+A
A-

مدينة "الأمل" في مازندران... التي لا تموت

في‭ ‬سحرها‭ ‬الطبيعي‭ ‬من‭ ‬صنع‭ ‬الخالق‭ ‬جل‭ ‬وعلا‭ ‬ما‭ ‬يجعلها‭ ‬وجهةً‭ ‬لكثير‭ ‬من‭ ‬السياح‭ ‬البحرينيين‭ ‬والخليجيين‭ ‬والعرب‭ ‬وكذلك‭ ‬الغربيين،‭ ‬فمدينة‭ "‬الأمل‭" ‬في‭ ‬محافظة‭ ‬مازندران‭ ‬الإيرانية،‭ ‬وكما‭ ‬تسميتها‭ ‬الفارسية‭ "‬أمول‭"‬،‭ ‬سميت‭ ‬بهذا‭ ‬الاسم‭ ‬لأنها‭ ‬كانت‭ ‬موطنًا‭ ‬للعديد‭ ‬من‭ ‬القبائل‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬الفتح‭ ‬الإسلامي،‭ ‬كما‭ ‬أنها‭ ‬لِقدمها،‭ ‬كانت‭ ‬مقصدًا‭ ‬للفلاسفة‭ ‬والعلماء،‭ ‬ولهذا‭ ‬تصنف‭ ‬بأنها‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬أقدم‭ ‬حواضر‭ ‬السلالات‭ ‬والأجناس‭ ‬البشرية،‭ ‬ولهذا‭ ‬تعرف‭ ‬أيضًا‭ ‬بأنها‭ "‬المدينة‭ ‬أو‭ ‬الأرض‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تموت‭ ‬وضواحيها‭ ‬هزار‭ ‬وسنجر‭. ‬وتشير‭ ‬بعض‭ ‬كتب‭ ‬التاريخ‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬المدينة‭ ‬استطونها‭ ‬أيضًا‭ ‬منذ‭ ‬القدم‭ ‬قوم‭ ‬يطلق‭ ‬عليهم‭ ‬مسمى‭ "‬آمارد‭"‬،‭ ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬الإرث‭ ‬الإنساني،‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬لم‭ ‬تعرف‭ ‬كوجهة‭ ‬سياحية‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬القليلة‭ ‬الماضية‭.‬

في‭ ‬زيارته‭ ‬إلى‭ ‬المدينة،‭ ‬أعد‭ ‬المهتم‭ ‬بأدب‭ ‬الرحلات‭ ‬علي‭ ‬صالح‭ ‬مذكرات‭ ‬تضمنت‭ ‬معلومات‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬المدينة‭ ‬التي‭ ‬تشتهر‭ ‬بأنها‭ ‬موطن‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬العلماء‭ ‬والفلاسفة‭ ‬مثل‭ ‬أبو‭ ‬حاتم‭ ‬محمود‭ ‬الحسن‭ ‬الآملي،‭ ‬الشيخ‭ ‬الكيلاني،‭ ‬الحاج‭ ‬ملا‭ ‬علي‭ ‬كني،‭ ‬سهل‭ ‬بن‭ ‬بشر،‭ ‬خليل‭ ‬بن‭ ‬بجر‭ ‬الآملي،‭ ‬علي‭ ‬لاريجاني،‭ ‬ابن‭ ‬ربن‭ ‬الطبري،‭ ‬أبو‭ ‬الحسن‭ ‬الطبري،‭ ‬عمر‭ ‬بن‭ ‬الفرخان‭ ‬الطبري،‭ ‬الإمام‭ ‬فخر‭ ‬الدين‭ ‬الرازي‭ ‬ومحمد‭ ‬بن‭ ‬جرير‭ ‬الطبري‭.‬

