+A
A-

السرطان ليس مرادفًا للموت

إعداد‭: ‬حسن‭ ‬فضل

يواصل‭ ‬«صحتنا»‭ ‬توثيق‭ ‬قصص‭ ‬المتعافين‭ ‬من‭ ‬السرطان‭ ‬كبادرة‭ ‬لبث‭ ‬روح‭ ‬الأمل‭ ‬وإنعاش‭ ‬النفوس‭ ‬المتعبة‭ ‬من‭ ‬وحشية‭ ‬هذا‭ ‬المرض‭. ‬مرض‭ ‬السرطان‭ ‬يمكن‭ ‬الشفاء‭ ‬منه،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬أثبتته‭ ‬قصص‭ ‬المتعافين‭ ‬التي‭ ‬نشرناها،‭ ‬وهو‭ ‬ليس‭ ‬رديفا‭ ‬للموت،‭ ‬ودائمًا‭ ‬هو‭ ‬مرض‭ ‬يمكن‭ ‬هزيمته‭. ‬

قصتنا‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬العدد‭ ‬تتزامن‭ ‬مع‭ ‬اليوم‭ ‬العالمي‭ ‬للأمراض‭ ‬النادرة‭ ‬الذي‭ ‬يصادف‭ ‬‮٢٨‬‭ ‬فبراير‭. ‬لذلك‭ ‬اخترنا‭ ‬تجربة‭ ‬تعاف‭ ‬من‭ ‬نوع‭ ‬نادر‭ ‬من‭ ‬السرطان‭ ‬وهو‭ ‬ورم‭ ‬الغادية‭ ‬المشيمي‭ ‬والأرومة‭ ‬الغاذية‭ ‬الحملية،‭ ‬وهي‭ ‬مرض‭ ‬ورمي‭ ‬نادر‭ ‬يتجاوب‭ ‬بشكل‭ ‬جيد‭ ‬جدًا‭ ‬مع‭ ‬العلاج،‭ ‬وتتطور‭ ‬الخلايا‭ ‬السرطانية‭ ‬في‭ ‬الأنسجة‭ ‬التي‭ ‬تشكلت‭ ‬بعد‭ ‬عملية‭ ‬الإخصاب‭ ‬والتطور‭ ‬الطبيعي‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬الطبيعي‭ ‬للجنين‭. ‬

زينب‭ ‬علي‭ (‬أم‭ ‬سمات‭) ‬إحدى‭ ‬المتعافيات‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬السرطان‭. ‬فصول‭ ‬قصتها‭ ‬بدأت‭ ‬مع‭ ‬فقدها‭ ‬جنينها‭ ‬لتعيش‭ ‬ألم‭ ‬الفقد،‭ ‬ولم‭ ‬تتعافَ‭ ‬من‭ ‬حزن‭ ‬فقد‭ ‬جنينها‭ ‬حتى‭ ‬صدمها‭ ‬خبر‭ ‬إصابتها‭ ‬بنوع‭ ‬نادر‭ ‬من‭ ‬السرطان‭. ‬واجهت‭ ‬وحشية‭ ‬هذا‭ ‬المرض‭ ‬وتحدت‭ ‬كل‭ ‬جبروته‭ ‬حتى‭ ‬تمكنت‭ ‬من‭ ‬ترويضه‭ ‬والوصول‭ ‬لمرحلة‭ ‬التعافي‭. ‬في‭ ‬رحلة‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬نزهة‭ ‬عابرة‭ ‬فرضتها‭ ‬ظروف‭ ‬العلاج،‭ ‬التي‭ ‬عزلتها‭ ‬عن‭ ‬بناتها،‭ ‬وكانت‭ ‬أقسى‭ ‬ما‭ ‬عاشته‭ ‬بفترة‭ ‬المرض،‭ ‬كان‭ ‬لديها‭ ‬من‭ ‬القوة‭ ‬أن‭ ‬تتحمل‭ ‬وحشية‭ ‬المرض‭ ‬وجيش‭ ‬الألم‭ ‬الذي‭ ‬يجتاحها‭ ‬دون‭ ‬رحمة‭ ‬ومن‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬ينفد‭ ‬مخزون‭ ‬صبرها،‭ ‬ولكنها‭ ‬تنهار‭ ‬حين‭ ‬تبتعد‭ ‬عن‭ ‬بناتها‭ ‬فلا‭ ‬تستطيع‭ ‬التخلي‭ ‬عن‭ ‬أمومتها‭ ‬أو‭ ‬تجمد‭ ‬حنينها‭ ‬وشوقها‭ ‬لهن‭. ‬فكل‭ ‬آلام‭ ‬السرطان‭ ‬لا‭ ‬تساوي‭ ‬لحظة‭ ‬من‭ ‬بعدها‭ ‬عن‭ ‬بناتها‭. ‬

