+A
A-

"أضواء البلاد" تحاور رئيس قسم العمارة والتصميم الداخلي بجامعة البحرين في أول لقاء صحافي

كنا‭ ‬سعداء‭ ‬في‭ ‬أسرة‭ ‬تحرير‭ ‬"أضواء‭ ‬البلاد" لأن‭ ‬نحمل‭ ‬باقة‭ ‬التهاني‭ ‬لها‭ ‬بمناسبة‭ ‬تعيينها‭ ‬رئيسًا‭ ‬لقسم‭ ‬العمارة‭ ‬والتصميم‭ ‬الداخلي‭ ‬بجامعة‭ ‬البحرين،‭ ‬فالكفاءات‭ ‬البحرينية‭ ‬المبدعة‭ ‬حين‭ ‬تتولى‭ ‬المناصب‭ ‬القيادية‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬في‭ ‬الجامعات‭ ‬والمؤسسات‭ ‬الأكاديمية‭ ‬والبحثية،‭ ‬ففي‭ ‬ذلك‭ ‬دلالة‭ ‬كبيرة‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬توليه‭ ‬قيادة‭ ‬البلاد‭ ‬الكريمة‭ ‬من‭ ‬اهتمام‭ ‬بقطاع‭ ‬التعليم‭ ‬العالي‭ ‬وكوادره‭ ‬الوطنية‭. ‬كان‭ ‬سؤالنا‭ ‬الأول‭ ‬مع‭ ‬رئيس‭ ‬قسم‭ ‬العمارة‭ ‬والتصميم‭ ‬الداخلي‭ ‬بجامعة‭ ‬البحرين‭ ‬د‭. ‬هدى‭ ‬المدحوب‭ ‬هو‭: ‬"هل‭ ‬بالإمكان‭ ‬منحنا‭ ‬فكرة‭ ‬عن‭ ‬اختيار‭ ‬تخصصكم‭ ‬قبل‭ ‬التخرج‭ ‬من‭ ‬الثانوية،‭ ‬أي‭ ‬ما‭ ‬دوافعكم‭ ‬للتخصص‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال؟"‭ ‬وكان‭ ‬للإجابة‭ ‬بتفاصيلها‭ ‬الميسرة‭ ‬مذاق‭ ‬خاص،‭ ‬حيث‭ ‬أجابت‭ ‬بالقول‭: ‬"الهندسة‭ ‬المعمارية‭ ‬كانت‭ ‬حلم‭ ‬الطفولة،‭ ‬وتعود‭ ‬بي‭ ‬الذكريات‭ ‬إلى‭ ‬المرحلة‭ ‬الابتدائية‭ ‬وهي‭ ‬كما‭ ‬يسمونها‭ ‬اليوم‭ ‬"الحلقة‭ ‬الأولى"،‭ ‬حيث‭ ‬طلب‭ ‬منا‭ ‬كتابه‭ ‬رسالة‭ ‬نشرح‭ ‬فيها‭ ‬مهنة‭ ‬المستقبل،‭ ‬وأتذكر‭ ‬أنني‭ ‬اخترت‭ ‬الهندسة،‭ ‬ولكن‭ ‬لن‭ ‬أقول‭ ‬إنه‭ ‬كان‭ ‬شغفًا‭ ‬منذ‭ ‬الصغر،‭ ‬وإنني‭ ‬عملت‭ ‬طوال‭ ‬سنين‭ ‬لتحقيقه،‭ ‬ولكن‭ ‬كانت‭ ‬هذه‭ ‬بداية‭ "‬الشرارة"‭ ‬إن‭ ‬جاز‭ ‬لنا‭ ‬التعبير‭.‬

 

ثم‭ ‬بعد‭ ‬ذلك،‭ ‬وخلال‭ ‬المرحلتين‭ ‬الإعدادية‭ ‬والثانوية،‭ ‬كانت‭ ‬أختي‭ ‬الكبرى‭ ‬تدرس‭ ‬الهندسة‭ ‬المعمارية،‭ ‬وكنت‭ ‬أنبهر‭ ‬بالتفاصيل‭ ‬التصميمية‭ ‬ومستوى‭ ‬الإبداع‭ ‬الذي‭ ‬يتطلبه‭ ‬التخصص،‭ ‬فتشكل‭ ‬عندي‭ ‬هذا‭ ‬الميول،‭ ‬وأنا‭ ‬بطبيعتي‭ ‬أمتلك‭ ‬ذوقًا‭ ‬فنيًا"‭ ‬ومهارة‭ ‬إبداعية‭ ‬وتلفتني‭ ‬أدق‭ ‬التفاصيل،‭ ‬ولدي‭ ‬مهارة‭ ‬التحليل‭ ‬أيضًا،‭ ‬وكنت‭ ‬أحب‭ ‬الرياضيات‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬مادة‭ ‬أساسية‭ ‬كما‭ ‬تعلمون‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تحقيق‭ ‬الغاية‭ ‬الجمالية‭ ‬والفنية‭ ‬للتصميم‭ ‬المعماري‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الكتلة‭ ‬والمساحة‭ ‬والحجم‭ ‬إلى‭ ‬آخرها‭ ‬من‭ ‬جوانب،‭ ‬ومجموع‭ ‬هذه‭ ‬العوامل‭ ‬ساهم‭ ‬في‭ ‬اختياري‭ ‬للتخصص‭.‬

