بقلم شادن ماهر الحواري
سيدافع عن أنس؟
لا تفعلْ يا أنس.. أرجوك.. لا تتركْني وحدي.. أنسيتَ مَن رافقكَ طيلةَ العام.. أنسيتَ مَن دافعَ عنك ضدَّ الفيروسات؟
كفاكِ تقييدًا لأنفاسي.. مَن أنتِ حتى تدافعي عني؟.. لستِ سوى قطعةٍ من القماشِ لا تملكُ لنفسِها قرارًا.
رمى أنسٌ كمامتَهُ وخرجَ من بيتِه بأنفاسٍ حرّةٍ لأولِ مرةٍ منذُ زمنٍ بعيد.
لقد كانت خطواتُه الأولى خارجَ المنزلِ تُشعرُه بنشوةِ التحرُّرِ من القيد، لكنّ هذا الشعورَ لم يدمْ طويلًا، فما هي إلّا لحظاتٌ حتى بدأ يشعرُ بالذعرِ، فقد بدا له وكأنَّهُ محاصَرٌ بين مجموعةٍ من الأعداءِ ولا يريدُ سوى النجاةِ منهُم، فكيفَ سيزورُ أصدقاءَه كما أراد؟ وكيف سيدخلُ ليشتريَ ما خطَّطَ لهُ دونَ احتكاكٍ مع غيرِه، لابدَّ له في هذه الرحلةِ الخطرةِ أن يتواصل مع الآخرين وأن تختلطَ أنفاسَهُ بأنفاسِهم، وإنّ جميعَ الناسِ هنا يرتدون ما يحميهم، إلا هو.
ركضَ أنسٌ إلى منزلِه هاربًا من تلك الأفكارِ المرعبةِ ولا يرغبُ بشيءٍ الآن إلا أن يصلَ بسلامٍ دون أن يقابلَ أحدًا أو يضطرَ للحديثِ مع أحدٍ في الطريق.
ها.. لقد انتهت رحلتُكَ سريعًا يا أنس!
أتعلمين يا صديقتي.. لقد شعرتُ بأني كالجنديِّ الذي تُطلقُ عليه السهامُ من كلِّ صوبٍ، ولا يحملُ درعًا يحميْه منها.. إنني أعتذرُ منك يا كمامة.. وأعدكِ بأني لن أخرجَ دونَكِ بعدَ اليوم.