المرض‭ ‬بداية‭ ‬لصنع‭ ‬أيام‭ ‬وحياة‭ ‬جديدة

زينب،‭ ‬خريجة‭ ‬بكالوريوس‭ ‬فنون‭ ‬تربوية‭. ‬تعشق‭ ‬الحياة،‭ ‬وتتقن‭ ‬كل‭ ‬أبجدياتها،‭ ‬تمارس‭ ‬هواياتها‭ ‬في‭ ‬الرسم‭ ‬والأعمال‭ ‬اليدوية،‭ ‬وكتابة‭ ‬الخواطر‭ ‬والشعر‭. ‬وطموحها‭ ‬أن‭ ‬تتخلص‭ ‬من‭ ‬السرطان‭ ‬نهائيًا،‭ ‬وتخدم‭ ‬المجتمع‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬وظيفة‭ ‬تناسب‭ ‬مؤهلاتها‭. ‬

 

متى‭ ‬أصبت‭ ‬بالمرض‭ ‬وكيف‭ ‬تم‭ ‬تشخيصه‭ ‬وما‭ ‬نوعه؟

أصبت‭ ‬بالمرض‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬مايو‭ ‬2018‭. ‬كنت‭ ‬حاملا‭ ‬في‭ ‬الشهور‭ ‬الأخيرة‭ ‬وفجأة‭ ‬توفي‭ ‬الجنين‭ ‬وتوقف‭ ‬نبضه‭. ‬أجريت‭ ‬لي‭ ‬عملية‭ ‬قيصرية‭ ‬بعدها‭ ‬دخلت‭ ‬في‭ ‬مضاعفات‭ ‬شديدة‭ ‬ونزيف‭ ‬شديد‭ ‬وشعرت‭ ‬بضيق‭ ‬تنفس‭ ‬شديد‭ ‬وأدخلت‭ ‬العناية‭ ‬المركزة،‭ ‬وبعد‭ ‬عمليات‭ ‬نقل‭ ‬الدم‭ ‬اكتشفوا‭ ‬أن‭ ‬السبب‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬هو‭ ‬ورم‭ ‬الغادية‭ ‬المشيمي‭ ‬المسمى‭ ‬بكاريوكارسينوما‭ ‬وهو‭ ‬ورم‭ ‬نادر‭ ‬يأتي‭ ‬في‭ ‬المشيمة‭ ‬وينتقل‭ ‬منها‭ ‬إلى‭ ‬ثم‭ ‬إلى‭ ‬المخ‭. ‬

كنت‭ ‬أرقد‭ ‬في‭ ‬مستشفى‭ ‬الملك‭ ‬حمد،‭ ‬حيث‭ ‬قام‭ ‬الفريق‭ ‬الطبي‭ ‬هناك‭ ‬مع‭ ‬البروفيسور‭ ‬د‭. ‬حسني‭ ‬ملص‭ ‬باكتشاف‭ ‬السرطان‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬وبعدها‭ ‬تم‭ ‬تحويل‭ ‬أوراقي‭ ‬إلى‭ ‬قسم‭ ‬الأورام‭ ‬في‭ ‬مستشفى‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭. ‬

كيف‭ ‬تلقيتِ‭ ‬خبر‭ ‬الإصابة‭ ‬وماذا‭ ‬تبادر‭ ‬إلى‭ ‬ذهنك‭ ‬في‭ ‬البداية؟

في‭ ‬البداية‭ ‬كانت‭ ‬الأعراض‭ ‬غريبة،‭ ‬حيث‭ ‬كنت‭ ‬أشعر‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬شيئا‭ ‬غريبا‭ ‬لا‭ ‬أعلم‭ ‬ما‭ ‬هو‭.. ‬كان‭ ‬الخبر‭ ‬صدمة،‭ ‬وأخبروني‭ ‬بالتشخيص‭ ‬وكنت‭ ‬لوحدي،‭ ‬جاء‭ ‬الفريق‭ ‬الطبي‭ ‬وأخبرني‭: ‬‮«‬زينب‭ ‬أنت‭ ‬قوية‭ ‬وصبرتين‭ ‬على‭ ‬موت‭ ‬طفلتك‭ ‬واليوم‭ ‬لدينا‭ ‬خبر‭ ‬جيد‭ ‬وخبر‭ ‬غير‭ ‬جيد،‭ ‬الخبر‭ ‬غير‭ ‬الجيد‭ ‬للأسف‭ ‬أنت‭ ‬مصابة‭ ‬بالسرطان‭ ‬وانتشر‭ ‬وعليك‭ ‬الخضوع‭ ‬للعلاج‭ ‬الكيماوي،‭ ‬والخبر‭ ‬الجيد‭ ‬أن‭ ‬نسبة‭ ‬الشفاء‭ ‬منه‭ ‬90‭ ‬بالمئة‮»‬‭. ‬وكنت‭ ‬خائفة‭ ‬جدًا‭ ‬ومصدومة‭ ‬آنذاك‭. ‬

 

كيف‭ ‬استقبل‭ ‬الأهل‭ ‬خبر‭ ‬الإصابة؟

كانت‭ ‬صدمة‭ ‬للجميع،‭ ‬فما‭ ‬إن‭ ‬علموا،‭ ‬وكان‭ ‬يصادف‭ ‬شهر‭ ‬رمضان،‭ ‬حتى‭ ‬رأيت‭ ‬جميع‭ ‬الأهل‭ ‬والأحباب‭ ‬يحيطون‭ ‬بي‭ ‬والجميع‭ ‬يواسيني‭. ‬

 

ماذا‭ ‬كانت‭ ‬خيارات‭ ‬العلاج‭ ‬ونسبة‭ ‬الشفاء؟

كان‭ ‬الخيار‭ ‬الأول‭ ‬العلاج‭ ‬الكيميائي‭ ‬بشكل‭ ‬مكثف‭ ‬وجرعات‭ ‬مكثفة؛‭ ‬لأن‭ ‬طبيعة‭ ‬هذا‭ ‬الورم‭ ‬ينتشر‭ ‬بشكل‭ ‬سريع‭ ‬وبعدها‭ ‬خيارات‭ ‬العملية‭. ‬

 

كيف‭ ‬كانت‭ ‬ظروف‭ ‬العلاج؟

كانت‭ ‬ظروف‭ ‬العلاج‭ ‬في‭ ‬مستشفى‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬وفي‭ ‬قسم‭ ‬الأورام‭ ‬بغاية‭ ‬الاهتمام‭ ‬والعناية‭ ‬ولهم‭ ‬فضل‭ ‬ودور‭ ‬كبير‭. ‬صحيح‭ ‬أن‭ ‬العلاج‭ ‬الكيماوي‭ ‬صعب،‭ ‬لكن‭ ‬كان‭ ‬أثر‭ ‬الرعاية‭ ‬واضحا‭ ‬وكذلك‭ ‬مستشفى‭ ‬فلورنس‭ ‬في‭ ‬تركيا‭. ‬

انقسمت‭ ‬مرحلة‭ ‬علاجي‭ ‬إلى‭ ‬قسمين،‭ ‬علاجي‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬وكان‭ ‬بمستشفى‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬قسم‭ ‬الأورام‭ ‬تلقيت‭ ‬معظم‭ ‬جرعات‭ ‬الكيماوي‭ ‬هناك،‭ ‬وعملت‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬عملية‭ ‬في‭ ‬مستشفى‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬وما‭ ‬زلت‭ ‬أتابع‭ ‬ملفي‭ ‬وحالتي‭ ‬الصحية‭ ‬معهم‭. ‬فبسبب‭ ‬الجرعات‭ ‬المكثفة‭ ‬للكيماوي‭ ‬حصلت‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المضاعفات‭ ‬منها‭ ‬استئصال‭ ‬المرارة،‭ ‬تضخم‭ ‬الغدة‭ ‬الدرقية،‭ ‬وهناك‭ ‬بعض‭ ‬النتوءات‭ ‬في‭ ‬رئتي‭ ‬من‭ ‬بقايا‭ ‬الورم‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬بتليف‭ ‬الرئة‭. ‬

بعد‭ ‬أن‭ ‬تطورت‭ ‬حالتي‭ ‬ووصل‭ ‬شيء‭ ‬من‭ ‬المرض‭ ‬إلى‭ ‬المخ‭ ‬وكان‭ ‬الأطباء‭ ‬متحيرين‭ ‬في‭ ‬أمري‭ ‬هل‭ ‬هو‭ ‬ورم‭ ‬أو‭ ‬تجلط‭ ‬في‭ ‬المخ،‭ ‬سافرت‭ ‬إلى‭ ‬تركيا‭ ‬وهناك‭ ‬تقررت‭ ‬لي‭ ‬عمليتان‭ ‬في‭ ‬المخ،‭ ‬الأولى‭ ‬تشخيصية‭ ‬والثانية‭ ‬جراحية‭ ‬وعلاجية‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬جرعات‭ ‬الكيماوي‭ ‬المكثفة‭. ‬

‭ ‬

كيف‭ ‬أثر‭ ‬السرطان‭ ‬على‭ ‬حياتكِ‭ ‬الأسرية‭ ‬والاجتماعية؟

تأثرت‭ ‬حياتي‭ ‬كثيرا،‭ ‬فأنا‭ ‬أم‭ ‬لطفلتين،‭ ‬واحدة‭ ‬بعمر‭ ‬5‭ ‬سنوات‭ ‬والثانية‭ ‬بعمر‭ ‬السنتين،‭ ‬وقد‭ ‬ساندتني‭ ‬أمي‭ ‬وأبي‭ ‬بتحملهما‭ ‬مشقة‭ ‬العناية‭ ‬بهما‭. ‬وكنت‭ ‬أخرج‭ ‬من‭ ‬المستشفى‭ ‬وأوقع‭ ‬أوراق‭ ‬خروجي‭ ‬على‭ ‬مسؤوليتي‭ ‬لكي‭ ‬أعتني‭ ‬بهما‭. ‬كنت‭ ‬أسكن‭ ‬الطابق‭ ‬الثالث‭ ‬وكان‭ ‬أمرا‭ ‬شاقا‭ ‬بالنسبة‭ ‬لي‭ ‬ومتعبا،‭ ‬فتغيرت‭ ‬حياتي‭ ‬من‭ ‬استقرار‭ ‬إلى‭ ‬أيام‭ ‬طويلة‭ ‬وأسابيع‭ ‬في‭ ‬غرفة‭ ‬المستشفى‭ ‬واجهت‭ ‬فيها‭ ‬أياما‭ ‬صعبة‭ ‬لا‭ ‬يعلم‭ ‬بقسوتها‭ ‬إلا‭ ‬الله،‭ ‬وكأي‭ ‬أم‭ ‬كنت‭ ‬أشتاق‭ ‬أن‭ ‬أنام‭ ‬وابنتي‭ ‬في‭ ‬أحضاني‭. ‬كانت‭ ‬صدمة‭ ‬بناتي‭ ‬بفقدان‭ ‬شعري‭ ‬وتغير‭ ‬شكلي‭ ‬قد‭ ‬تركت‭ ‬أثرا‭ ‬كبيرا‭ ‬في‭ ‬نفسي‭ ‬وفيهما‭ ‬وكانتا‭ ‬تتساءلان‭ ‬دائمًا‭: ‬ماذا‭ ‬حصل؟‭!‬

 