ما‭ ‬المجالات‭ ‬التي‭ ‬تستحوذ‭ ‬على‭ ‬اهتمامكم‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬العمارة‭.. ‬هل‭ ‬هي‭ ‬العمارة‭ ‬الإسلامية،‭ ‬التراثية‭ ‬البحرينية‭ ‬الخليجية‭.. ‬مدارس‭ ‬أو‭ ‬اتجاهات‭ ‬أخرى؟

بالطبع، فالهندسة المعمارية أو تخصص العمارة له مساقات مختلفة تشمل: التصميم المعماري، العمارة الإسلامية، عمارة البيئة، الصوتيات والضوئيات في المباني، وغيرها، ومن أهم مجالات اهتماماتي هو إدارة المشروعات الكبيرة وتحليلها كأنظمة معقدة متداخلة باستخدام أدوات التحليل الشبكي (أحد العلوم التحليلية الجديدة التي ذاع صيتها خلال الألفية الجديدة)، لتوفير نهج أكثر ذكاء وأكثر كفاءة وشمولية، ويعتبر هذا المنهج التحليلي أنموذجًا جديدًا في إدارة المشروعات حيث يصورها كشبكات ذات أبعاد متداخلة تتغير هيكليتها ذاتيًا بحسب نوع المهمة المطلوب إنجازها دون الحاجة للاعتماد على دوائر صنع القرار في التنظيم المنصوص عليه في الاتفاقيات التعاقدية، فهذا التصور يقدم صورة أقرب للواقع في شرح إدارة المشروعات الكبيرة، إذ إن التغيير في الهيكلية هو السمة الأبرز في هذه الشبكات مقارنة بالصورة النمطية المعروفة في الإدارة، فالثبات في الهياكل والتنظيمات عنصر مهم لاستقرار وإنجاز المشروعات.

 

وللتوضيح أكثر أقول إن الفائدة المرجوة من هذا المبحث هو مساعدة المؤسسات على تصميم أنظمة توفر قدرات تواصل ذات فعالية عالية تلامس الشبكات الوظيفية بشكل مباشر، كما أنها تساهم في فهم سلوك الشبكات التعاونية المشاركة في إنجاز المهمات المعقدة في المشروعات، والذي بدوره يؤدي إلى تحسين الترتيبات التعاقدية وإعادة تصميمها لتعكس تكوينات العلاقة الصحيحة المطلوب تنفيذها من قبل العملاء وأصحاب المصلحة في المشروع.

 

ويوفر هذا المنهج التحليلي الجديد لمديري المشروعات توصيات قائمة على الأدلة والبيانات ذات المصداقية العالية، وهذا المنهج مناسب بشكل خاص لأولئك الذين يديرون مشروعات البناء والهندسة المعقدة التي اعتمدت تقليديًا على الهياكل والأدوار التنظيمية البسيطة نسبيًا المبنية من خلال إبرام عقود ذات شروط وبنود تُعنى بتوضيح ما يجب على كل طرف القيام به دون النظر في كيفية إنجاز المهمات المطلوبة على أرض الواقع. وعلى النقيض من ذلك، يقدم منهج التحليل الشبكي وسيلة أكثر تطورًا بكثير لرصد وتحليل وإدارة الأنظمة المؤسسية بأنواعها المختلفة بما في ذلك الأنظمة ذات الطابع الانتقالي/ المرحلي، ولذا، فإن هذا الجانب يوصي العاملين والباحثين في إدارة المشروعات الكبيرة بتبني النموذج الشبكي كأسلوب إداري جديد قائم على تحويل دور مديري المشروعات من أوصياء عن مخرجات العمل إلى عناصر موجهة وداعمة للتغيير، ومن ثم تمكين العاملين في المشروعات بمختلف رتبهم الهيكلية من إنجاز مهامهم عن طريق تنمية حس المسؤولية لديهم.

