العدد 5685
الأربعاء 08 مايو 2024
banner
عبدالجبار الطيب
عبدالجبار الطيب
غطاء إصدار النقود
الأربعاء 08 مايو 2024

يمكننا القول بأن غطاء إصدار النقود المتداولة في السوق قد مر بعدة مراحل وهي بالترتيب:

1- الغطاء الذهبي الكامل: في هذا الأسلوب وجب تأمين غطاء كامل (100 %) من الذهب الخالص، سواء أكان في شـــكل سبائك أم في شكل مـــسكوكات أم غـــيرها لإصدار الــعملة الــورقية (البنكنوت)، ومعنى هذا أنه لا يمكن إصدار ورقة نقدية دون أن يكون لها غطاء كامل من الذهب.


وهنا وجب ملاحظة أن الذهب يُقوم بسعر السوق، وبالتالي كلما زادت قيمة الذهب زادت قيمة العملة والعكس صحيح، ولكن من جانب آخر أصبح من العسير أن تستمر الدول في ربط عملتها بالذهب بشكل كامل لندرة الذهب، لذلك تم العدول عن هذا الأسلوب لكونه لا يتماشى مع متطلبات ديناميكية السياسات الاقتصادية والنقدية، فظهر الأسلوب الثاني وهو الغطاء الذهبي الجزئي.


2- الغطاء الذهبي الجزئي: وهذا النظام ابتدعته انجلترا منذ إصدار قانون Peele عام 1844م، وبمقتضى هذا النظام يستطيع البنك المركزي إصدار أوراق نقدية حتى حد معين ينص عليه القانون مقابل سندات حكومية عوضاً عن الذهب، وما زاد على ذلك يغطى بالذهب.


ولكن هذا النظام ثبت مع التجربة عدم مرونته لعدم توافر الذهب دائما في حالة الرغبة لمزيد من الإصدارات، مما جعل التوجه ناحية أساس جديد وهو الغطاء الذهبي النسبي.


3-    الغطاء الذهبي النسبي: في هذا النظام يحدد المشرع الغطاء الذهبي أولاً بنسبة معينة من حجم الإصدار مثلاً 30 %، ويغطى بقية الإصدار من سندات حكومية وأوراق مالية تتوافر فيها شروط ضمان خاصة.


ويمتاز هذا النظام عن سابقه أن التغطية تكون بسندات حكومية وأوراق مالية أخرى وفق الأصل مما يوسع من القدرة على تغطية الإصدارات بحيث لا يكتفى فقط بالتغطية بالذهب، وتم هجر هذا النظام لندرة الذهب عند الحاجة لإصدار عاجل.


4-    نظام الحد الأقصى للإصدار: في هذا النظام لا يوجد رابط ولا علاقة ما بين الورقة النقدية والذهب، ولا ترتبط الورقة النقدية المصدرة بسندات حكومية أو أوراق مالية، وبالتالي فالإصدار لا يحتاج لأية تغطية له، ولكن يكون الإصدار محددا بمبلغ معين وفقا للقانون، ويترتب على ذلك أن البنك المركزي مقيد بحجم معين من الأوراق النقدية التي يستطيع إصدارها.

ومن هنا تكمن السلبية حيث إنه في حال بلوغ الإصدار للحد الأقصى سواء بالإصدار دفعة واحدة أو على دفعات فإن البنوك المركزية لا تملك الزيادة إلا بتعديل تشريعي أو إصدار تشريع جديد، مما يعني عدم القدرة على ضخ أوراق نقدية حالا، وبالتالي في الفترة ما بين الحاجة لمزيد من الأوراق النقدية وحتى صدور التشريع ستدخل الدولة في حالة انكماش نقدي مما يخفض الطلب الكلي ويؤثر بشكل سلبي على الاقتصاد في الدولة.


5-    نظام الإصدار الحر أو الإصدار غير المقيد: هو النظام السائد في العالم في الوقت الحالي، ويختلف هذا النظام عن سابقه في أن المشرع لا يضع حدا معينا (حد أقصى) لإصدار الأوراق النقدية (البنكنوت)، فحجم الإصدار يدخل ضمن السلطة التقديرية للبنك المركزي، وهذه السلطة التقديرية بلا شك تخضع لاعتبارات موضوعية منها ألا تكون كمية النقود أكثر من حاجة السوق مما قد يؤدي لتضخم يفقد العملة الوطنية قوتها وكذلك لا تكون كمية النقود أقل من حاجة السوق مما يدفع لحالة انخفاض في الطلب الكلي وصولاً لركود اقتصادي، وهذا هو النظام الغالب في تطبيقات الدول في وقتنا الحالي.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية