+A
A-

رغم المصاعب الكبيرة.. حولت الظروف القاسية إلى "قصة نجاح"

في‭ ‬الحقيقة،‭ ‬من‭ ‬شاهد‭ ‬مسلسل‭ ‬الرسوم‭ ‬المتحركة‭ "(‬الأنيميشن‭)" ‬الذي‭ ‬حمل‭ ‬عنوان‭ ‬"عائلة‭ ‬يوسف"‭ ‬وما‭ ‬احتواه‭ ‬من‭ ‬مضامين‭ ‬توعية‭ ‬وتثقيف‭ ‬تجاه‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا‭ (‬كوفيد‭ ‬19‭)‬،‭ ‬وانتشاره‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬المنصات‭ ‬الإلكترونية،‭ ‬ربما‭ ‬خيل‭ ‬إليه‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬العمل‭ ‬الجميل‭ ‬تم‭ ‬إنتاجه‭ ‬في‭ ‬أكبر‭ ‬أستوديوهات‭ ‬الأنيميشن‭ ‬العالمية‭! ‬والحقيقة،‭ ‬أن‭ ‬فتاة‭ ‬بحرينية‭ ‬شابة‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬وضعت‭ ‬الفكرة‭ ‬ورسمت‭ ‬وصممت‭ ‬وأنتجت‭ ‬العمل‭.. ‬ومن‭ ‬منطلق‭ ‬دعم‭ ‬وتشجيع‭ ‬"‭"‬أضواء‭ ‬البلاد"‭" ‬للمتميزين‭ ‬والمجتهدين‭ ‬من‭ ‬الشباب‭.. ‬دار‭ ‬هذا‭ ‬الحوار‭ ‬مع‭ ‬المخرجة‭ ‬الشابة‭ ‬مروة‭ ‬جميل‭.‬

الرسوم‭ ‬المتحركة‭ ‬من‭ ‬أصعب‭ ‬مجالات‭ ‬الإنتاج‭ ‬فنيًا‭ ‬من‭ ‬ناحية،‭ ‬ودقة‭ ‬قصصه‭ ‬وموضوعاته‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى،‭ ‬كيف‭ ‬بدأت‭ ‬علاقتك‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬الفن؟

كنت شغوفة بالرسوم المتحركة مذ كنت في المرحلة الإعدادية، وفي تلك المرحلة كبرت لدي فكرة الرغبة في دراسة هذا التخصص جامعيًا، لكن لم تتيسر الظروف لأن أظفر بذلك، وحين تخرجت من الجامعة في تخصص إدارة "اللوجستيك الدولية" كنت أمتلك بعض المعرفة، ففي تخصص الإعلام والفنون كان بالإمكان دراسة الأنيميشن في فصل دراسي أو فصلين، لكن ذلك لا يشمل دراسة الإخراج، ومع دراسة اللوجستيك جعلت دراسة الأنيميشن فرعيًا. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، ركزت على التعليم الذاتي وأصبحت أشارك في الدورات التدريبية المتخصصة وأقرأ في الكتب والإصدارات. وفي السنة الثالثة بالجامعة التحقت بأحد البرامج الدراسية القصيرة في الولايات المتحدة الأميركية، وأود الإشارة إلى أنه في ذلك البرامج طلبوا منا تقديم موضوع معين يهم المجتمع ونتبناه، فاخترت موضوع تأثير مشاهد العنف في الرسوم المتحركة على الطفل، وأهمية غرس الهوية البحرينية في الأنيميشين، وكان ذلك في في العام 2015، وبعد أن أنجزت البرنامج الدراسي، جاءت الثمرة بتجريب أعمال بسيطة تنفيذًا وتطبيقًا.

 

واسمح لي أن أشير إلى أن شركات الإنتاج تستند إلى إدارة المشروعات الإبداعية كصناعة، ولابد أن ننظر لها كصناعة فعلًا، اليوم يسألني الناس: ماذا بعد عائلة يوسف ومتى الجزء الثاني؟ وهذا لا يعني أن المسلسل سيتوقف، وما أطمح إليه شخصيًا أن تكون لدينا في مملكة البحرين "صناعة الأنيميشن"، وأن أكود رائدة هذا القطاع.

 

وما‭ ‬قصة‭ ‬الفرصة‭ ‬التي‭ ‬جاءت‭ ‬من‭ ‬السفارة‭ ‬الأميركية؟

كما تطرقنا سابقًا، فإن صعوبة الأنيميشن تكمن في التكلفة المالية، ثم حين لا تمتلك المؤهل الأكاديمي في هذا التخصص ولا تمتلك الموهبة فهذا جانب أكثر صعوبة، ولأنني لم أدرس المجال كتخصص علمي وليست لدي خبرة سابقة حتى أتمكن من الإنتاج، توكلت على الله واعتمدت على عزيمتي وموهبتي واقتناص الفرص، ولهذا في العام 2020 تلقيت اتصالًا من السفارة الأميركية يتعلق برغبتهم في تشجيع تقديم محتوى إعلامي للتوعية بجائحة كورونا دعمًا للفريق الوطني لمكافحة الفيروس، بما في ذلك ورش العمل للأطفال، فقسمت فكرتي إلى قسمين: الأول تقديم ورش فنية للرسوم المتحركة لاكتشاف مواهبهم وتطوير مهاراتهم ورفع معنوياتهم إثر ما خلفته الجائحة من آثار في المجتمع، والشق الثاني هو أنني اقترحت الرسوم المتحركة وهو أطول مشروع بين الورش مدته 56 دقيقة أنيميشن، فيما تتراوح مدة المشروعات الأخرى بين 3 و4 دقائق، ولهذا قسمته على 5 حلقات، فالتحدي صعب لأنه آني ولحظي ومتجدد في كل لحظة، وعملنا على المشروع في نهاية العام 2020، وأصبح العمل في متناول المشاهدين منذ بداية العام 2021، وانطلق في فضاء السوشال ميديا من أستوديو بيت الأنيميشن وبيت السرد والسفارة الأميركية.

ألا‭ ‬ترون‭ ‬أن‭ ‬مسلسلة‭ ‬"عائلة‭ ‬يوسف"‭ ‬مداه‭ ‬طويل‭ ‬ونافع‭.. ‬يعني‭ ‬حتى‭ ‬بعد‭ ‬عودة‭ ‬الطلبة‭ ‬للمدارس،‭ ‬بالإمكان‭ ‬تقديمه‭ ‬لهم؟

الخطوة الحالية هي تسويق المسلسل للوصول إلى أكبر شريحة، وهنا نريد الوصول لطلبة المدارس ورياض الأطفال في أعمارهم، فهو توعوي اجتماعي، والأساس في الفكرة قصة عائلة مكونة من أم وأب وأطفال والروبوت والمربية، فالأب يعمل طبيبًا في الصفوف الأمامية ويتعرض للإصابة فيختفي منذ نهاية الحلقة الأولى لكونه في المستشفى، ويبقى متواصلًا مع أسرته من خلال الأم، ثم تتوالى الأحداث والمشاهد الرئيسة بين الأم والأطفال من خلال الأسئلة التي يطرحونها لتلقي المعلومات الصحيحة التي وظفناها من خلال المشاهد، والهدف هو تصحيح مفاهيم تربوية في المنزل في التعامل مع أفراد الأسرة والتعامل مع المربية، وكما ذكرت سابقًا فإنني أهتم كثيرًا في التوعية بما يتعلق بتأثير مشاهد العنف في الرسوم المتحركة على الأطفال.

 

ما‭ ‬أبرز‭ ‬المرحل‭ ‬الصعبة‭ ‬في‭ ‬تنفيذ‭ ‬العمل؟

الحمد لله، لم أواجه مرحلة صعوبة للتراجع وترك العمل، لكن المشكلة هي الجدول الزمني، إذ لم أعرف متى ننتهي في ظل هذه الظروف، لا سيما أن بعض أعضاء فريق العمل تعرضوا لإصابات كورونا، ثم مرحلة الإغلاق التي شملت مختلف القطاعات ومنها الأستوديوهات، وقد رحشنا طفلة لغناء أغنية المسلسلة "هذا الوقت سيمضي"، وحينما أردنا تسجيلها بدأ الإغلاق، وكان من الصعب إحضار الطفلة، فاضطررت لأن أسجل الأغنية بصوتي، ومن هنا أقول إن فريق العمل كان يعمل بطاقة فوق جهده لكي نغطي أي فراغ وفي أي جانب من الجوانب.

 

ما‭ ‬الأعمال‭ ‬العالمية‭ ‬والعربية‭ ‬التي‭ ‬تأثرت‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬نطاق‭ ‬الرسوم‭ ‬المتحركة؟

من الأعمال العالمية التي تأثرت بها هي أعمال والت ديزني وكذلك مسلسل "فيكسر"، وأكثر الشخصيات المفضلة عني هي جودي أبوت، وعلى العموم أحب الأعمال ذات المعنى والقيمة، والتي هي في أساسها روايات كـ "جودي أبوت" و"سالي" وهذا ما نفتقده حين نتعلق كأطفال بالأعمال المميزة ثم نفقدها، وكما يعلم كثيرون فإن هناك أعمالا موجهة للطفل تحوي ألفاظًا بذيئة ولغة الجسد في بعضها رسائل مبطنة ما يلزم على أولياء الأمور تصفية (فلترة) ما يشاهده أطفالهم ويشاهدون معهم لتقييمها، وكذلك من الأعمال الخليجية "فريج"، وقد تشرفت بلقاء مخرج العمل محمد سعيد حارب وهو أحد الشخصيات المهمة بالنسبة لي، إذ زرت أستوديو "لامترا" للتعرف على التجربة الإماراتية في إنتاج الرسوم المتحركة بالعام 2018.

دعينا‭ ‬نتحدث‭ ‬بصراحة‭ ‬عن‭ ‬مقومات‭ ‬استمرارك‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭.. ‬هل‭ ‬أنت‭ ‬متفائلة؟

على اعتبار أنني في بداية الطريق خصوصًا في الإخراج، فهذه البداية صادفتها فترة كورونا ذات الكساد الاقتصادي إلا في حال أن تكون هناك جهة تريد الإنتاج، وفي الواقع أنا محظوظة لأنني انتظرت من العام 2015 حتى العام 2020 لأنطلق أولى الخطوات، حتى أنني حينما كنت أتحدث مع من حولي بفكرة إنتاج رسوم متحركة كانوا يضحكون، لكنني كنت أكرر لهم أنني سأتوفق بعون الله وسأنتج، وبفضل الله سبحانه وتعالى تحقق ذلك في أبريل 2020، ومضيت وفق الإجراءات، فعلى صعيد الإنتاج لابد من التعامل بشكل رسمي خصوصًا في التعاقد مع الممثلين وبعقود، ولابد من إصدار سجل تجاري، وهذا ما فعلته وأسست "أستوديو أنيميشين هاوس". ولابد من أن أذكر أيضًا أنني في العام 2017 حولت المشروع إلى ورش عمل وهي باكورة أنيميشن هاوس لرسوم الأطفال، وتعاونت مع هيئة الثقافة وشركة البحرين للسينما ولكن بميزانية محدودة، ولنجاح العمل، هناك اتصالات مستمرة إلى اليوم، وفي انتظار التعاون مع تلفزيون البحرين؛ لأنني بصراحة كمخرجة بحرينية مبتدئة في حاجة إلى هذا الدعم دون وضع تعقيدات وحواجز.