هكذا‭ ‬جاء‭ ‬ذكرها‭ ‬في‭ ‬الشاهنامة

يبلغ سكان المدينة قرابة نصف مليون نسمة، وتقع على نهر حراز وجبل دماوند وجبل "بارز"، وتتوسطها غابة أليمستان، وتقع على بعد قرابة 20 كيلومترًا من بحر قزوين، وتبعد عن طهران العاصمة مسافة 180 كيلومترًا. هي مدينة تاريخية، وذكرت في الشاهنامة الفارسية (تصنيف أبو القاسم الفردوسي وتتكون من 1000 بيت من الشعر) ذكرت بأنها مركز الثقافة والفكر وأرض التاريخ والعلوم والفلسفة، بل وقلب صناعة الثقافة وهي أيضًا عاصمة الأرز، بالإضافة إلى أنها تُعتبر حلقة الوصل بين كثير من المُدن والمناطق المجاورة، وبسبب ذلك فإنها تضم مجموعة من أفضل المعالم السياحية والتاريخية في محافظة مازندران، وكونها حلقة وصل بين مدن عدة فإنها تعتبر قريبة من معظم مناطق الجذب السياحي في المحافظة، وأهمها جسر فريسك، وهو جسر مقوس حجري يقع في شمال إيران، تم بناؤه من قبل النمساويين قبل الحرب العالمية الثانية بقيادة مهندس يدعى والتر آينر، وتم تشييده في عهد رضا شاه، وتقع منطقة فريسك في مقاطعة سافادكوه في مقاطعة مازندران، ويبلغ ارتفاع الجسر حوالي 110 أمتار، ويبلغ طول قوسه 66 مترا، ويخدم الجسر شبكة السكك الحديدية العابرة لإيران في شمال إيران، بالإضافة إلى أنه يربط السكك الحديدية بين طهران ومنطقة بحر قزوين، كما أنه يربط بين جبلين في منطقة عباس أباد، ويشتهر هذا الجسر بأنه لم يتم بناؤه بأي شيء معدني أو فلزي، ولكن استخدم في بنائه أدوات عادية جدًا مثل الديناميت وآلة المثقاب اليدوي.

 

سلالات‭ ‬ساسانية‭ ‬ومغولية

ربط بعض المؤرخين هذه المدينة القديمة بفترات سلالة البشداديين وسلالة كايانيان، أما قبيلة "آمارد" فهم الأشخاص الذين يسكنون المنطقة قبل وصول الآريين الذين هاجروا واستقروا في الهضبة الإيرانية من أواخر الألفية الثانية قبل الميلاد إلى أوائل الألفية الأولى قبل الميلاد. وكانت المدينة عاصمة مازندران في الفترة التي بدأت من الإمبراطورية الساسانية إلى سلالة إلخانات في الإمبراطورية المغولية، وأشار إليها المؤرخ الشهير هيرودوت بقوله إن قبيلة تسمى مارديان واحدة من 10 إلى 15 قبيلة فارسية في فارس.

ينابيع‭ ‬وجبال‭ ‬وشلالات

من أشهر معالم مدينة "الأمل" جبل يبلغ ارتفاعه حوالي 5610 مترًا عن سطح البحر وهو جبل "دماوند"، وبهذا فهو أعلى قمة في منطقة الشرق الأوسط، ما يجعله وجهة جذب سياحية للسائحين خصوصا لعاشقي ممارسة رياضة تسلق الجبال، ويضم بعض المعالم الطبيعية النادرة ما يميزه ويعطي له أهمية سياحية ضخمة، فهو يحتوي على سفوح مخضرة وعيون وأنهار جارية مثل نهر تلخ رود أو ينابيع المياه الساخنة والمعدنية العلاجية مثل نبع لاريجان على ضفة نهر حراز في جنوب الجبل، بالإضافة إلى شلال شاهندشت يخي أي (الثلجي) وهو من أجمل شلالات إيران، إلى جانب أنه يتيح زيارة سهل شقائق النعمان وبحيرة لار وشلاو وغابة شورميست في أليمستان التي تُعتبَر من أبرز المعالم. كما يعتبر جسر دوازده تششمه من أهم المعالم السياحية، وقد تم بناء الجسر في عهد الشاه عباس، وتم تشييد بنائه في فترة القاجارية بصورة كاملة حتى يربط بين الشطرين الغربي والشرقي من المدينة، وهو مبنى على شكل أقواس قائمة بالكامل على أعمدة بشكل مستطيل، يبلغ عددها حوالي 12 قوسا على طول الجسر بالكامل، حيث تصل المسافة من بداية أعلى قمة الأقواس حتى مستوى النهر لحوالي 7 أمتار، وبالنسبة للمسافة بين القاعدتين فهي حوالي 6 أمتار، وطول الجسر يبلغ 120 مترا.

ويستمتع زوار مدينة "الأمل" باقتناء الصناعات اليدوية مثل السجاد والبساط والأقمشة الحريرية، والنسيج والأواني الفخارية والخشبية والتماثيل الخشبية والحصير، ويستمتعون لبعض الوقت في حمام شاه عباسي بمياهه المعدنية الدافئة، وتحلو الأوقات في التجول عبر الجسور الخشبية المعلقة في جبل بارز.