ماذا‭ ‬أخذ‭ ‬منكِ‭ ‬السرطان‭ ‬وماذا‭ ‬أضاف‭ ‬لكِ؟

أخذ‭ ‬من‭ ‬الكثير‭... ‬طفلتي‭ ‬التي‭ ‬توفيت‭.. ‬وجسدي‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬وظهرت‭ ‬لدي‭ ‬مشكلات‭ ‬صحية‭ ‬عديدة‭ ‬بعد‭ ‬العلاج‭ ‬الكيماوي،‭ ‬ولكن‭ ‬السرطان‭ ‬أعطاني‭ ‬القوة‭ ‬وأهداني‭ ‬بشرا‭ ‬تعرفت‭ ‬عليهم‭ ‬بهيئة‭ ‬الملائكة‭.. ‬أضاف‭ ‬لي‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬علاقتي‭ ‬بالله‭ ‬أكثر‭ ‬قربًا‭. ‬

 

هل‭ ‬تشعرين‭ ‬بخوف‭ ‬وقلق‭ ‬من‭ ‬عودته‭ ‬مجددًا؟

نعم‭ ‬وكثيرًا‭ ‬ما‭ ‬أخاف‭ ‬ذلك،‭ ‬لكن‭ ‬لطف‭ ‬الله‭ ‬الذي‭ ‬نجاني‭ ‬ورحمني‭ ‬سيحيطني‭ ‬ويحميني‭ ‬وكلي‭ ‬أمل‭ ‬بالله‭. ‬

 

كيف‭ ‬تخطيتِ‭ ‬مرحلة‭ ‬الإصابة‭ ‬وما‭ ‬العوامل‭ ‬التي‭ ‬أسهمت‭ ‬في‭ ‬تجاوز‭ ‬هذه‭ ‬المحنة؟

كنت‭ ‬أحاول‭ ‬أن‭ ‬أشغل‭ ‬عقلي‭ ‬عن‭ ‬المرض‭ ‬بأي‭ ‬طريقة‭ ‬وعن‭ ‬الألم،‭ ‬فكنت‭ ‬أرسم،‭ ‬وأقرأ‭ ‬وأحاول‭ ‬أن‭ ‬أبحث‭ ‬عن‭ ‬المتعافين‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬المرض‭ ‬وأستمد‭ ‬القوة‭ ‬منهم‭. ‬

والدي‭ (‬رحمه‭ ‬الله‭) ‬كان‭ ‬يشجعني‭. ‬ويكرر‭ ‬عبارة‭ ‬‮«‬أهم‭ ‬شيء‭ ‬النفسية‮»‬،‭ ‬وكان‭ ‬يمدني‭ ‬بالقوة،‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬عمودي‭ ‬الفقري،‭ ‬إضافة‭ ‬لوالدتي‭ ‬ودعائها،‭ ‬ودعاء‭ ‬ومساندة‭ ‬أهلي‭ ‬وأحبائي‭ ‬كان‭ ‬له‭ ‬دور‭ ‬كبير‭. ‬وضعت‭ ‬نصب‭ ‬عيني‭ ‬بناتي‭ ‬أن‭ ‬أقاوم‭ ‬لأجلهما‭ ‬وأتحمل‭ ‬الألم‭. ‬

كما‭ ‬أن‭ ‬مستشفى‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬وقسم‭ ‬الأورام‭ ‬كان‭ ‬لهم‭ ‬دور‭ ‬كبير،‭ ‬وأخص‭ ‬بالشكر‭ ‬طاقم‭ ‬الممرضات‭ ‬والممرضين‭ ‬والأطباء‭ ‬الذين‭ ‬بذلوا‭ ‬الكثير‭. ‬

 

هل‭ ‬شعرت‭ ‬بلحظات‭ ‬ضعف‭ ‬في‭ ‬مسيرتكِ‭ ‬وكيف‭ ‬تغلبتِ‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الشعور‭ ‬وتمكنت‭ ‬من‭ ‬تجاوزه؟

نعم‭ ‬شعرت‭ ‬بذلك‭ ‬عندما‭ ‬أصبت‭ ‬في‭ ‬المخ،‭ ‬كان‭ ‬خوفي‭ ‬شديدا،‭ ‬وسافرت‭ ‬إلى‭ ‬العلاج‭ ‬في‭ ‬الخارج‭. ‬وعندما‭ ‬دخلت‭ ‬إلى‭ ‬غرفة‭ ‬العمليات‭ ‬هنا‭ ‬كان‭ ‬خوفي‭ ‬شديدا،‭ ‬وضعفت‭ ‬كثيرًا‭ ‬عندما‭ ‬توفي‭ ‬والدي‭ (‬رحمه‭ ‬الله‭) ‬وأنا‭ ‬في‭ ‬آخر‭ ‬مراحل‭ ‬علاجي‭. ‬

