكسيا‭ ‬أو‭ ‬لديهم‭ ‬اضطراب‭ ‬نقص‭ ‬انتباه‭ ‬وفرط‭ ‬نشاط‭(‬ADHD‭) ‬و20‭ % ‬المتبقية‭ ‬هي‭ ‬للأطفال‭ ‬الذين‭ ‬لديهم‭ ‬توحد‭ ‬أو‭ ‬متلازمة‭ ‬داون‭ ‬أو‭ ‬تأخر‭ ‬نمائي‭.‬