في‭ ‬العام‭ ‬2019‭ ‬أحرزتم‭ ‬جائزة‭ ‬حمدان‭ ‬بن‭ ‬محمد‭ ‬للابتكار‭ ‬في‭ ‬إدارة‭ ‬المشروعات‭ - ‬الاستخدام‭ ‬المبتكر‭ ‬لممارسات‭ ‬إدارة‭ ‬المشروعات‭ - ‬الفئة‭ ‬الأكاديمية،‭ ‬ماذا‭ ‬مثل‭ ‬لكم‭ ‬هذا‭ ‬الإنجاز؟

يسرني أنكم أشرتم إلى هذا الحدث المهم في مسيرتني؛ لأن الحصول على هذا التقدير العالمي المرموق، والظفر بالتشرف بلقاء سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم والاستماع إلى تهنئته الكريمة على العمل الذي قمت به على مدار السنوات الأربع في دراسة الدكتوراه، يعد علامة فارقة كبيرة ولحظة فخر لمملكة البحرين، وليست لي ولعائلتي فحسب، فكان ذلك هو المسك وأفضل ختام لرحلة الدكتوراه الشاقة ولله الحمد والمنة.

ما‭ ‬أبرز‭ ‬الأفكار‭ ‬التي‭ ‬تبحثونها‭ ‬حاليًا‭ ‬لتطوير‭ ‬العمل‭ ‬بالقسم؟

يسعدني أن أطرح لكم وللقراء الكرام رؤيتي وأهم التطلعات والأهداف المستقبلية لإدارة القسم، وأوجزها في التالي:

  • الاستفادة من الخبرة المكتسبة من جائحة كورونا لتطوير طرق وأدوات التعليم بعيدًا عن الأساليب التعليمية التقليدية، وبما يضمن جودة التعليم، بالإضافة طبعًا إلى الاستفادة من هذه الخبرات في تحسين الإدارة اليومية للقسم.
  • تعزيز الشراكة بين جامعة البحرين والجامعات الإقليمية والعالمية لا سيما في مجالات البحث العلمي وتنظيم الندوات والمحاضرات وتبادل الخبرات.
  • تقوية العمل المشترك بين الجامعة والشركات العاملة في قطاع الهندسة، لتأهيل الطلبة وإعدادهم بما يتناسب مع احتياجات سوق العمل، كل ذلك من أجل تعزيز فرصهم للحصول على الوظيفة بعد التخرج.
  • في الوقت الراهن، نعمل على تطوير المناهج والمواد التعليمية بما يتناسب مع متطلبات السوق والاعتمادات المحلية والعالمية، بالإضافة إلى اقتراح برامج جديدة منها مقترح برنامج الدراسات العليا (الدكتوراه).

يطرح‭ ‬قسم‭ ‬العمارة‭ ‬والتصميم‭ ‬الداخلي‭ ‬ثلاثة‭ ‬برامج‭ ‬في‭ ‬المرحلة‭ ‬الجامعية،‭ ‬الأولى‭ ‬هي‭: ‬البكالوريوس‭ ‬في‭ ‬العمارة،‭ ‬والبكالوريوس‭ ‬في‭ ‬التصميم‭ ‬الداخلي،‭ ‬والبكالوريوس‭ ‬في‭ ‬عمارة‭ ‬البيئة‭. ‬وفي‭ ‬مرحلة‭ ‬الدراسات‭ ‬العليا‭ ‬يقدم‭ ‬القسم‭ ‬ماجستير‭ ‬العمارة،‭ ‬كيف‭ ‬تقيمون‭ ‬الإقبال‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬البرامج‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬الشباب‭ ‬البحريني‭ ‬من‭ ‬الجنسين؟‭ ‬وهل‭ ‬الفتيات‭ ‬أكبر‭ ‬نسبة؟

باختصار، أؤكد لكم أن الإقبال كبير على التخصصات، فتخصص العمارة يأتي في الصدارة، يعقبه التصميم الداخلي، ثم عمارة البيئة الذي يعتبر تخصصًا جديدًا نوعًا ما، إذ تم طرحه في العام 2018، ومن المؤمل أن تتخرج الدفعة الأولى منها هذا الفصل.. الإقبال عليه كبير والبنات لهن النسبة الأكبر.

 

من‭ ‬منظوركم،‭ ‬كيف‭ ‬ترون‭ ‬مستقبل‭ ‬الخريجين‭ ‬في‭ ‬سوق‭ ‬العمل؟

لعلني أتطلع إلى الكثير ردًا على هذا السؤال، ولكن دعني أقول إن مستقبل الخريجين يلزمنا أن ننظر إلى أننا بحاجة إلى استثمار الفرص وتطوير الإمكانات ومخرجات الطلبة، بما في ذلك إقامة شراكات مع المؤسسات الهندسية والادارات ذات العلاقة، وبالمقابل هناك حاجة لخلق فرص وظيفية بمساقات تخصصية مختلفة للخريجين؛ لأن السوق متشبعة بالتخصص العام، وهذا ما وضعناه نصب أعيننا لنركز على إعادة النظر في البرامج المطروحة وقياس مدى احتياج سوق العمل.