 

هل‭ ‬كان‭ ‬السرطان‭ ‬عائقًا؟

لا،‭ ‬فلم‭ ‬يوقفني‭ ‬السرطان‭ ‬عن‭ ‬عشق‭ ‬الرسم‭ ‬والأعمال‭ ‬اليدوية،‭ ‬والقراءة،‭ ‬وكتابة‭ ‬الخواطر‭ ‬والقليل‭ ‬من‭ ‬الشعر،‭ ‬وعشقي‭ ‬للطبخ‭.‬

كانت‭ ‬حياتي‭ ‬قبل‭ ‬المرض‭ ‬بين‭ ‬أطفالي‭ ‬وبين‭ ‬هواياتي‭. ‬لم‭ ‬أكن‭ ‬أختلف‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬شخص‭ ‬طبيعي‭ ‬في‭ ‬المجتمع،‭ ‬وطموحي‭ ‬أن‭ ‬أتخلص‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬المرض‭ ‬نهائيًا،‭ ‬وأعمل‭ ‬بشهادتي‭ ‬شهادة‭ ‬الفنون‭ ‬وأن‭ ‬أثبت‭ ‬أن‭ ‬السرطان‭ ‬ليس‭ ‬عائقا‭.‬

 

كيف‭ ‬هي‭ ‬حياتك‭ ‬بعد‭ ‬التشافي؟

الحمد‭ ‬لله‭ ‬أقوم‭ ‬بأعمالي‭ ‬وأعمال‭ ‬أسرتي‭ ‬كلها‭ ‬بنفسي،‭ ‬صحيح‭ ‬أنني‭ ‬كنت‭ ‬أشعر‭ ‬بالتعب‭ ‬السريع‭ ‬وجسدي‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬كما‭ ‬السابق،‭ ‬لكنني‭ ‬أستمد‭ ‬القوة‭ ‬من‭ ‬الله‭ ‬تعالى،‭ ‬فأنا‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬أخذ‭ ‬العلاج‭ ‬الكيماوي،‭ ‬كنت‭ ‬أحاول‭ ‬أن‭ ‬أقوم‭ ‬بأبسط‭ ‬الأعمال،‭ ‬فأنا‭ ‬لا‭ ‬أحب‭ ‬الركون‭ ‬والخضوع‭ ‬إلى‭ ‬المرض‭. ‬

 

ما‭ ‬رسالتكِ‭ ‬لمرضى‭ ‬السرطان؟

اجعلوا‭ ‬السرطان‭ ‬مصدر‭ ‬قوة‭ ‬لا‭ ‬ضعفا،‭ ‬اجعلوه‭ ‬يبث‭ ‬فيكم‭ ‬روح‭ ‬الأمل‭ ‬واجعلوه‭ ‬بداية‭ ‬إلى‭ ‬حياة‭ ‬جديدة‭. ‬

 

ما‭ ‬رسالتك‭ ‬للمجتمع؟

رسالتي‭ ‬للمجتمع‭.. ‬لا‭ ‬تتغافلوا‭ ‬عن‭ ‬أبسط‭ ‬الأعراض‭ ‬التي‭ ‬تشعرون‭ ‬بها‭ ‬أو‭ ‬أي‭ ‬إشارة‭ ‬تطلقها‭ ‬أجسامكم،‭ ‬اذهبوا‭ ‬للفحص‭ ‬المبكر،‭ ‬فهو‭ ‬وقاية‭ ‬وعلاج‭ ‬سريع‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬مرض،‭ ‬والسرطان‭ ‬ليس‭ ‬معناه‭ ‬الموت،‭ ‬بل‭ ‬معناه‭ ‬المحاربة‭ ‬وصنع‭ ‬الأيام‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬فربما‭ ‬يكون‭ ‬هو‭ ‬البداية‭ ‬إلى‭ ‬حياة‭ ‬أفضل‭. ‬